Site icon IMLebanon

دعوات إلى مجلس النواب لسنّ قانون تحكيم تجاري مستقلّ

شكل “مؤتمر لبنان الدولي – دور التحكيم التجاري الدولي في التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات العامة” الذي نظمته الهيئة العليا للوساطة والتحكيم الدولي بالاشتراك مع المحكمة الدولية لندن، فرصة ثمينة للتأكيد على أهمية التحكيم الدولي والوساطة في جذب الاستثمارات التي يحتاجها لبنان بشدة.

وفي وقت شهد المؤتمر على مدى يومين مجموعة محاضرات لعدد من الخبراء والمحكمين والقضاة من لبنان ودول عربية وذلك غداة الإعلان عن ولادة هيئة عليا رسمية للوساطة في لبنان، كشف رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المحكمة الدولية لتسوية النزاعات ورئيس اتحاد الوسطاء الشباب الدولي في لندن المستشار الدكتور مدحت البنا أنه بعد تصويت الهيئة العليا لدائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المحكمة الدولية اختير القاضي المستشار سايد سيدة رئيساً لممثلية لبنان بدائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المحكمة الدولية لتسوية النزاعات.

يشدد سيده على ان اهمية التحكيم بشكل عام تكمن في سرعة الأحكام التي يصدرها، ما يؤثر على جلب الاستثمارات الدولية للبنان بالذات، ففي حال لم يجد المستثمر ان التحكيم الدولي متوفر في البلد الذي يريد ان يستثمر فيه فـ”سيهرب” من البلد ولن يستثمر فيه، لأنه يريد قضاءً سريعاً ويحمي ويحفظ له حقه بسرية تامة.

ويلفت الى ان “لبنان كان من بين الدول الأولى التي وقعت الاتفاقات الدولية بين الدول العربية ونطمح ان يكون رائدا في التحكيم الدولي وبالتالي جلب الاستثمارات على لبنان”.

من جهتها، تقول الدكتورة المحامية ريتا سيده ان من اهم مميزات التحكيم الدولي انه يتميز بالسرعة لأنه “خلافا للقضاء العادي لا تستمر القضايا لسنوات طويلة في المحاكم”. وتلفت الى ان “النزاع الذي يراد حله بواسطة التحكيم او الوساطة او غيرها سيصدر الحكم فيه ضمن مهلة اقصاها ستة أشهر وهذه ميزة اساسية يتميز بها التحكيم فضلا عن المرونة والسهولة أكثر في الاجراءات والسرية”.

وتعرب عن اسفها لأن لبنان لا يؤمن بشكل كبير بقانون بموضوع التحكيم اذ ان القضاء العادي يرفضه لأنه يعتبر ان التحكيم او الوساطة وغيرها تتنافس مع القضاء العادي او قضاء المحاكم، وبالتالي هناك حرب غير معلنة. وتضيف ان “القانون اللبناني لا بأس فيه بموضوع التحكيم لكنه بحاجة لكثير من التعديلات لان فيه الكثير من الثغرات”، داعية الى العمل “حتى ننشر ثقافة التحكيم او الوساطة او غيرها من الوسائل على امل ان يصبح المجتمع مؤهلا ويدرك انه باستطاعته ان يلجأ الى هذه الوسائل بدلا من القضاء”.

بدورها، تعتبر المستشارة جاكي عكر ان التحكيم والاستثمارات التجارية وجهان لعملة واحدة وبالتالي عند اعتماد التحكيم كقضاء خاص بديل عن القضاء التقليدي العادي فإننا “نشجع بشكل مباشر الاستثمارات وحركة التجارة وازدهارها لان التجار لا سيما الدوليين منهم لا يثقون بالغالب في قضاء الدول النامية بما ان التجارة بشكل عام تحكمها أسس تميزها عن غيرها من الاعمال أهمها السرعة والأمانة وهما الخاصيتان الاساسيتان للتحكيم”.

