أشار رئيس الجمهورية ميشال عون إلى “أننا بلد ديمقراطي متعدد أكثر من اللازم، والحكومة يجب أن تكون وفق معايير محددة فلا تهمّش لا طائفة ولا مجموعة”، معتبرًا أن “لو رضي الجميع بأحجامهم لما حصلت أي مشكلة. ولقد تبين أخيرًا مسألة تمثيل السنة المستقلين. إن العراقيل غير مبررة، واستعمال التأخير كتكتيك سياسي يضرب الاستراتيجية الوطنية التي نحن في أمسّ الحاجة إليها، خصوصًا في هذه المرحلة الدقيقة”.
ولفت، في حوار إعلامي مفتوح بمناسبة السنة الثانية من عهده، إلى “اقتراب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التضييق المالي”، مؤكدًا أن “كل دقيقة تأخير تكلّفنا عبئًا كبيرًا”.
وعن العقدة السنية وعدم حلها وتأثير ذلك، قال عون: “هم أفراد وليسوا كتلة. لقد تجمعوا أخيرًا وطالبوا بتمثيلهم، نحن يهمنا أن يكون رئيس الحكومة قويًا لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة. ويجب أن يدركوا ألّا ثغرة في الوحدة الوطنية، ولا يجوز أن يحصل ما يحصل اليوم”.
وسئل عما إذا كان بالإمكان بذل المساعي لحل العقد، أشار إلى أن “الوضع ليس سهلًا، وأنا أقدّره جيدًا. أما حكومة الأمر الواقع فلا أعتقد أنها تحترم”.
وعن التقاتل بين “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”، شدد عون على أن “هذا ليس تقاتلًا، وإنما اختلاف في وجهات النظر. نحن مختلفون في السياسة، وليس على الوطن”.
وردًا على سؤال عن السبل لتأمين الخدمات للناس والتحقيق في معاناتهم، أشار عون إلى أن “هناك قضايا لا إمكانات لتنفيذها، وأخرى فيها تقصير، والتقصير سنعمل على معالجته”” لافتًا إلى “ضرورة ملء الفراغ في المؤسسات، وهناك من يعمل على مقاومة ذلك”، مطالبًا الحكومة المقبلة بـ”العمل”.
وأضاف: “هناك حاجة إلى تشريعات في مجلس النواب، وهناك ما يقع على مسؤولة الحكومة. أما وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد فيجب أن نضع بتصرفه أجهزة رقابية”.
وعن أزمة الكهرباء، قال: “بالنسبة إلى الكهرباء هناك مشاريع تحتاج إلى سنتين، والمشكلة أن هناك فراغًا في الوقت يجب أن يملأ بانتظار إنشاء محطات الإنتاج”، آملاً من “مجلس الوزراء الجديد أن يقوم بتسهيل العمل”.
أما عن الإنجازات التي حققها، تحدث عون عن “أننا أخذنا قرار فتح تلزيم لجميع المتعهدين، ومنعنا الاتفاقات بالتراضي. لقد سبق وتحدثت في إفطار رمضاني عن مكافحة الفساد وموضوع النازحين السوريين والوضع الاقتصادي، والأمر الأول الذي قمنا به هو تلزيم النفط، الذي يشكّل ثروة للبنان، كما وضعنا خطة “ماكينزي” الاقتصادية”.
وعن القضاء، أعلن “أننا نحضّر لمؤتمر في مطلع السنة المقبلة يتعلق بالقضاء يكون المتكلمون فيه القضاة والهيئات التي تهتم بحقوق الإنسان، وهذا يعطينا فرصة لإصلاح القوانين بناء على الاقتراحات والتوصيات التي سيخرج بها”. كما أعلن “التحضير لمؤتمرات تعنى بالإنتاج لنقل لبنان من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد الإنتاج”.
وعن الأجهزة الأمنية، أكد أن “التنسيق قائم في ما بينها. أما الاشكال الذي حصل في المطار بين جهازين أمنيين فالتحقيق فيه قائم وسيتحمل المسبب به المسؤولية، ولن تذهب هذه القضية من دون محاسبة”.
وعن الوضعين المالي والاقتصادي والمخاطر حولهما، لفت عون إلى “أنني لست قلقًا حاليًا، ولكن إذا أكملنا هكذا فالخطر أكبر. إن الوضع الاقتصادي سيئ لكنه موروث، ولم يحصل الآن”.
وعن العقوبات الاميركية على “حزب الله” وبيئته، أكد عون أن “كل لبنان سيتأثر بها، المصارف أحيانًا لا تقبل ودائع إذا كان لديها شكوك”، واصفًا إياها بـ”الاستعمار المالي لأنها تحد من تصرف أي شخص بأمواله”.
