على خطين متوازيين تسير العقوبات الاميركية على ايران، مع دخولها اعتبارا من اليوم حيز التنفيذ الفعلي، وحزب الله الذي سرت عليه العقوبات بطبعتها الثانية الاشدّ قسوة منذ ايام، وسط ترقب دولي للوضع الايراني وردات الفعل المتوقعة من جهة ومحلي رصدا لتداعيات وانعكاسات العقوبات على الداخل لاسيما اقتصاديا وماليا من جهة ثانية.
واذا كانت طهران تراهن على العامل الزمني وصمودها في مواجهة عواصف الرئيس دونالد ترامب العاتية، علّ الرئيس الخلف الذي يتسلم مقاليد الحكم بعد سنتين يناقض السياسات الترامبية، فإن لبنان القابع في قعر حفرة الازمات على انواعها مضطر للالتزام بحرفية قانون العقوبات التي ستطال وفق ما تقول اوساط مالية لـ”المركزية” كل من له علاقة بالحزب بمن فيهم من يقدم له المساعدات. وتبعا لذلك، فإن القطاع المالي يجد نفسه مضطرا للتشدد في تطبيق العقوبات من دون مسايرة، ولا تستبعد والحال هذه، ان تبدأ في وقت غير بعيد حملة على هذا القطاع تحت اوجه وشعارات مختلفة مواربة او مباشرة، في استعادة لسيناريو سابق استهدف الوسط المالي مع حزمة العقوبات الاولى.
ومع ان حزب الله بحسب اوساطه يقلل من اهمية القانون الجديد وحجم وتأثير عقوباته عليه، باعتبار انها جاءت اقل وطأة مما توقع ومن التهويل والطنين والرنين الاميركي ازاءها، فيما تعتبره اوساط دبلوماسية غربية مجرد مواجهة كلامية لا تقدم ولا تؤخر ولا هدف لها سوى رفع معنويات بيئة الحزب المنهكة اقتصاديا ومعيشيا والمتململة جراء حجم الخسائر البشرية التي يمنى بها شبانها في الحرب السورية، فإن هذه الاوساط تتحدث عبر “المركزية” عن عقوبات جديدة قد تبصر النور في 15 الجاري، ستزيد على طين الوضع المالي الصعب للحزب بلّة. ولا تستبعد الاوساط ان يكون تصلب الحزب في مواقفه الحكومية المستجدة المتمثلة بما يعرف بعقدة توزير سنّة المعارضة ورفعها متراسا في وجه تشكيل الحكومة الحريرية على صلة مباشرة بالعقوبات وكيفية التعاطي معها ماليا في لبنان بحيث قد يجعلها ورقة مقايضة تفيده في ظرف كهذا وصولا الى تفاهم محلي حول سبل تطبيقها.
واذ تستشهد اوساط الحزب بموافقة الحكومة الاميركية على السماح لثماني دول بالاستمرار في شراء النفط الإيراني بعد إعادة فرض العقوبات على طهران لتقول ان كما تهاونت واشنطن مع طهران في هذا المجال يمكن للقطاع المالي اللبناني التهاون او التحايل على القانون لغض الطرف عن بعض ما جاء في متن العقوبات، توضح الاوساط الدبلوماسية لـ”المركزية” ان ثمة من يفهم هذا “التهاون” خطأً. فالدول الثماني وهي الوحيدة التي تستورد النفط من إيران لا تسدد بدل حصولها على النفط الى حكومة الجمهورية الاسلامية بل الى صندوق موضوع في العهدة الدولية لا يمكن استخدام امواله الا لاغراض طبية، واذا ما حاولت اي دولة مخالفة هذه القاعدة ستتعرض بدورها للعقوبات. وتشير الاوساط الى ان مفاعيل العقوبات لن تظهر عمليا قبل بضعة أشهر، متوقعة ان تعمد ايران الى العودة لطاولة المفاوضات اثر اشتداد الخناق عليها، ترى ترابطا بين العقوبات المفروضة على حزب الله واصراره منذ اللحظة الاولى على الحصول على حقيبة الصحة في الحكومة كونها تخضع لاعتبارات يمكن عبرها النفاذ الى حيث قد يتطلع ماليا.
وفي انتظار الموقف الرسمي للحزب ازاء حزمة العقوبات الجديدة الذي يحدده الامين العام السيد حسن نصرالله في اطلالته بعد ظهر السبت المقبل ليقول الكلمة الفصل، وترى الاوساط انه سيجدد الموقف نفسه من ان العقوبات لن تؤثر عليه في محاولة لشدّ عصب شارعه ورفع معنويات بيئته ومناصريه كما العادة.