حفلت الساعات الماضية بإشارات واضحة لا لبس فيها تفيد بأن “تعطيل ربع الساعة الأخير”، الذي أصاب المفاوضات الحكومية بداء الشلل، قذف الولادة المنتظرة منذ أكثر من خمسة أشهر إلى أجل غير مسمى بدليل أن الرئيس المكلف سعد الحريري أجّل عودته من رحلته الفرنسية الخاصة، في وقت لم يتوان رئيس مجلس النواب نبيه بري عن المبادرة إلى الدعوة إلى جلسة تشريعية تستضيفها ساحة النجمة الأسبوع المقبل. تجمعت كل هذه المعطيات في الأفق السياسي لتأتي معطوفة على تشدد غير مسبوق من جانب حزب الله إزاء توزير من باتوا يعرفون بسنّة المعارضة، وهو ما أكده نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي بلغ به الأمر أمس حد القول إن “الحكومة لن تكتمل” من دون السنة المستقلين، فيما شدد كثير من كوادر الحزب على أن الكرة هذه المرة في ملعب الرئيس المكلف.
إنطلاقا من هذه الصورة، يصح القول إن قراءة متأنية لموقف حزب الله من “العقدة السنية” تفيد بأنه يتجاوز، في معانيه، المطالبة بحصة وزارية، إلى محاولة تحييد رئيس الجمهورية، الحليف الاستراتيجي للحزب منذ أكثر من عقد من الزمن، عن السجال بين الحزب وبيت الوسط، مؤكدا على العلاقة الجيدة على خط بعبدا- الضاحية الجنوبية.
ويؤكد بعض الدائرين في فلك التيار الوطني الحر لـ “المركزية” أن العلاقة مع الحليف الاستراتيجي التقليدي جيدة، وإن كانت هذه الايجابية لا تحجب الضوء عن التململ إزاء التعطيل الحكومي المستمر والآخذ في استنزاف العهد الذي دخل سنته الثالثة.
وفي محاولة لتشريح أسباب التأخر في ولادة التشكيلة، ترجح الأوساط ثلاث فرضيات، أولاها أن يكون الحزب مصرا على إظهار “الوفاء لحلفائه، وهو ما تتسم به، عموما، تموضعاته السياسية، وهو لم يتوان عن مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية على مدى أكثر من عامين، لايصال مرشحه، العماد ميشال عون، إلى قصر بعبدا من باب الوفاء بالوعد الذي قطعه للجنرال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، إبان حرب تموز 2006.
أما السبب الثاني، فلا تستبعد المصادر أن يكمن في محاولة الايحاء بأن الحزب لا يخشى رزمة العقوبات الأميركية الجديدة، في موقف يلاقي كلام الرئيس الايراني حسن روحاني الذي أعلن أن بلاده “ستواجه بفخر” العقوبات الجديدة، في وقت ترجح الأوساط، في فرضية ثالثة، أن يكون الحزب قد عاد إلى العزف على وتر محاولة “فرض” إرادته على مسار الأمور في البلد، وهي سياسة نجح في تسجيل مكاسب من خلالها في مراحل سابقة .