كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:
تطايرتْ الأسئلة في بيروت عن خلفيات وتداعيات انفجار «لغم» تمثيل السنّة الموالين لـ«حزب الله» في الحكومة العتيدة والذي أطاح بموعدِ صدور مراسيم تأليفها الذي كان مُفْتَرَضاً أمس.
ففي اللحظة التي كانت تُعدّ «مراسم» ولادة الحكومة بعد إعلان حزب «القوات اللبنانية» موافقته على دخول الحكومة بالحصة التي عُرضت عليه ونزْع ما صُوِّر على أنه العقدة الرئيسية في مسار التأليف، وقعتْ البلاد مجدداً في قبضة التشاؤم مع «الكمين» الذي أعاده «حزب الله» الى الواجهة عبر طرْح معادلة لا حكومة بلا السنّة الموالين له، وهو ما أرفقه برفْضه تسليم أسماء وزرائه الثلاثة قبل حسْم توزير أحد هؤلاء.
وفيما كان من الصعب حتى أولى ساعات مساء أمس تَلمُّس المدى الذي ستأخذه هذه العقدة والمدة الزمنية التي سيستغرقها إيجاد مَخْرجٍ لها بما يحول دون الإطاحة بمجمل عملية التأليف، فإن اندفاعة «حزب الله» برمي ما يشبه «القنبلة الموقوتة» بين أيدي رئيسيْ الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بدت حمّالة أوجه سواء في خلفياتها المحتملة أو مَخارجها المُمْكنة، وسط توقُّف أوساط سياسية في هذا السياق عند المقاربات الآتية:
* إن القراءة بين سطور القطبة المخفية في تَمسُّكِ «حزب الله» وفي «الخمس دقائق الأخيرة» بإدخال حلفائه السنّة الى الحكومة تراوح بين أكثر من احتمال، أوّلها الرغبة بترحيل مجمل الملف الحكومي الى ما بعد انقشاع الرؤية في مسار العقوبات الأميركية الأقسى على إيران في الرابع من نوفمبر ونتائج الانتخابات النصفية في الكونغرس وخصوصاً ان المنطقة تشهد تحولات مفصلية لم يكن أقلها إثارة زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي الى مسقط. وثانيها محاولة كسْر الحريري عبر مدّ اليد الى بيته السني استكمالاً لعملية «الأكل من صحنه» التي بدأت في الانتخابات «النسبية» وما يعنيه ذلك على المستويين الداخلي والاقليمي. وثالثها إحراج الحريري لإخراجه ربْطاً بالمتغيرات الاقليمية، ورابعها «ترويض» التوازنات في الحكومة وتحديداً لجهة الدفْع نحو حلّ عقدة سنّة 8 مارس بتوزير أحدهم من حصّة عون فيكون أشبه بـ«الوديعة» التي تُفقِد رئيس الجمهورية وحزبه الإمساك بالثلث المعطّل اي 11 وزيراً، وهو ما سيحصل عليه ضمناً عبر الوزير الدرزي الثالث الذي تُرك له أمر تسميته، وسط أجواء أوحتْ أيضاً بأن هذه النقطة هي بمثابة «لغم نائم» قد يعاد تحريكه.
* إن عقدة تمثيل النواب السنّة الموالين لـ«حزب الله» محكومة بخطين أحمرين لا يلتقيان، الأول رسمه «حزب الله» تحت عنوان أن المطالبة بتمثيل حلفائه ليست مناورة وان الكرة في ملعب عون والحريري لإيجاد حلّ أسوة بما حصل مع «القوات اللبنانية» إذا كانا يريدان تسريع الولادة الحكومية وإلا فلا حكومة، وهو ما اكتسب جدية أكبر بعد اللقاء المعلَن أمس بين هؤلاء النواب والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل. والخط الثاني حدّده الحريري برفْض اي تنازل عن مقعد سني من حصته، معتبراً عبر أوساطه انه غير معني بهذه القضية وأن ما يقوم به «حزب الله» هو محاولة فرْض عرف جديد على الرئيس المكلف من جهةٍ تعتبر نفسها الأقوى وهذا ما لن يقبل به على الإطلاق وأن لا حلّ إلا بتراجُع «حزب الله» عن موقفه «وإلا ليفتّشوا عن غيري لرئاسة الحكومة».
وبين الخطيْن الأحمرين، يتمّ التركيز على ان يتولى عون رسْم «خط أزرق» لاحتواء العقدة وتفادي تأجيل تشكيل الحكومة ربما الى السنة الجديدة، وذلك إما عبر توزير أحد نواب سنّة 8 مارس من حصته، وسط طرْح سيناريوات مثل السعي الى توزير شخصية مستقلة تحظى بموافقتهم.
وفيما لم يكن اتّضح موقف عون، هو الذي كانت مصادره اعتبرت ان الحلّ عند الحريري، فإن هذه العقدة كانت محور لقاء بعيد عن الإعلام عُقد مساء أمس بين رئيسيْ الجمهورية والحكومة المكلف وسط حرْص مصادر مطلعة على موقف عون على تأكيد ان الأخير «يرى ان لا عقد بلا حل، وكما حلّت عقدة تمثيل القوات من الممكن ايجاد حل للعقدة السنية وأنه ينتظر الحريري ليعملا معا على ايجاد حل لهذه النقطة العالقة»، مقابل إبداء أوساط سياسية على معرفة بخفايا مسار التأليف ان «لا حلّ في الأفق أقله حتى الساعة لهذه المشكلة».