“الكوسا المحشوة”، “البرميل” و”الدب الضخم” ليست سوى بعض الكلمات التي يستخدمها زملائي في المدرسة لوصفهم لي. أنا أكره لقب الكوسة أكثر من أي شيء حتى أنني لا آكل حتى هذا القدر. أنا أحب أصدقائي ومدرستي، لكني أشعر أحيانًا بأنني لا أريد أن أكون هناك، فقط لتجنّب عناء التعرّض للتنمر. لا يجب أن يحدث لأي شخص. إذا تعرض أصدقائي للتخويف والتنمر، أقف بجانبهم. أولئك الذين يقولون كلمات سيئة للآخرين يحتاجون إلى معرفة أنها تجعل الناس حزينين” هذا ما يقوله سامر (10 أعوام) خلال حديثه عن التنمر الذي يعاني منه في المدرسة.
لكن سامر للأسف ليس وحيداً في هذه المعاناة اذ تكشف دراسة إحصائية بعنوان “التنمر في لبنان” نفذتها “جمعية إنقاذ الطفل الدولية” في لبنان أن طفلاً من اثنين تعرض للتنمر خلال احدى مراحل حياتهم.
والأرقام تشير الى فداحة ما يجري حيث تشير الى انه تعرض ما يصل الى 42% من الأطفال للركل أو الضغط وأشكال من الاستقواء البدني، في حين أن 30% منهم تمّ الإساءة إليهم لفظياً أو سمعوا ملاحظات مسيئة عن مظهرهم أو جنسهم أو وضعهم الاجتماعي الاقتصادي أو عرقهم أو دينهم.
الدراسة الإحصائية تأتي في إطار حملة وطنية تطلقها “الجمعية” تحت عنوان” التنمر مش مزحة” وتهدف إلى رفع الوعي بين مختلف المجتمعات في لبنان حول هذه المشكلة ومخاطرها، ما يساعد الكبار خاصةً على تقديم أفضل دعم ممكن للأطفال .
“التنمر مش مزحة” تهدف الى الحديث عن أهمية تربية الاطفال في بيئات آمنة تحظّر أعمال العنف بين الاطفال الأمر الذي يؤدي إلى تسرب 12% نتيجة تعرضهم للتنمر في المدارس.
يؤكد مسؤول الإعلام في “جمعية إنقاذ الطفل الدولية” احمد بيرم في حديث لـIMLebanon ان خلال عمل الجمعية على الأرض تبين ان “حالات التنمر في لبنان أكثر بكثير مما كنا نتوقع وهي تسبب للأطفال مشاكل تعليمية انما أيضا نفسية”.
ويكشف ان في سنة واحدة تم التبليغ عن اكثر من 120 حالة وكي يصل الامر الى مرحلة التبليغ فهذا يعني ان المشكلة وصلت الى حد خطير.
ويشدد على ضرورة ان يبدأ الحديث عن هذه المشكلة في لبنان، خصوصاً وان هذه المشكلة يتم التحدث عنها في دول أخرى منذ 30 سنة مع ضرورة معالجته كونه يسبب الكثير من المشاكل، موضحاً ان “المدرسة والمجتمع أساس لمعالجة هذه المشلكة ومن خلال هذه الحملة انطلقنا من مواقع التواصل كي تبدأ العالم بالكلام عنه ويبدأ الحوار ويشارك اشخاص قصصهم”.
ويشير الى انه في المرحلة المقبلة سيكون ثمة عمل رسمي مع المدارس لتفعيل سياسة حماية الطفل ما يسمح للطفل بالتبليغ فوراً عما يتعرض له، كما كي يتمكن المعلمة او المعلمة من اتخاذ القرار منذ المرة الأولى بوقف انتشار التنمر عندا يحصل بدايةً اذ ان ما يجري هو ان يتم التغاضي عن الحادثة الأولى فتتفاقم الأمور وينضم تلاميذ آخرون الى التلميذ الذي يمارس التنمر على زميله فنحصل على مجموعة أطفال تتنمر على طفل واحد في كل مكان في المدرسة في وقت ان المدرسة هي المكان الذي يكون آمناً للطلاب”.
بيرم يؤكد ان المشكلة تكمن في عدم الوصول الى جذور المعالجة انما الاكتفاء بالظاهر حيث ثمة حل لدى البعض هو توبيخ المتنمر او الطلب من الطفل الذي يتعرض للتنمر ان يردّ بالقوة كذلك على المتنمّر ما يؤدي الى تفاقم المشكلة بدل حلها، مقترحاً بدء حوار بين الأهالي والأطفال حول هذه المشكلة لفهم ما يجري.
ويشير الى ان الطفل المتنمر بدوره يعاني من مشاكل على صعد عدة ويجب بدء حوار معه لعلاج المشكلة.
ويلفت الى ان الهدف النهائي هو الوصول الى قانون يمنع التنمر بكل اشكاله، لكن ذلك يحتاج اولاً الى نشر الوعي في البادية.
التنمّر في لبنان بالأرقام:
-يتعرض طفل من كل اثنين للتنمر في لبنان خلال إحدى مراحل حياته
الفتيان (54%) هم أكثر عرضة للتنمّر ولكن بنسبة قليلة من الفتيات (46%)
تبلغ نسبة التنمّر بين الأطفال اللبنانيين 50% والأطفال السوريين 51% بينما أبلغ الأطفال الفلسطينيون عن أعلى مستويات التنمر 58%.
أبلغ 70% من الأطفال إنهم شعروا بالضيق نتيجة تعرضهم للتنمّر
وفقاً للأطفال الذين تعرضوا للتنمّر، فإن 16% منهم أغفلوا يوماً دراسياً أو أكثر، كما تسرّب 12% منهم من المدرسة
29% من الأهالي يقولون إنهم لاحظوا انخفاضًا في درجات أطفالهم نتيجة للتنمر.
التنمر الجسدي هو اكثر أنواع التنمر شيوعاً بين الأطفال (42%) ، يليه اللفظي (30%) ، والتنمر الإجتماعي (22%). أما نسبة التتمر على مواقع التواصل الإجتماعي فقد بلغت 6%
53% من الأهالي لم يكونوا على علم بمصطلح التنمّر.
يورغو البيطار
