كتبت هلا صغبيني في صحيفة “المستقبل”:
مع استمرار الجمود السياسي في تشكيل الحكومة وتنامي الضغوط المالية والاقتصادية، قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامه لـ«المستقبل» ان «للتأخير في التشكيل سلبياته على الاقتصاد وليس لمصلحة لبنان»، معربا عن أمله في ايجاد حل سريع لهذه المشكلة، و«هو ما من شأنه في أن يطمئن الاسواق المالية التي هي مستقرة لكنها تعيش راهناً حال ترقب لما سيحصل». وشدد على «أن تشكيل الحكومة سيعطي بالتأكيد اشارة الى التوصل الى توافق سياسي، ويمنح بالتالي أملاً حيث يترقب الجميع لاسيما المستثمرون ان تكون هناك رؤية اصلاحية تقود الى تطبيق مقررات سيدر ومشاريعه». لكنه استطرد بالقول «يبقى مصرف لبنان كعادته بعيدا عن السياسة، ونحن ثابتون في تثبيت سعر صرف الليرة».
ويملك مصرف لبنان أدوات دفاعية لسياسة التثبيت، من خلال موجودات بالعملات الاجنبية بلغت حتى نهاية شهر تشرين الاول الماضي ما قيمته 43.15 مليار دولار اي نحو 82 في المئة من الكتلة النقدية بالليرة، وهو مستوى مرتفع رغم حال عدم اليقين في تشكيل الحكومة ووهن الاقتصاد الحقيقي.
ويعلق سلامه على التقرير الاخير للبنك الدولي الذي صدر منذ اكثر من اسبوع تحت عنوان «تقليص مخاطر لبنان»، بالقول «ان كل المؤسسات الدولية تحض الدولة اللبنانية على تنفيذ اصلاحات، ومصرف لبنان يضم صوته اليها، ونأمل تشكيل حكومة قريبا لتبدأ بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة من اجل تقليص عجز الموازنة وخفض حجم القطاع العام وتطبيق ما جاء في مؤتمر سيدر».
وكان لبنان تعهد خلال مؤتمر «سيدر» ضبط الأوضاع المالية بنسبة 5 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة (أي بنسبة نقطة مئوية واحدة سنويًا). ويتوجب تحقيق ذلك من خلال إجراءات تتعلق بالإيرادات، بما في ذلك تحسين آلية الجباية، بالإضافة إلى خفض الإنفاق حيثما أمكن، بما في ذلك من خلال خفض التحويلات الحكومية إلى مؤسسة «كهرباء لبنان». لكن الارقام الرسمية الصادرة عن وزارة المالية تشير الى تنامي عجز الموازنة، حيث زادت النفقات العامة في الاشهر الاربعة الاولى من العام بوتيرة أعلى من نمو الايرادات (بواقع 26.4 في المئة في مقابل 3.4 في المئة فقط) مع ارتفاع تحويلات الخزينة الى مؤسسة «كهرباء لبنان» (بنسبة 44 في المئة) وتنامي خدمة الدين العام (5.5 في المئة). وتتحدث التقديرات عن بلوغ عجز الموازنة 11 ألف مليار ليرة في نهاية العام الحالي، علما ان وزير المالية علي حسن خليل نبه الى المزيد من تفاقمه في 2019.
العقوبات
في موضوع العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن الاثنين الماضي على ايران وما اذا كانت لها انعكاسات على لبنان، أوضح سلامه «ان لبنان يملك كل القوانين والاطر التنظيمية التي تحمي نظامه المالي وعلاقته مع المصارف المراسلة. وقال»في الاساس، علاقاتنا المالية المصرفية مع ايران محدودة جدا، ونحن بالتالي لا نحتاج الى مبادرات جديدة«، مؤكدا التزام لبنان القوانين الدولية مرعية الاجراء لاسيما ما صدر منذ ايام عن الادارة الاميركية.
وما اذا كان مصرف لبنان سيصدر تعاميم جديدة الى المصارف تتعلق بالتزامها القانون الجديد الصادر عن واشنطن حول تعديل العقوبات على»حزب الله«بهدف تجفيف تمويله (القانون 1595)، اكد سلامه ان»لا تعاميم جديدة ستصدر في هذا الشأن، لان التعميم الذي وضعه مصرف لبنان سابقاً كفيل بان يطبق لبنان القانون الاميركي بالعمل المصرفي اللبناني«.
وكان مصرف لبنان أصدر في أيار من العام 2016 تعميما حمل الرقم 137 الى المصارف والمؤسسات المالية وسائر المؤسسات الخاضعة لرقابته يتعلّق بأصول التعامل مع قانون قانون مكافحـة تبيـيض الأمـوال وتمويـل الارهـاب الصادر عام 2015 ومع أنظمته التطبيقيّة والذي تناول منع ولوج»حزب الله” الى المؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من المؤسسات.
يذكر انه من شأن القانون الجديد الذي يحمل رقم 1595، ان يجعل قنوات التمويل لـ«حزب الله» اكثر تعقيداً، من خلال ملاحقة الأفراد والشركات الأجنبية التي تقدم طوعاً الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي للشركات التابعة للحزب.