كتب عوني الكعكي في صحيفة “الشرق”:
لم أتصوّر في يوم من الأيام أن يكون خطاب السيّد حسن نصرالله بهذه الحدّة وبهذه النبرة العالية وبهذا التهديد الى الرؤساء وإلى كبار القوم وإلى الوزراء وإلى البطاركة وإلى المشايخ وإلى المفتين وإلى المطارنة وإلى كل العالم…
لماذا هذا الإنفعال؟ ولماذا التهديد؟
نحن نعلم وأنت تعلم والعالم يعلم أنّ الشعب اللبناني مغلوب على أمره، وأنك تحكم لبنان بقوة السلاح، والحقيقة أنّ إيران التي أسّست «حزب الله» في عام 1983 كان عندها هدف، لأنّ إيران ليست جمعية خيرية فعندما تنفق إيران هذه المليارات كلها على «حزب الله»، وفي عملية حسابية بسيطة، نرى أنها تدفع سنوياً مليار دولار رواتب، وملياراً للسلاح منذ عام 1983 وإلى يومنا هذا أي 35 سنة يعني ذلك أنّ كلفة «حزب الله» على إيران أصبحت 70 مليار دولار.
وإيران تنتظر هذا اليوم لكي تقول لأميركا لا يمكن تأليف حكومة في لبنان بدون موافقتي، وهذا ما جرى يوم انتخاب رئيس الجمهورية الرئيس ميشال عون حيث بقي الانتخاب معطلاً الى أكثر من سنتين ونصف السنة حتى وافق الدكتور جعجع وجاء الاتفاق نتيجة «اتفاق معراب».
وهكذا فعل الرئيس الحريري بأن تبنّى هذا الترشيح لأنه كانت أولوية أولوياته انتخاب رئيس للجمهورية كي لا يبقى البلد بدون رأس أي بدون رئيس.
يدّعي السيّد أنهم أعلموا رئيس الحكومة المكلف بضرورة توزير أحد نواب ما يسمّى «المعارضة السنّية» الذين هم، في الحقيقة، من جماعة «حزب الله» سياسياً ومن جماعة السوريين، وهذا معروف جداً، وكان جواب الرئيس الحريري منذ اللحظة الأولى أنّ هذا غير وارد بالنسبة له.
والسؤال الكبير: لماذا بقي «حزب الله» ساكتاً على الموضوع طوال خمسة أشهر، وفجأة وبعدما حلّت جميع العقد طرح «حزب الله» موضوع النواب السنة الستة، وجرت الاتصالات مع رئيس الجمهورية لكي يستقبلهم ويستمع إليهم، وهكذا حصل.
المفاجأة الكبرى للسيد أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون قال إنّه يريد أن يشكل الرئيس سعد الحريري الحكومة أولاً، ثم قال أريد رئيس حكومة قوياً ثانياً، ثم قال للنواب الستة: إنكم جئتم لعندي يوم الاستشارات ضمن كتل سياسية خضتم من ضمنها الانتخابات، والبعض فاز منفرداً وليس بالإمكان إعطاؤكم أي وزارة ثالثاً.
طبعاً، عقد اجتماع بين السيّد وبين الوزير جبران باسيل ممثلاً رئيس الجمهورية، لأنه من الصعب للطرفين أن يتنقلا لكي يجتمعا بسبب ظروفهما الأمنية.
ما جرى بين السيّد وبين ممثل رئيس الجمهورية ليس بحاجة الى أي توضيح لأنّ خطاب السيّد كان لإعطاء الجواب وهو أولاً: «حزب الله» لم يأخذ حتى الآن موافقة من إيران لتشكيل الحكومة.
بدأت الأمور العسكرية تميل لمصلحة السعودية بمعنى أدق أنّ مشروع التوسّع الايراني والسيطرة على أربع عواصم عربية بدأ يتراجع ابتداءً من اليمن، وهذا ما يحصل في العراق إذ حرق العراقيون العلم الايراني، وطلبوا من الايرانيين أن يتركوا العراق… بالمناسبة لولا الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 والسماح الاميركي للإيرانيين بأن يتمددوا في العراق، لما كانت الفرصة سمحت أن يكون هناك دور للحرس الثوري في العراق وتشكيل ميليشيات شيعية تابعة له وسرقة النفط العراقي لتمويل الحرب في سوريا.
اليوم بدأ يتراجع المشروع الايراني ابتداءً من اليمن وسيمر بالعراق فسوريا وإلى لبنان قريباً.
لذلك، سامحوا السيّد لأنّ ظروفه ومستقبله صعب، وبقي ساكتاً طوال الوقت لأنّ الخلاف بين «القوات» و»التيار الوطني الحر» كان كفيلاً بالتعطيل، بالإضافة الى اعتراض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
ثانياً: سؤال كبير.. عندما رفض الرئيس الحريري طرح جماعة السنّة المعارضين لماذا سكت «حزب الله» طويلاً؟ وعندما جاء وقت الجد فاجأه الحزب بهذا الموقف وبهذه الحدّة؟
ثالثاً: منذ اللحظة الأولى لتكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة كان الجميع يعلم أنّ الحكومتين في لبنان وفي العراق لن يسمح بتشكيلهما إلاّ بعد بلورة العقوبات التي فرضتها أميركا اعتباراً من 4 تشرين الثاني الجاري وأهمها وعدم السماح ببيع النفط الايراني.
رابعاً: وهنا علينا أن ننتظر نتيجة ما يجري في «الحديدة» وكيف ستحسم المواجهة هناك؟