وعن تقرير البنك الدولي، ذكر عون “أننا نعمل على تشريعات. لدينا عجز كبير. لقد صرف اللبنانيون 5 مليارات ونصف مليار في الخارج على السياحة، مقابل 3 مليارات أتت إلى لبنان من السياحة هذا العام”.
وعن رؤية العهد للإصلاح المالي، أشار عون إلى أن “البلد بقي 12 سنة بلا موازنة، فهذا أمر لم يكن مقبولًا. في عام 2011، فرض تكتلنا أن يحصل قطع حساب، فوجدنا أنه لم يحصل منذ عام 1996”.
وعن تخطي الوزراء موازناتهم، قال: “تجري مساءلتهم عن ذلك، وسنرى القضاء ماذا سيفعل. وفي حال تطبيق القوانين، يمكننا مساءلة من كان مسؤولًا في السابق في القضايا المالية”.
وطالب “المؤسسات التي تهتم بالنازحين بأن تقدم المساعدات إليهم في سوريا، وليس في لبنان”، مؤكدًا “أننا سنصل إلى مرحلة نعالج فيها مسألة النازحين بالتفاهم مع سوريا، وبمعزل عن المؤسسات الدولية. وإن الوفود الدولية التي تزورنا تشكرنا بأجمل الكلام على استقبالنا للنازحين، ولكن عندما نطلب منها مساعدتنا على إعادتهم إلى بلدهم، تتراجع ويتبدل موقفها”.
ونوّه بوجود “سوريا هي في مجلس الامن وفي الأمم المتحدة، والكل أكد بقاء الرئيس بشار الأسد، ونحن لدينا مصالح معها”.
وأشار إلى أن “المبادرة الروسية في مجال عودة النازحين السوريين تعرقلت”، لافتًا إلى أن “الامين العام للأمم المتحدة لا يمكنه اتخاذ القرار لوحده”، متسائلًا: “هل يمكنه التأثير على أميركا”؟
وعن احتمال لقائه بالأسد، قال عون إن “هذا مرهون بالأمور”، مضيفًا: “هناك من يتهمنا بالعنصرية، لكن لا نستطيع أن نتحمل أكثر مما نتحمل، فالأحوال لا بد ستتغير، وهناك آلاف ممن عادوا الى سوريا، ولم يتعرضوا لضربة كف”.
وردًا على سؤال عن معبر نصيب، رأى أن “هذا المعبر هو مصلحة لبنانية اقتصادية”، متسائلًا: “كيف يمكن أن ندير ظهرنا له؟”. وأضاف: “لقد عبرت في المحافل الدولية عن موقف لبنان من كل التطورات والأحداث بكل استقلالية وشجاعة مع التزامنا الكامل بالنأي بالنفس”.
وعن موقفه من المقاومة، شدد على “أننا لا يمكن أن ننكر واقعًا تاريخيًا في بلدنا. السبب في نشوء المقاومة كان الاحتلال الإسرائيلي، والتهديد الاسرائيلي ما زال قائمًا، وهناك قسم من أرض لبنان ما زال محتلًا”.
وعن زيارة الوفود الاسرائيلية إلى بعض الدول العربية، قال إن “ضعف المواقف العربية أدى إلى عدم الحديث عن قضية فلسطين، باستثناء لبنان”.
وجدد دفاعه عن “وجود المقاومة” بالقول إن “شرعة الأمم المتحدة تسمح بذلك”.
وعن علاقته بالرئيس المكلف سعد الحريري، رأى عون أن “نواياه طيبة لبناء لبنان، رغم أننا نختلف أحيانًا في الرأي، فهو الأقوى في طائفته، علمًا أن عدد نوابه انخفض في الانتخابات الأخيرة”.
وعن كيفية الخروج من المأزق الحكومي الحالي، جدد التأكيد أن “التكتيك السياسي قد يضرب الاستراتيجية الوطنية ويفتح ثغرة في الوحدة الوطنية”، وقال: “هنا، أضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فالجميع ضحى في مكان ما وتنازل، ونأمل أن تحل العقدة الأخيرة في القريب العاجل”.
وتوجّه ختامًا إلى اللبنانيين قائلًا: “أعرف أن التحديات كبيرة، وقد وعدت بمحاربة الفساد وألتزم بوعدي، وإذا وُضِعت العراقيل أمامي فأنتم، الإعلام والشعب، مدعوون لمساندتي في هذه المعركة”.
وأضاف: “أيها اللبنانيون، محبتكم وثقتكم ودعمكم هي التي أوصلتني إلى الرئاسة، وأعدكم بأني لن أخذلكم وسأظل أسعى وأحاول لتنفيذ وعودي، والمحافظة على ثقتكم”.