كتب علي البغدادي في “المستقبل”:
لا تخفي الولايات المتحدة رغبتها بمنح رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي دوراً في المشهد العراقي من خلال إشرافه على «الحشد الشعبي» في مهمة لا تخلو من الصعوبة من أجل ضبط الفصائل الشيعية المسلحة المنضوية فيه، والمقربة من إيران، لمنع تكرار تجربة الحرس الثوري من خلال الاستحواذ على مؤسسات الدولة.
وأبلغت مصادر سياسية مطلعة «المستقبل» بأن «المبعوث الأميركي إلى العراق برت ماكغورك يسعى مع بعض الكتل السياسية الفاعلة، إلى إبقاء العبادي في الساحة السياسية من خلال منحه دوراً أمنياً يتمثل بالإشراف على الحشد الشعبي، لضبط عمل فصائل شيعية بعضها وثيق الصلة بإيران، تحاول الهيمنة على مفاصل الدولة العراقية وخدمة المشروع الإيراني بالتمدد والهيمنة على المنطقة».
وأشارت المصادر إلى أن «واشنطن تريد مساعدة العبادي للسيطرة على الحشد الشعبي، ووضعه تحت إمرته في مهمة تبدو شاقة إن لم تكن مستحيلة، خصوصاً مع عدم امتثال العديد من الفصائل لأوامره عندما كان رئيساً للحكومة، لكن واشنطن لا ترغب بتولي شخصية مجهولة أو لا ترتبط بعلاقة بها، لرئاسة الحشد، كون ذلك يؤثر على خططها لتحجيم النفوذ الإيراني في العراق أو المنطقة»، موضحة أن «واشنطن مهتمة بتحجيم دور الحشد وإعادة دمجه في المؤسسة العسكرية الرسمية بدلاً من ترك دوره سائباً وبتعليمات فضفاضة تجعل منه خطراً إقليمياً وهو ما دفعها لدعم العبادي لرئاسته».
في سياق مواز، كشف مصدر مطلع أن «العبادي يتولى حالياً رئاسة الحشد الشعبي بالوكالة، بالأمر من رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي، وذلك لتسيير أمور الهيئة إلى حين اختيار رئيس جديد لها»، لافتاً إلى أن «حراكاً سياسياً يجري الآن بهدف تنصيب العبادي على رأس هيئة الحشد بالأصالة بدل الوكالة، وفق الاستحقاق الانتخابي الذي حصل عليه ائتلاف النصر (بزعامة العبادي) الذي حصل عليه في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة».
ووفقاً لمصادر من هيئة «الحشد الشعبي» فان «هناك رفض من معظم قيادات الفصائل لتولي العبادي رئاسة الهيئة، بسبب خلافات معه عندما كان رئيساً للوزراء، وأهمها توقيف تنفيذ بعض فقرات قانون الحشد الشعبي، والذي صوّت عليه البرلمان العراقي في 2016»، مؤكدة أنه «ليس من المستبعد على الرغم من كل المواقف المعترضة، بأن يقوم عبدالمهدي باختيار العبادي رئيساً لهيئة الحشد بالأصالة بدلاً من الوكالة».
وكان العبادي قد أصدر قبيل انتهاء ولايته، أمراً بإعفاء فالح الفياض المعروف بعلاقاته الوثيقة بإيران، من مناصب مستشار الأمن الوطني، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، وجهاز الأمن الوطني لكنه (الفياض) قدم طلباً أمام محكمة القضاء الاداري لوقف الإجراءات الخاصة بإمر إعفائه من مناصبه، لكن العبادي أكد قانونية إجراءات عزل الفياض الذي تم ترشيحه لمنصب وزير الداخلية، لكن اعتراضات كتلة «سائرون» (المدعومة من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر) أدت إلى تأجيل التصويت عليه إلى الأسبوع المقبل في حال تلافي الخلافات بشأنه.
ولم تقتصر الخلافات بين القوى والأحزاب السياسية النافذة في البرلمان العراقي على الوزارات المهمة، وإنما شملت تقاسم الهيئات المستقلة في الدولة.
وقال مصدر مطلع إن «الأيام الماضية شهدت خلافات بين جهات سياسية متنفذة على تقاسم الهيئات المستقلة وخصوصاً أمانة بغداد، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة النزاهة، وهيئة الإعلام والاتصالات وغيرها»، مشيراً إلى أن «جهات سياسية تسعى للحصول على بعض الهيئات المهمة، بينما تحاول جهات أخرى منعها من الحصول عليها».
وأضاف المصدر أن «عبد المهدي سيعتمد نفس الآلية التي شكّل بها حكومته بمنح الهيئات إلى الجهات والقوى السياسية أي الأحزاب تقدم له مرشحين لهيئة معينة وهو يختار أحد مرشحي الأحزاب والكتل».