وعن أهمية هذه النوعية من المؤتمرات، تشدد عكر على ضرورة المواظبة على نشر ثقافة التحكم والمتابعة بالجهود لمواكبة الدول المتطورة بهذا المجال لتطال شريحة أكبر.

وفي السياق ذاته، يلفت المحامي يوسف بولس بو صالح الى ان لبنان بحاجة لاستثمارات جديدة خصوصا بعد المشاريع الضخمة على صعيد استخراج النفط ومعامل الكهرباء ومعالجة النفايات في وقت ان الشركات الأجنبية لا تتشجع بالمجيء الى لبنان ان لم تطمئن الى سلامة هذه الاستثمارات، وبما أن القضاء يضمن حسن سير العمل بين الدولة والافراد والشركات فإن القضاء العادي قاصر عن احقاق الحق بسرعة انما في ظل قضاء التحكيم عبر محكمة التحكيم الدولي فسيصل كل صاحب حق الى حقه بأقصى سرعة. ويضيف: “نحتاج الى قوانين جديدة تتيح للأفراد والمؤسسات اللجوء الى التحكيم والسرعة والسرية هي المطلوبة بمثل هذه النزاعات، ما يؤدي الى الاسراع في عملية التنمية والاستثمار في لبنان”.

اما الدكتور المستشار الدكتور احمد عبد الصادق من مصر فيشير الى ان لبنان من الدول القليلة التي لم تعدل تشريعات التحكيم ولم تخرج قانون التحكيم من قانون الإجراءات المدنية ولم يشرع كذلك قانون تحكيم مستقلا متكاملا متوافقا مع القانون النموذجي للتجارة الدولية الصادر عن الأمم المتحدة. ويعتبر ان من اهم الأمور التي تؤدي الى ضعف الاستثمارات الأجنبية في لبنان عدم وجود تشريع متكامل للتحكيم التجاري الدولي لان المستثمر يرفض ضخ أموال في أي دولة لا يوجد بها قانون تحكيم متكامل.

ويطلب من مجلس النواب ضرورة تعديل قانون التحكيم واخراجه من القانون المدني وإقرار قانون مستقل يتضمن كافة الإجراءات المطلوبة من النظام الدولي كما يدعو الى فصل قانون التحكيم عن الإجراءات المدنية لان التحكيم أصبح نظاما عالميا اقرته كل الدول. ويشدد على ان التحكيم الداخلي يخفف العبء عن المحاكم العادية ولا يسلب اختصاصها.

اما الدكتور المستشار مدحت البنا فيؤكد ان لا أحد يستطيع الانتظار في المحاكم عشرات السنوات حتى الانتهاء من قضيته، فيما ان تأخير دفع التعويضات اسوأ من عدم دفعها وعندما لا نستطيع حل النزاعات من خلال المفاوضات فيكون التحكيم هو الحل الوحيد الذي يوفر الوقت والوقت يوازي المال.

ويضيف: “المعروف ان لبنان بلد خدماتي، وإذا أصبح مركزا للتحكيم التجاري فسيكون بالإضافة للخدمات الطبيعية التي يقدمها مثل السياحة وغيرها، وسيستطيع ان يحل المنازعات بين الخليج ودول أخرى، الامر الذي سيؤهله ليأخذ مكانة أكبر كدولة خدماتية، ما سيرتد ايجابا على الاقتصاد اللبناني ويحل ازمة الدين”.

وفي السياق ذاته، يؤكد القاضي الدكتور خالد عكاشة من الأردن ان التحكيم التجاري أصبح القضاء الخاص بالنسبة للاستثمارات ويعد الوسيلة المثلى والافضل لفض المنازعات، لاسيما ان هناك علاقة فردية بين التنمية المستدامة وجلب الاستثمارات وايضا علاقة فردية بين التنمية المستدامة والاستثمارات والتحكيم، حيث أصبح التحكيم والتنمية المستدامة والاستثمار وجهان لعملة واحدة.