كتب وفيق قانصوه في صحيفة “الأخبار”:
المواقف على حالها من عقدة تمثيل «سنّة 8 آذار» حكومياً. وفيما تجمّدت كل خطوط التواصل لإيجاد مخارج، وبقي كل طرف على موقفه، بدا واضحاً حرص حزب الله والتيار الوطني الحر على عدم تظهير التباين الحالي كنقطة اشتباك سياسي تهز التحالف القائم بينهما
«الجميع بات فوق الشجرة. لا اقتراحات ولا وسطاء ولا حلول بعد» لما بات يُعرف بـ«عقدة تمثيل سنة 8 آذار». الرئيس المكلف سعد الحريري «قال كلمته ومشى» برفض أي تمثيل للنواب السنة من خارج تياره في حكومته، متسلحاً بدعم رئيس الجمهورية ميشال عون له، فيما حزب الله ثابت على موقفه من منطلق الوفاء لحلفائه الذين لطالما غمزوا من قناة تخليه عنهم عند كل اتفاق مع تيار المستقبل.
ورغم أن الجهود معطّلة في انتظار عودة الحريري من زيارته الخاصة لباريس، فإن غيابه يتيح المجال أمام الجميع من أجل إجراء مراجعة هادئة للمخارج الممكنة. ومع انقطاع الوساطات، سُجّل دخول «أصدقاء» على خط ايجاد الحلول التي لم تتضح معالمها بعد، فيما عُلم أن الاتصالات «الروتينية» لم تنقطع بين وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس لجنة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا.
الى ذلك، بدا أن كلاً من بعبدا وحارة حريك حريصتان على عدم السماح لأحد بالاستثمار في التباين الحالي، وتظهيره كنقطة اشتباك بين حزب الله والتيار الوطني الحر.
مصادر مطلعة على موقف بعبدا أكّدت أن إعلان عون في مقابلته التلفزيونية قبل يومين دعمه الحريري كان «تعبيراً عن حرصه على سرعة التأليف، وعن أجواء رئيس الحكومة». وبالتالي، «المشكل ليس بين الرئيس وحزب الله»، مشيرة الى أن «الكلام عبر البث المباشر قد يكون له أحياناً وقع غير ذاك الذي تعبّر عنه البيانات المكتوبة»، فيما علمت «الأخبار» أن باسيل عمّم على التيار بضرورة التهدئة على مواقع التواصل الاجتماعي.
في المقابل، ترفض مصادر 8 آذار حتى إطلاق وصف «الاهتزاز» على المرحلة الحالية من عمر تفاهم مار مخايل الذي ينهي في السادس من شباط المقبل عامه الثالث عشر. تذكّر المصادر بكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في 4 تشرين الثاني 2016، عن أن «من يسكن قصر بعبدا جبل اسمه ميشال عون، رجل وقائد وصادق وشجاع ووطني وشخصية مستقلة لا يُباع ولا يُشترى». وتؤكد أنه بعد عامين تماماً من هذا الكلام… ما من شيء تغير، إذ إن الطرفين اختبر أحدهما الآخر في محطات أكثر صعوبة ومفصلية: من عدوان تموز 2006، مروراً بأحداث 7 أيار 2008، ومشاركة حزب الله في القتال في سوريا، وليس انتهاءً بحملة التشكيك الضخمة في حقيقة موقف الحزب من الاستحقاق الرئاسي والتباين في الانتخابات النيابية الأخيرة، وفي الموقف من كثير من الملفات في الحكومة الحالية. وبالتالي، فإن تحالف الحزب مع عون ودعمه للرئاسة لم يكونا من منطلق الوفاء فحسب، بل أيضاً لأن الرجل «عصيّ على الضغوط الخارجية».
تؤكد المصادر أن علاقة الحزب بالرئيس والتيار «ممتازة»، وليس مطروحاً على الاطلاق أن تهتز بسبب خلاف تكتيكي. وتحالف الطرفين يحتاج إسقاطه إلى أكثر بكثير من خلاف على مقعد وزاري، إذ إنه ليس من طراز تفاهم معراب الذي أسقطته خلافات من نوع بواخر الكهرباء وتعيين مدير عام لمجلس إدارة التلفزيون. كما أن الكلام عن «ثنائية عون ــــ الحريري» في مواجهة حزب الله أمر غير مطروح لدى أي طرف.
رغم ذلك، فإن الحزب متمسّك بمطلبه تمثيل النواب السنّة من خارج تيار المستقبل حكومياً، بشكل مماثل لتمسكه بتمثيل تيار المردة وتسليمه وزارة الأشغال. وهو لا يخشى من اتهامه بالتعطيل، لأنه سلّف الحريري بالذات الكثير سابقاً، باعتراف الرئيس المكلف نفسه، وليس آخرها موقفه الداعم لإقرار قوانين «سيدر» في جلسة تشريع الضرورة الأخيرة.
في رأي المصادر، المطلوب حوار هادئ ومحاورة النواب السنّة المستقلين والاستماع الى مطالبهم والبحث معهم في المخارج، وسيقبل الحزب بما يقبلون به. «وفي نهاية المطاف، الحكومة ستتشكل عاجلاً أو آجلاً. المسألة مسألة وقت». إذا أخفق الحزب في إيصال حلفائه، فهذا دليل على أنه ليس «حاكماً مطلقاً» للبلد كما يصوّر خصومه، وإذا نجح يكون قد وفى لحلفائه الذين وقفوا الى جانبه لسنوات طويلة في وجه الفتنة المذهبية والداعشية السياسية. وفي كل الأحوال، لا يعقل أنه فيما تلفظ المنطقة بأكملها عقل محمد بن سلمان وسياسته، هناك في لبنان من لا يزال يريد الاستمرار في فرض هذه العقلية الإقصائية.