في ظلّ مرابضة كل طرف على موقفه من عقدة تمثيل سنّة 8 آذار في الحكومة العتيدة، ورَفْض اي منهم التنازل للآخر – ما عطّل في شكل شبه تام الاتصالات على خطّ “التأليف” في الساعات الماضية- وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة الى جلسة تشريعية عامة تعقد في الحادية عشرة صباح يومي الإثنين والثلثاء في 12 و13 الجاري، صباحا ومساء، لدرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال.
قرار عين التينة دلّ الى ان اي خرق حكومي مستبعد في المرحلة الراهنة وبالتالي بات ضروريا في رأي سيّدها، فكّ ارتباط التشريع بالتشكيل، واطلاق عجلات العمل “المجلسي” دونما اي تأخير اضافي. الا ان مصادر سياسية مراقبة قرأت في خطوة بري ما يتخطّى أسوار البرلمان. فوفق ما تقول لـ”المركزية”، لا يمكن فصل مسألة تفعيل التشريع عن المستجدات الحكومية، اذ ترجّح ان يكون بري قرر استخدام هذه الورقة للضغط على كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، ووضعهما امام المعادلة الآتية:
إما الاسراع في التأليف وهو ما يتطلّب فتح أبواب مجلس الوزراء العتيد امام ممثل لنواب “اللقاء التشاوري المستقل”، وإلا فإن الحكومة الحالية ستستمر في تصريف الاعمال الى أجل غير مسمّى فيما المؤسسات الدستورية الاخرى، وعلى رأسها مجلس النواب، سيستأنف عمله الطبيعي، وهذه المسألة مشروعة ومتاحة ولا غبار عليها لا دستوريا ولا قانونيا، وسيعمل على التشريع وسنّ القوانين وإقرارها لتسيير امور البلاد والعباد، وملء الفراغ الذي يتركه الشغور في السلطة التنفيذية.
وفي وقت تَواصل الرئيس بري مع الرئيس عون والرئيس المكلف قبيل توجيه الدعوة الى الجلسة، تشير المصادر الى ان الجواب الذي سمعه من الاخير يدل الى انه لم يرتح الى الخطوة كثيرا. وقد بدا لافتا تعميم عين التينة هذا الجو، حيث قالت ان “الحريري لم يتّصل ببري إلا حين أعلن الدعوة لعقد جلسة تشريعية. وقد سأله الرئيس المكلف “مش بكّير”؟ فأجاب بري: “لا مش بكّير. هناك كثير من القوانين المهمّة، كما أن تأمين اعتمادات مالية من أجل شراء المزيد من الفيول يحتاج الى إقرار من المجلس، ووزير المالية ليسَ في وارد مخالفة القانون”.
وبحسب المصادر، فإن الحزم الذي تحدث به رئيس المجلس، معطوفا على اقفاله الباب على اي مبادرة من قِبله لتفكيك العقدة السنية وقوله انه قام بما يمكن ان يقوم به على هذا الصعيد، يعنيان انه قرر الوقوف بوضوح في خندق “حزب الله” والى جانب موقف الضاحية من تمثيل سنّة 8 آذار. وقد فهم الرئيس الحريري، بطبيعة الحال، هذه الرسالة وسيتعين عليه بالتعاون مع رئيس الجمهورية البت في ما سيفعلانه لانقاذ “التأليف” ومنع البلاد من “التطبيع” مع الشغور الحكومي، الذي يدفع باتجاهه الثنائي الشيعي.
المصادر تشير الى ان لجوء الحريري الى تفعيل نشاط حكومة تصريف الاعمال وارد، في خطوة تخلق توازنا مع خطوة بري وتمارس ضغطا مقابلا على الثنائي الشيعي للتعاون في حل العقدة السنية المستجدة، هذا ان كان فعلا راغبا بولادة حكومة جديدة. فالمخاوف كبيرة من ان يكون البعض يعمل لتكون حكومة تصريف الاعمال اول وآخر حكومات عهد الرئيس عون.