Site icon IMLebanon

تهديدات باحتجاجات في الشارع وسط شلل جهود التشكيل

كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الأوسط”:

بلغ الانقسام حيال تشكيل الحكومة صفوف «الهيئات الاقتصادية» و«الاتحاد العمالي العام»، بعدما كان الطرفان قد هدّدا باللجوء إلى الإضراب إذا لم يتم تأليف الحكومة بنهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وانعكس هذا الأمر على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.

وبعد انقضاء هذه المهلة والتعثّر في تأليف الحكومة، الذي وصفته «الهيئات الاقتصادية» بـ«الفاجعة الكبيرة على اللبنانيين وعلى الاقتصاد اللبناني الذي بات ينحدر بشكل سريع»، عقدت اجتماعاً وأعلنت على أثره أنها ستدعو إلى الاعتصام. وبدا لافتاً غياب «الاتحاد العمالي العام» عن اللقاء بعدما كان الطرفان قد اعتادا على عقد اجتماعات عدّة معا وأنشآ لجنة مشتركة مصغّرة للتنسيق، وهو ما يشير إليه رئيس «الاتحاد العمالي» بشارة الأسمر طارحاً علامة استفهام حول عدم دعوتهم.

في المقابل، أكد رئيس «الهيئات الاقتصادية» محمد شقير لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار النهائي سيتّخذ بالاتفاق مع شركائنا بمن فيهم «الاتحاد»، والاجتماع الذي عقد كان فقط مخصصاً لـ«الهيئات الاقتصادية»، وسيعقد اجتماع آخر للتنسيق بشأن الخطوات المقبلة.

لكن رئيس «الاتحاد العمالي» بشارة الأسمر يرى أنه غير معني بالقرارات التي اتخذتها «الهيئات الاقتصادية»، رغم أنّه كان طوال الفترة الماضية حاملاً راية الدعوة إلى الإضراب، لكنه ارتأى، في اجتماعه الأخير مع «الهيئات»، التوصل إلى حل وسط، نتيجة رفض «الهيئات» للتصعيد، عبر منح القوى السياسية فرصة إضافية، بحسب ما يقول الأسمر، معتبراً أن اللجوء إلى الشارع في هذه المرحلة قد يشكّل خطراً، وقد يعتبر ضد فريق دون آخر.

من جهته، وأمام الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يزيد تأزماً نتيجة التأخير في تشكيل الحكومة، يؤكّد شقير أن التوجّه هو إلى الدعوة للاعتصام لإطلاق صرخة، ومن ثم الدعوة إلى الإضراب المفتوح، وهو ما سيتّخذ القرار بشأنه بين يومي الاثنين والثلاثاء، آملاً أن تتشكّل الحكومة في أسرع وقت قبل اللجوء إلى الشارع.

أما الأسمر فقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في المرحلة السابقة كانت الأمور غير واضحة تماماً، ولكنّها تحمل بعض الأمل بتشكيل الحكومة، لذا كنا نعتبر أن الضغط لا بدّ أن يظهر في مكان ما، أما اليوم وفي ظل الوضع السياسي الحالي، فإن اللجوء إلى الشارع قد يؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها، ونرفض أن نتحمّل نحن المسؤولية». ويؤكد «أي قرار سيتخذ يجب أن يدرس بتأّن كي لا يؤخذ في غير موضعه ويفسّر في غير مكانه».

ولا ينفي الأسمر أن هناك اختلافاً بين «الهيئات» و«الاتحاد»، ويقول: «رغم هذا سننتظر طبيعة تحرّك الهيئات الاقتصادية وسنتخذ القرار المناسب»، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه وبعد التعثّر الحكومي الأخير يعقد «الاتحاد» اجتماعات دائمة، وهو في طور اتخاذ القرار المناسب حول طبيعة التحرك الذي سيقوم به. ويوضح: «لا بد أننا سنعمل على تشكيل حالة ضغط على المسؤولين والمعنيين، لكننا سندرس طبيعة هذا الضغط، لأن اللجوء إلى الشارع اليوم يحمل في طياته مخاطر كبيرة».

وفي اجتماعها الذي عقدته أول من أمس، برئاسة رئيسها محمد شقير وبمشاركة أعضائها، بحثت «الهيئات الاقتصادية» تعثر تشكيل الحكومة والتقرير الذي أصدره البنك الدولي عن لبنان والخطوات التصعيدية التي تنوي اتخاذها. وعبّر المجتمعون عن «صدمتهم الشديدة حيال تعثر تشكيل الحكومة بعد أكثر من 160 يوماً على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليفها». ووصفوا في بيان هذا التعثر بـ«الفاجعة الكبيرة على اللبنانيين وعلى الاقتصاد اللبناني الذي بات ينحدر بشكل سريع»، مبدين تخوفهم من أن «المماطلة سيكون لها تداعيات خطرة، لا سيما الكلفة الكبيرة على الاقتصاد وعدم القدرة على المعالجة إلا من ضمن آليات ستكون أشد إيلاماً وكلفة على البلد وشعبه».

وناقشت الهيئات تقرير البنك الدولي عن لبنان، مبدية قلقها الشديد وخوفها من الاستنتاجات التي وصل إليها التقرير عن الأوضاع الاقتصادية والمالية «ومدى تأثيرها الشديد على استقرار الأوضاع الاقتصادية في لبنان»، محذرةً من أن «البلد بات يعيش في حال من عدم التوازن على مستوى اقتصاده وقطاعاته وماليته العامة».

وأعلنت «الهيئات» أنها «انطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية، اتخذت قراراً حازماً بمواجهة هذا الواقع المرير والخطر، بتنفيذ ما أعلنته في بيانها السابق بتاريخ 12 أكتوبر 2018 بالذهاب إلى التصعيد، وهي قررت في هذا الإطار تنفيذ اعتصام ستحدد مكانه وزمانه في الأيام المقبلة».