كل شيء جاهز للقاء المصالحة بين رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية. شعبيا وسياسيا، التحضيرات اكتملت وبات الاجتماع المنتظر بين الرجلين، الذي سيتوّج اتصالات استمرّت أشهرا على خط معراب – بنشعي، قابلا للحصول في أي لحظة، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”.
لقاء الزعيمين، الذي تحتضنه بكركي -وهو ما أعلنه شخصيا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي منذ ايام- ستكون له بطبيعة الحال ارتداداته على أكثر من مستوى، أكان على صعيد البيت المسيحي الداخلي، أو على النطاق السياسي – الوطني الاوسع.
وفي السياق، تشير المصادر الى ان “القمّة” – اذا جاز القول- ستختم نهائيا جرحا نزف منذ سنوات بين الحزبين المسيحيين، وستُرسي هدنة نهائية ثابتة وقوية بين قواعدهما. فالتوتر لطالما ساد علاقاتهما، وقد تطور في أكثر من محطة الى “دماء” سالت، حتى في ايام السلم، بينهما. الا ان ومع تبدّل الظروف المحلية، لا سيما مع خروج الجيش السوري من لبنان، بدأ العمل لتضميد ندوب الحقبة السابقة، بإرادة مشتركة من الحزبين. وبعد مسار طويل لم يخل من الصعوبات، وبعد وضع الاصبع على جرح “مجزرة اهدن”، مُسبّب المواجهات الساخنة منها والباردة، بين القوات والمردة، باتت الارضية جاهزة لطي صفحة الماضي بين الطرفين وقائديهما.
التطورات السياسية المحلية ساعدت بلا شك في تسريع وتيرة التقارب، تتابع المصادر. فبعد ابرام تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية (والذي على اساسه قرر رئيس القوات دعم ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، على حساب رئيس المردة الذي كان فاز بتأييد رئيس المستقبل سعد الحريري) تبيّن لمعراب ان “البرتقالي” أخذ من الاتفاق ما يريد ولم يعطها أي مقابل. فاستاءت علاقتها برئيسه الوزير جبران باسيل، الذي لم تكن يوما علاقته بالمردة جيدة، بل على العكس… هل يمكن القول اذا، ان “مصيبة” باسيل جمعتهما؟
أوساط الحزبين تجيب ان في هذا الكلام، تحجيما لا بل “تسخيفا”، للمصالحة. فأبعادها تتجاوز بكثير الحسابات الضيقة هذه، وهي بطبيعة الحال ليست موجّهة ضد أحد.
غير ان المصادر تشير الى ان المرء لا يحتاج لأن يكون “ضليعا” في السياسة المحلية ليدرك ان تقارب الرجلين، لن ينزل بردا وسلاما على “ميرنا الشالوحي”، اذ سيسهّل التنسيق بينهما على أكثر من صعيد، ومنها ربما الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لكن قبل الذهاب بعيدا في هذا التحليل، توضح المصادر ان لقاء جعجع – فرنجية محصور حتى الساعة، بارساء مصالحة بينهما ولن يقترن باتفاق “سياسي”. والحال، ان التباينات كثيرة و”جوهرية” بين الحزبين. ففيما مواقف رئيس المردة معروفة بتأييد سلاح حزب الله والمقاومة والنظام السوري، تقف القوات على الطرف النقيض وتُعدّ رأس حربة في معركة ضبط السلاح في يد القوى الشرعية، وتحييد لبنان عن صراع المحاور، وإبقائه تحت مظلة الشرعية الدولية ورفض قتال حزب الله في سوريا، والاعتراف بالنظام السوري.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو “هل تؤسس المصالحة لاتفاق في المرحلة المقبلة”؟ لننتظر ونر، تقول المصادر، فإن لم يحصل ذلك، فإن نتائج المصالحة ستبقى محصورة بالـ”تكتي” و”على القطعة” ولن تتوسع الى “الاستراتيجي” والملفات السياسية “الادسم”.