كتبت صحيفة “العرب” اللندنية: استبق رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون إطلالة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، السبت بلقاء نواب “سنة 8 آذار” في قصر بعبدا، لبحث عقدة تمثيلهم في حكومة الوحدة الوطنية المقبلة.
ويطالب حزب الله بضرورة تمثيل النواب السنة الموالين له في الحكومة، الأمر الذي يرفضه بشدة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الذي يرى أن الهدف من الخطوة هو ضرب تيار المستقبل (صاحب الأغلبية السنية في البرلمان اللبناني).
وبدا أن عون يدعم الحريري في موقفه، إلا أن استقباله الجمعة في قصر بعبدا ممثلين عن هؤلاء النواب، قد يعكس تغيرا بالنظر إلى حجم الضغوط التي يمارسها حليفه حزب الله.
ويرى مراقبون أن عون أراد من خلال هذا اللقاء تهدئة الأمور، وإعطاء جرعة تفاؤل بأن هناك إمكانية لإيجاد حل يرضي الجميع، قبيل إطلالة نصرالله، التي تشي جميع المؤشرات بأنها ستزيد توتير الأجواء لجهة التشديد على مطالب السنة المتحالفين مع الحزب كشرط لإنجاز التشكيل الحكومي.
وعقب لقاء بعبدا أطل النائب عبدالرحيم مراد المتحدث باسم “اللقاء التشاوري” قائلا “عون تفهّم وجهة نظرنا وطلب التعاطي بهدوء مع الموضوع ونحن نحاول إيضاح وجهة نظرنا لجميع القوى”.
وأشار إلى أنّ “اللقاء التشاوري يضمّ 6 نواب حصدوا حوالي 30 في المئة من أصوات السنّة وعندما يرفض الرئيس المكلّف تمثيل من هم من خارج المستقبل فإنّ هذا يتعارض مع ما فعله الجميع”، متسائلا “لماذا يحتكر الحريري تمثيل السنّة في الحكومة في حين أنّ جميع الأطراف من الطوائف الأخرى ممثّلون فيها؟”.
وأضاف “فريق الأمير طلال أرسلان ممثّل في الحكومة بطريقة أو بأخرى في حين أنّ الكتلة تضمّ 3 نواب من التيار الوطني الحر”، مشدداً على أنّ “طرحنا في أن يتمثل أحد النواب السنة وهذا الحلّ الأول والأخير بالنسبة إلينا”، قائلاً “لا يجوز أن نكون الضحيّة والرئيس عون وعد خيراً”.
وسبق أن انتقد ميشال عون في كلمة له في الذكرى الثانية لانتخابه رئيسا للجمهورية في نهاية أكتوبر الماضي، مطالب نواب سنة 8 آذار معتبرا أن هؤلاء موجودون في كتل لحظت التوليفة التي كان الحريري وضعها في مرحلة سابقة، وبالتالي لا يجوز إعطاؤهم مقاعد حكومية إضافية.
وتقول أوساط سياسية لبنانية إن عون المعروف عنه تشدد مواقفه، ورفضه التنازل خضع أخيرا لمطالب حليفه حزب الله، الذي تؤكد تصريحات مسؤوليه أنه لن يفرج عن الحكومة طالما لم يتم إشراك حلفائه من السنة.
وتشير هذه الأوساط إلى أن إصرار النواب الذين استقبلهم عون على موقفهم نابع أساسا من قناعتهم بأن حزب الله متمسك بتوزير أحدهم وأن المسألة لا رجعة فيها.
ولبنان في حاجة ماسة إلى حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية يقول صندوق النقد الدولي إنها ضرورية لوضع الدين العام على مسار مستدام. ولبنان صاحب ثالث أكبر نسبة للدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم ويعاني ركودا اقتصاديا.
وبدا التوصل إلى اتفاق في المتناول قبل نحو أسبوعين عندما سُوّي الخلاف بشأن التمثيل المسيحي مع حزب القوات اللبنانية المناهض لحزب الله والذي قدم تنازلات للرئيس ميشال عون والتيار الوطني، وهو خلاف كان يعد العقبة الأساسية أمام الاتفاق.
ونسف حزب الله الأجواء المتفائلة بقرب الإفراج عن الحكومة، بعودة طرح تمثيل حلفائه السنّة بحقيبة وزارية في الحكومة العتيدة.
وقال الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله في تصريحات بثتها قناة المنار، الخميس “نعتقد أن مفتاح الحل بيد رئيس الحكومة المكلف هو الذي باستطاعته أن ينجز الحكومة غدا وهو الذي يؤجل الحكومة إلى وقت آخر”.
ويرجّح مراقبون أن يعيد نصرالله خلال كلمته المرتقبة التشديد على وجوب وجود سنّة 8 آذار، وأن لا حكومة في الأفق في حال لم تتم الاستجابة لمطالبه.
ويشير المراقبون إلى أن موقف الحزب المتشدد يعود إلى أسباب إقليمية، حيث أن الأخير يريد أن تكون له الكلمة الفصل في الحكومة المقبلة يستطيع من خلالها المناورة في مواجهة الضغوط الأميركية المتصاعدة ضده وضد داعمته إيران.
ويقول متابعون إن تعنّت الحزب يضع الحريري في موقف صعب وقد يدفعه إلى تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، إلى حين إنهاء الأزمة مع الحزب، في حال لم يقدم عون على خطوة توزير أحد النواب السنة الموالين للحزب من حصته.