على الرغم من اقتناع كثير من المراقبين أو المعنيين بموضوع تأليف الحكومة، بأن الأزمة الحكومية المستجدة، أو المفتعلة، ليست في وارد إيجاد الحلول لها، قبل ان تتبلور مفاعيل العقوبات الأميركية على إيران، فإن بعض المعلومات تتحدث عن إمكان ان يشهد الأسبوع الطالع اتصالات ولقاءات لحلحلة عقدة تمثيل النواب السنة المستقلين، في حال عودة الرئيس الحريري من باريس، علماً ان هذه الاتصالات ستتركز اساساً على معالجة موضوع الخلاف في وجهات النظر بين الرئيس ميشال عون و«حزب الله»، على اعتبار ان حل هذا الخلاف يمكن ان يمهد أو يؤسّس لصيغة حل من شأنها ان تفتح «كوة» في موضوع تمثيل النواب السنة من خارج تيّار «المستقبل»، إلا إذا أراد «سعاة الخير» الذين يعملون على رأب الصدع الذي أصاب العلاقة بين الطرفين، بعد الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية في حواره التلفزيوني الأخير، على حصر وساطتهم في معالجة نقاط التباين من دون الدخول في معالجة موضوع الأزمة أو الخلاف، بقصد إبقاء الكرة في ملعب الرئيس المكلف، وليس في ملعب الرئيس عون أو «حزب الله»، الذي قالت مصادره أمس ان المشكلة ليست مع عون الذي نختلف معه في وجهات النظر، لكن ليست هناك قطيعة معه.
وفي اعتقاد أوساط «سعاة الخير» ان موضوع الخلاف بين الرئيس عون و«حزب الله» يمكن إيجاد حلول له بالحوار أو عبر اتصال مباشر، وهو ليس مشكلة لدى الطرفين، في حين ان موضوع تمثيل النواب السنة الستة غير قابل للمعالجة في الوقت الراهن، على الرغم من وجود مقترحات عدّة ما زالت قيد التداول، لكن من دون ان يتبناه أحد كحل مقبول، وقد تحتاج إلى شهرين أو أكثر، ريثما تتضح ابعاد «الكباش الاقليمي» الحاصل في المنطقة سواء على صعيد العقوبات الأميركية أو إيجاد الحلول للازمات المشتعلة في اليمن وسوريا.
وقالت هذه الأوساط لـ«اللواء» ان المساعي التي تقوم بها أكثر من جهة، وخاصة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لم تصل إلى مرحلة إيجاد الحلول المقبولة، وانه لا مجال الآن للدخول في أية محاولات ناجحة قبل ان تبرد الأمور بين أطراف الأزمة، وبخاصة بين الرئيس عون و«حزب الله» وبين الرئيس الحريري والنواب السنة المستقلين.
وزاد من تعقيد الأمور، الاتهام المباشر لـ«حزب الله» بتنفيذ أجندة إيرانية بتعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية، عبر ربط التشكيل بتمثيل حلفائه من النواب السنة، بسبب الصراع الدولي والإقليمي بين الإدارة الأميركية وإيران، هذا الصراع الذي أشار إليه مرجع سياسي رسمي، مبدياً مخاوفه من انعكاسه السلبي على لبنان، خاصة إذا جعل الطرفان من لبنان ساحة لتصفية الحسابات، بحيث يصبح التفاوض بين الكبار اصعب من التفاوض بين أهل البيت اللبناني لحل أي خلاف أو اشكال داخلي، من دون ربطه بتعقيدات الأزمات الإقليمية.
وبحسب الأوساط نفسها، فإنه من غير المرتقب ان يصل الاختلاف بين الرئيس عون و«حزب الله» إلى حدّ القطيعة، إنما هناك اختلاف في الرأي يتم حله بالتفاهم، بعدما تبرد الأجواء المحمومة، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما دفع مسؤولي «حزب الله» إلى التحفظ والهدوء والكتمان في التعاطي مع الموضوع، وإلى معالجته بعيداً عن الضجيج حتى لا يحصل تخريب للمساعي، فيما كان لافتاً للانتباه حرص أوساط رئيس الجمهورية على «تذويب» نقاط الخلاف، حيث أكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عن ان التيار «لن يسمح بانهيار أي علاقة مع أي مكون لبناني مهما بلغت التضحيات، وانه لن يسمح بوقوع انفجار بين هذه المكونات»، واصفاً تياره بأنه «فوج الهندسة في السياسة اللبنانية لتفكيك الألغام أو تعطيلها».
وأشار في خلال العشاء السنوي لهيئة مهندسي بيروت في التيار، إلى ضرورة وضع الحلول المبدعة في الحكومة لحل أي مشكلة قديمة أو مستجدة، وقال: المهم انه مهما فكرنا ومهما صبرنا علينا ان نجمع النّاس حيث تفترق، وان نرسم طريقاً بيانياً لهذه الحكومة بتشكيلها وبيانها وادائها».
وكان باسيل أعلن مساء أمس نتائج انتخابات المكتب السياسي للتيار والتي افرزت نجاح، أعضاء جدد هم: زياد نجار، جيمي جبور، جوزف مهند، وليد الأشقر، وديع عقل وشربل خليل، معرباً عن ارتياحه إلى عدم وجود أوراق بيضاء في العملية الانتخابية.
اما المواقف المعلنة من جانب «حزب الله»، فلم تشر إلى موضوع الخلاف مع الرئيس عون، وشددت على رمي الكرة إلى ملعب الرئيس المكلف من دون الإشارة إلى دور رئيس الجمهورية، لكنه اللافت ان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، أعلن في أوّل موقف علني ان «الحكومة لا تكتمل الا إذا تمّ تمثيل النواب السنة المستقلين على قاعدة ان الجميع تمّ تمثيلهم».
وقال: ان «حزب الله» مع تشكيل الحكومة بأسرع وقت، ولكن الحل بيد رئيس الحكومة، مشيراً إلى ان «هذا أمر يمكن معالجته مع قليل من التفهم والتواضع والمعالجة الصحيحة».