كتبت آمال خليل في صحيفة الأخبار”:
وكأن لا يكفي نهر الليطاني قرارات المهل الإدارية التي منحها وزير الصناعة حسين الحاج حسن للمصانع الملوثة لتسوية وضعها، ولا التغطية التي منحتها الحكومة لكبار المصانع بالإستمرار في تلويث النهر إلى أن تنشئ محطات تكرير، حتى دخل وزير البيئة طارق الخطيب على «مجرى» النهر. من خارج صلاحياته، وجه الخطيب في 31 تشرين الأول الفائت كتاباً إلى محافظ البقاع كمال أبو جودة يتضمن قراراً بمنح «مؤسسة جرجورة للألبان والأجبان» في جديتا (قضاء زحلة) مهلة لمدة شهر واحد «لاتخاذ الإجراءات المطلوبة للإلتزام البيئي من خلال تصريف المياه المبتذلة الى حفرة صحية مصممة بطريقة تضمن توافق المياه المعالجة مع معايير البيئة، تحت طائلة الإقفال المؤقت ثم الإقفال النهائي في حال عدم الإلتزام». والمؤسسة وردت ضمن الإخبار الذي قدمته المصلحة الوطنية لنهر الليطاني إلى النيابة العامة المالية ضد المؤسسات الملوثة للنهر، بعدما بيّن مسح المصلحة أنها تنتج يومياً 1500 ليتر من المياه العادمة تصب مباشرة في شبكة الصرف الصحي لبلدة جديتا، ثم في مجرى نبع شتورا ثم الليطاني. واللافت بأن القضاء كان قد منح المؤسسة نفسها مهلة مماثلة في 10 أيلول الفائت لاتخاذ الإجراءات ذاتها وتحت الطائلة نفسها!. وسألت مصادر مواكبة عما إذا كانت لقرار الخطيب علاقة بصلة قرابة تربط بين أصحاب المؤسسة وموظف كبير في الوزارة مكلف بتمثيلها في لجنة الإشراف على رفع التلوث عن الليطاني!
قرار الخطيب يأتي بعد جملة قرارات مماثلة أصدرها وزير الصناعة وأعطى بموجبها مهلاً إدارية متكررة لأصحاب المصانع لتسوية أوضاعهم. دور الوزارتين في التغطية على مصادر التلوث الصناعي، صوبت عليه الرؤية التي وضعتها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني لمعالجة مشكلة التلوث الصناعي في الليطاني. إذ تخضع شروط الترخيص بإنشاء المؤسسات الصناعية واستثمارها لأحكام المرسوم رقم 8018/2002، وتصدر التراخيص عن وزير الصناعة بعد أخذ رأي لجنة الترخيص الصناعية في المحافظة التي تضم مندوبين عن وزارات البيئة والصحة العامة والزراعة و المديرية العامة للتنظيم المدني. ونصت الرؤية على أن حماية النهر تبدأ بتطبيق المرسوم 8471/2012 حول الإلتزام البيئي للمنشآت ووضع لائحة بالمصانع التي تتطلب تدخلاً سريعاً وطارئاً.
يأتي ذلك في وقت يعقد البنك الدولي للإنشاء والتعمير، اليوم وغداً، ورشة عمل حول تنظيف الليطاني في مقره في بيروت، دعا إليها ممثلي الوزارات والإدارات المعنية والوكالات الدولية المنضوية في مشاريع تخص النهر. إطار الورشة سيتمحور حول «النظر في الحلول لإدارة التلوث ومناقشة المجالات المحتملة في إطار الحد منه ومن تأثيراته على البيئة والصحة العامة والقطاعات الرئيسية» كما جاء في نص الدعوة. وكان البنك الدولي أبرز ممولي دراسات ومشاريع الصرف الصحي والحد من التلوث طوال السنوات الماضية حين صرفت مئات ملايين الدولارات كهبات وقروض. لكن إينوس أزكوري كبير الخبراء البيئيين في البنك، دعا إلى الورشة بعد جولته على مسؤولي بعض المؤسسات التي تملك القرار في حماية الحوض ووقف مصادر التلوث. رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية نقل عن أزكوري تعليقه على أداء الإدارات الرسمية تجاه ملف تلوث الليطاني بأن «الممولين يبحثون عن شركاء محليين، إنما جديون»!
الى ذلك، وجه علوية كتاباً إلى رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية، طلب منه «اتخاذ الإجراءات اللازمة وفتح تحقيق حول قيام البلديات بتحويل الصرف الصحي لشبكاتها الى مجرى الليطاني وروافده، وتكليف التفتيش المالي إجراء تفتيش حول أوجه انفاق البلديات التي تتذرع بعدم توفر الإمكانيات لديها لإيجاد حلول لصرفها الصحي سوى نهر الليطاني، لا سيما مع تحويل عائدات الصندوق البلدي المستقل لها».