كتبت هديل فرفور في صحيفة “الأخبار”:
بوشرت أعمال الحفر على شاطئ الناعمة تمهيداً لتشييد المشروع السياحي الذي سيشغل أكثر من 71 ألف متر مربع من الأملاك البحرية. الأعمال بدأت قبل انتهاء دراسة تقييم الأثر البيئي، ما يُشكّل مخالفة للقوانين. فيما لا يزال مجلس شورى الدولة يبحث في استدعاء قدم إليه للطعن في المرسوم الرقم 3247 الذي أجازت الحكومة بموجبه للشركة صاحبة المشروع استغلال الملك العام واستثماره.
خلافاً للقانون، وقبل انتهاء دراسة تقييم الأثر البيئي، بدأت «شركة هبة العقارية» (المقاول جهاد العرب أبرز المُساهمين فيها وأحد أعضاء مجلس إدارتها) الأشغال لتشييد مشروع سياحي على ساحل منطقة الناعمة العقارية (قضاء الشوف)، بعدما أجازت لها الحكومة في 26 نيسان الماضي (المرسوم رقم 3247) إشغال نحو 71 ألفاً و234 متراً مربعاً من الأملاك العامة البحرية.
رئيس بلدية الناعمة شربل مطر أبلغ «الأخبار» أن البلدية رخّصت للشركة البناء على الملك الخاص فقط، «أما في ما يتعلّق بالأعمال المنوي تنفيذها على الملك البحري، فهي من مسؤولية وزارة الأشغال والحكومة». وأوضح أنّ المشروع يتضمّن إنشاء نحو 30 فيلا على «العقارات البريّة التي تعد ملكاً خاصاً». أما «المُخطّطات» المنوي تنفيذها على الملك العام البحري، «فالصورة لا تزال غير واضحة في شأنها» بحسب مطر. فيما علمت «الأخبار» أن الشركة تنوي إنشاء سبعة مسابح ومُنشآت رياضية ومارينا لليخوت.
أعمال الجرف على الشاطئ بدأت بالفعل منذ نحو أسبوع تمهيداً لإقامة سنسول بحري، قالت مصادر متابعة للملف إن «الدولة ستتكبّد نفقات إنشائه، تماماً كما كان يقضي مخطط المشروع السياحي في موقع الدالية في الروشة». وعزت ذلك إلى أن الجهة السياسية التي كانت تقف خلف مشروع الدالية هي نفسها خلف مشروع الناعمة، والمقصود بها رئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة سعد الحريري.
بدء الأعمال يأتي في وقت يدرس مجلس شورى الدولة طعناً لإبطال مرسوم الإشغال البحري الذي حازت عليه الشركة. إذ تقدّمت جمعيتا «نحن» و«الخطّ الأخضر»، نيابة عن «ائتلاف الشاطئ اللبناني»، في التاسع من الشهر المنصرم، باستدعاءين أمام المجلس لإبطال المرسوم الرقم 3247 والمرسوم الرقم 3248 المتعلّق بإشغال أملاك بحرية في منطقة ذوق مصبح العقارية (صدر المرسومان في الجلسة نفسها).
المدير التنفيذي لـ «المُفكرة القانونية» المحامي نزار صاغية أشار إلى أن تقديم الطعن لا يُرتّب توقيف الأعمال قبل صدور القرار النهائي عن «الشورى»، لكنه لفت إلى أن الأشغال الحالية «مخالفة للقانون لأنها استبقت انتهاء دراسة تقييم الأثر البيئي».
يُذكر أنّ مرسوم إشغال الأملاك العامة البحرية في منطقة الناعمة تضمّن، بحسب مُقدّمي الاستدعاء، كثيراً من المخالفات «البديهية» و«الواضحة»، أبرزها رفض المجلس الأعلى للتنظيم المدني للمشروع ومخالفته المرسوم 4810 (المتعلّق بمنح رخص إشغال الأملاك البحرية) لجهة طبيعة المُنشآت المُستخدمة على الشاطئ. إذ ينص هذا المرسوم على عدم السماح بإنشاءات دائمة على الأملاك العامة البحرية سوى ما يعود منها للتجهيزات الرياضية والتنظيمية (…)، فيما يسمح المرسوم الرقم 3247 لـ«شركة هبة العقارية» إقامة ناد صحي وجسر فوق المياه وحدائق ومرفأ للمراكب السياحية ورصيف صيانة للمراكب وغيرها على مساحة 2900 متر مربع. ولم يُحدّد للشركة المساحة التي يمكن ردمها، علماً أن المساحة الإجمالية القابلة للردم تُقدّر بنحو 39 ألف متر مربع.
في مقابل تأكيدات مطر على الملكية الخاصة للعقارات المنوي إقامة المنشآت «البرّية» عليها والتي على أساسها منحت البلدية الرخصة، يؤكّد رئيس جمعية «الخط الأخضر» علي درويش لـ «الأخبار» أن الخرائط «تُظهر أن البحر يصل إلى نصف العقار الذي يُزعم أنه خاص»، مُتسائلاً حول كيفية «تحوّل» هذه العقارات إلى عقارات خاصة.
وإلى ذلك، تبرز إشكالية مهمة تتعلّق بـ «شبهة» تعدّي المشروع على الأملاك التابعة لمصلحة السكك الحديد. رئيس مجلس إدارة المصلحة زياد نصر أكّد أن هناك أملاكاً تابعة لها على ساحل الناعمة ــــ الدامور، لافتاً إلى أنه «بسبب إزالة لافتات أملاك المصلحة، بات الاعتماد على الخرائط الوسيلة الأبرز لتحديد هذه الأملاك». وقال إن السلطات المحلية المتمثلة بالبلدية قادرة على تحديد ما إذا كان المشروع يتعدى على الملك العام التابع للسكك الحديد، «وفي حال ثبت أي تعد على أملاك المصلحة، فإنّه يتوجب تعطيل الأعمال».
وبحسب «ائتلاف الشاطئ اللبناني»، وصل عدد المنتجعات الشاطئية التي شُيّدت في السنوات العشر الأخيرة على شاطئ الناعمة والدامور إلى عشرين، قبل أن ينضمّ المشروع الجديد إلى اللائحة التي ستطول حتماً في حال استمرت سياسة قضم الشاطئ لمصلحة الشركات الخاصة.