كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يطلّ لبنان على أسبوعٍ مفصلي محكومٍ بعنوانيْن، محلي هو دخول عقدة تمثيل النواب السنّة الموالين لـ«حزب الله» في الحكومة العتيدة «حيّز التنفيذ»، وإقليمي – دولي هو دخول العقوبات الأميركية الأقسى على إيران وأذرعها حيّز التنفيذ.
وإذا كانت العقدةُ السنية، التي شكّلتْ «ضوءاً أحمر» من «حزب الله» علّق ولادة الحكومة، تنتظر كلمةً قد تكون حاسمةً لمآل هذه المسألة كما لمجمل مسار التأليف يلقيها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يوم السبت المقبل، فإنّ اكتمال نصاب العقوبات الأميركية على إيران بدءاً من يوم غد يستقطب الاهتمام في بيروت التي ترصد «نصيب» حزب الله منها.
ففي حين يبدو لبنان جاهزاً لملاقاة الإجراءات الأميركية الزاجِرة عبر قطاعه المصرفي الذي أرسى «مانعةَ صواعق» تُجَنِّبُه أي «دعسات ناقصة»، فإنّ أحداً في بيروت لا يملك أجوبة شافية حول المدى الذي قد تبلغه «العقوبات المفتوحة» والتي تجد «بلاد الأرز» نفسها في دائرة أخطارها نظراً الى كون «حزب الله» محوراً أساسياً فيها، سواء عبر قانون العقوبات الخاص به، أو من خلاله حضوره بقوة في «دفتر الشروط الـ12» التي وضعتْها واشنطن لطهران كمدْخلٍ لرفْع العقوبات عنها، وتحديداً في البند 6 الذي ينصّ على «إنهاء دعم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط بما فيها (حزب الله)، وحماس، وحركة الجهاد».
وابتداءً من اليوم ستكتسب أزمة تشكيل الحكومة أبعاداً جديدة باعتبار أنها صارتْ على تماسٍ مع «خطوط التوتر العالي» غير المسبوقة التي ترتسم في المنطقة على الجبهة الأميركية – الإيرانية، أولاً من خلال المخاطر المتعاظمة جراء التسليم الداخلي لإصرار «حزب الله» على تولي حقيبة الصحة في الحكومة العتيدة رغم التحذيرات الشديدة من أن واشنطن لن تقف مكتوفة حيال مثل هذا الأمر هي التي تملك مفتاح توسيع دائرة العقوبات على الحزب لتشمل حلفاء وربما مسؤولين لبنانيين، وثانياً عبر تَحَوُّل سلوك «حزب الله» في الملف الحكومي مقياساً لكيفية مقاربته «زمن العقوبات».
وفي هذا الإطار، تصرّ أوساط سياسية على ربْط تأخير «حزب الله» ولادة الحكومة بذريعة التمسك بتوزير حلفائه السنّة ولو على حساب تعريض علاقته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون للاهتزاز بالعوامل الإقليمية وبالحاجة الى ترْك الأمور معلَّقة في لبنان أقلّه لرصْد مفاعيل «الصدمة الأولى» التي ستُحْدِثها العقوبات على إيران ليُبنى على الشيء مقتضاه، وسط تَرقُّبٍ لما ستحمله الأيام المقبلة على صعيد العقدة السنية وإذا كان الحزب سيمضي أو يرفع من وتيرة نهجه المتشدّد حيالها تحت عنوان «لا حكومة من دون حلفائنا السنّة مهما طال الزمن» أم أنه سيمهّد تباعاً لعملية «هبوطٍ آمن» من «أعلى الشجرة» بما يفتح الباب أمام تسوية تكون «مهداةً» لحليفه رئيس الجمهورية ولا تبدو تراجعُاً أمام الرئيس المكلف سعد الحريري الذي لاقاه عون في «معركة» رفْض إضعافه بتمثيل النواب الستة من خارج عباءته.
وفيما توقفتْ الأوساط السياسية نفسها عند استحضار «حزب الله» بلسان رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين وفي معرض إصراره على توزير حلفائه السنّة ان الحزب يملك وحلفاءه الغالبية في البرلمان وان نتائج الانتخابات الأخيرة فرضت وقائع جديدة «ونحن لم نطالب أن تكون كل نتائج الانتخابات محقَّقة على المستوى السياسي»، قلّلتْ مصادر أخرى من ارتباط موقف «حزب الله» في ما خص الملف الحكومي بمجريات الوضع الاقليمي، معتبرةً ان الحزب يستكمل رفْع السقف الى الحدّ الأقصى في العقدة السنية لانتزاع هدفٍ رئيسي يتمثّل في عدم تمكين فريق رئيس الجمهورية من الحصول على الثلث زائد واحد في الحكومة العتيدة، كما أنه يرفع «البطاقة الصفراء» بوجه ما ظَهَر على أنه تناغُم بين رئيسيْ الجمهورية والحكومة المكلف على إدارة التوازنات في الحكومة بمعزل عن الثنائي الشيعي.
وإذ كان لافتاً أمس إعلان نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «اننا مع تشكيل الحكومة بأسرع وقت ولكن الحل بيد رئيس الحكومة، والسنّة المستقلون يمثلون فئة واسعة من الناس، وحكومة الوحدة الوطنية لا تكتمل إلاَّ إذا تم تمثيل هؤلاء»، تساءلت أوساط متابعة إذا كان ملفّ «العتمة» التي بدأت تدهم البلاد في ظلّ عدم إيجاد حلّ لصرف الاعتمادات لضمان إفراغ حمولة باخرتيْ فيول تنتظران قبالة الشاطئ اللبناني هو في إطار «الكباش» حول العقدة السنية.