عامان مرا على دخول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا رئيسا للجمهورية في 31 تشرين الاول 2016، “مدجّجا” بتسوية “ثلاثية الابعاد” شبك خيوطَها رئيسُ القوات اللبنانية سمير جعجع الذي كان المبادر الى دعم ترشيحه، ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي قرر آنذاك اتخاذ الموقف عينه لإخراج البلاد من تحت سيف الشغور الرئاسي الذي كاد يقضي عليها، والتيار الوطني الحر، فوُلد من رحم هذا التفاهم، عهد جديد، شهد طلعات ونزلات، وأتاح تحقيق الكثير في بعض المجالات لكنه تعثر في مجالات أخرى. وفي السطور القادمة، تجري مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية”، “جردة” سريعة لأبرز ما نجح فيه العهد وتضيء ايضا على نقاط إخفاقاته…
رئيس الجمهورية ومعه حكومة “استعادة الثقة” التي شكّلها الرئيس الحريري “أنجزا” حيث فشل أسلافهما، فانتزعا موازنة كانت “بعيدة المنال” منذ العام 2005، وأوقفا صرف الدولة على القاعدة الاثني عشرية الذي استمر 12 عاما.
فريق العمل نفسه، نجح في اجتراح قانون انتخاب جديد طوى نهائيا صفحة قانون الستين واعتمد للمرة الاولى النسبية بعد ان كانت الاكثرية العمود الفقري للقانون السابق. وأكمل إنجازه هذا بإبرام انتخابات نيابية في يوم واحد في كل لبنان في 6 ايار 2018، بعد تمديدين للمجلس النيابي، ويسجل للرئيس عون في السياق استخدامه صلاحياته والمادة 59 من الدستور لمنع اي تمديد جديد لعمر البرلمان… التوافق السياسي الذي خيم على البلاد ولا سيما على أجواء بعبدا – بيت الوسط أتاح ايضا إنجاز تعيينات ادارية وعسكرية ودبلوماسية تعثرت لسنوات. أما أمنيا، فسمح الغطاء نفسُه بتحرير جرود السلسلة الشرقية من الارهابيين (حيث تموضعوا منذ سنوات)، تحت ضربات الجيش اللبناني الذي أطلق عملية فجر الجرود التي لم تنته الا بتنظيف المنطقة من “داعش” و”النصرة”.
ومن أهم إنجازات العهد ايضا، مؤتمرات الدعم الدولي للبنان التي عقدت في روما وباريس وبروكسل والتي أمّنت مساندة واسعة للبنان عسكريا واقتصاديا واستثماريا… ومن هنا، تنتقل المصادر لتعداد بعض النقاط التي لم ينجح فيها الرئيس عون والحكومة في العامين الماضيين. ففيما قررت الدول المانحة مساعدة بيروت على اساس تقيّدها “النأي بالنفس”، بقي هذا الالتزام حبرا على ورق البيان الوزاري “المنقّح” الذي عاد في ضوئه الرئيس الحريري عن استقالته من الرياض. فاستمرت مشاركة حزب الله في الحرب السورية وفي ميادين أخرى، كما واصل انتقاداته للسعودية وللدول الخليجية. أما الاستراتيجية الدفاعية التي يفترض ان تنتهي الى حصر السلاح بيد القوى الشرعية فقط، فلم يطلق الرئيس عون بعد اي حوار في شأنها علما انه تعهد بذلك امام أكثر من دبلوماسي غربي وعربي واممي…
معيشيا، لم يتمكن الرئيس “القوي” الآتي الى بعبدا رافعا شعار الاصلاح والتغيير، من تحقيق الكثير. فأزمة السير بقيت على حالها وشح المياه ايضا، في وقت لم يتمكن العهد من ايجاد حل نهائي وطويل الامد لازمة النفايات. أما التقنين الكهربائي فالى اشتداد.
وفيما ينتقد كثيرون خطوة تركيب عدادات للمولدات الخاصة، على اعتبار انها تشرّع قطاعهم وتدل الى ان انقاذ القطاع لا يبدو قريبا، لا يمكن المرور مرور الكرام على الضجة التي أثيرت في العامين الماضين حول خيار استئجار البواخر التي قال عنها خصوم وزير الطاقة في الحكومة وحتى حلفاؤه، إنها نتاج “صفقة”. اما اداريا، فانتقد كثيرون الطريقة التي اعتمدت لانجاز التعيينات، معتبرين انها حصلت بالتراضي ووفق منطق المحاصصة والمحسوبيات وتجاوزت الآليات القانونية.
نزوحا، يواصل الرئيس عون الضغط لتأمين العودة الآمنة والطوعية الى سوريا من دون انتظار الحل السياسي للصراع، غير ان مقاربته لم تتمكن حتى الساعة من تحقيق الهدف واطلاق قطار العودة… العهد لم يزل في بداياته وأمامه 4 سنوات اضافية لتحقيق مشاريعه، وقد يكون من المفيد الاسراع في التأليف لمواصلة المشوار، تختم المصادر.