يوم السبت الماضي اجتمع رؤساء روسيا فلاديمير بوتين وتركيا رجب طيب اردوغان وفرنسا ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل في اسطنبول في قمة رباعية سورية العنوان اصدروا في ختامها بيانا مشتركا أكدوا فيه دعمهم لسيادة ووحدة هذا البلد واستعدادهم للإسهام في إرساء السلام والاستقرار فيه. وجاء في ابرز نقاطه، التمسك بسيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في جهود تسوية الأزمة السورية مع رفض الأجندات الانفصالية التي تهدد سيادة ووحدة سوريا والأمن القومي للدول المجاورة. دعم الحل السياسي للأزمة وتعهد “العمل معا لتهيئة الظروف التي تشجع على حل سياسي يحقق السلام والاستقرار” في سوريا. التأكيد على أن حل الأزمة السورية لن يكون عسكريا، وإنما عبر مسار سياسي قائم على المفاوضات بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. أهمية زيادة التعاون والتنسيق بين جميع المبادرات الدولية الرامية إلى الإسهام في إيجاد حل مستدام وثابت وفعال للأزمة. تحقيق وقف إطلاق نار شامل في سوريا ومواصلة العمل المشترك ضد الإرهاب… دعوة إلى تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري الجديد قبل نهائية العام 2018 بهدف تحقيق الإصلاح الدستوري وتهيئة الأرضية لانتخابات حرة ونزيهة برعاية أممية يشارك فيها جميع السوريين بمن فيهم المغتربون، وتلبي أعلى معايير الشفافية والشرعية. تأكيد أهمية تهيئة الظروف المناسبة في عموم سوريا للعودة الآمنة والطوعية للنازحين واللاجئين إلى أماكنهم الأصلية، وحماية العائدين من الزج بهم في صراع مسلح، ومن الاضطهاد السياسي أو الاعتقال التعسفي، وتوفير البنية التحتية للعائدين، كما تطرق المجتمعون الى كيفية التعامل مع العقوبات الاميركية ضد ايران وشددوا على ان لا معارك بعد الان في ادلب على ان تحل الازمة سياسيا وبالحوار.
وعلى هامش القمة عقدت لقاءات جانبية كان الابرز بينها لقاء اردوغان – بوتين الذي حدد خريطة الطريق لحل الازمة في سوريا وكيفية انهاء النظام الحالي، الى جانب قمة بوتين – ماكرون التي ركزت على وجوب استعجال الحل في سوريا لانهاء وضع النازحين بعدما باتت اوروبا تنوء تحت هذا العبء.
وبحسب قراءة ديبلوماسية لنتائج ما افضت اليه القمة ومداولاتها الداخلية، فإن وجهة نظر المشاركين جاءت متطابقة حول مستقبل سوريا، بعدما اسقط الغرب شرط تنحي الرئيس بشار الاسد لبدء المرحلة الانتقالية في ضوء قرار اتخذ بأن لا دور للاسد في سوريا الجديدة، وهو، بحسب ما ابلغت اوساط دبلوماسية “المركزية” ما دفع بوزير الخارجية السوري وليد المعلم الى اعلان موقفه الشهير عشية القمة الرباعية خلال استقباله المبعوث الاممي لحل الازمة السورية ستيفان دي ميستورا، حينما قال “ان دستور سوريا امر سيادي لا تسمح سوريا بتدخل خارجي فيه وهي التي تضع النظام ويشارك في صيغته الشعب عبر ممثليه”. هذا الاعلان، رأت فيه الاوساط غمزا من قناة الموقف الروسي الذي ابلغ جهات خارجية انه انجز وضع الدستور الذي يرتكز الى وحدة الارض والشعب والمؤسسات. واستغربت في الوقت عينه توقيت العملية التي قام بها تنظيم “داعش” في دير الزور ضد قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي تحظى بدعم اميركي وطرد عناصرها من المنطقة، ذلك انها جاءت بعد اعلان قمة اسطنبول التشدد في وقف النار ومعالجة وضع ادلب بالحوار والحل السياسي.
وتعتبر الاوساط ان قمة اسطنبول لم تقف عند حدود مقرراتها امس الاول اذ ان مداولاتها ستحضر مجددا على هامش الاحتفال بالذكرى المئوية للحرب العالمية الاولى التي تعقد في فرنسا وبدعوة منها في 11 تشرين الثاني المقبل، وسط ترقب لقمة متوقعة بين بوتين والرئيس الاميركي دونالد ترامب في لقاء هو الثاني بينهما بعد قمة هلسنكي، من دون استبعاد توسيع بيكارها ليضم الرئيس ماكرون ايضا، خصوصا ان لقاء ماكرون- بوتين في تركيا عرض لقمة فرنسا وبرنامج عملها الذي يتخذ اهميته من كونه يناقش بعد العقوبات الاقتصادية الاميركية الاقسى على ايران مطلع الشهر المقبل والانتخابات النصفية الاميركية للكونغرس في 6 تشرين الثاني بحيث يصبح آنذاك متاحا رسم تصور للمرحلة المقبلة وخريطة طريق معالجة الازمات العالمية انطلاقا من انهاء الصراع في الشرق الاوسط بدءا من الازمة السورية، وليس ملف النازحين برمته بعيدا منها.