كتبت لينا الحصري زيلع في صحيفة “اللواء”:
مع اقتراب انتهاء الشهر السادس لتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الثانية، لا تزال الامور تدور في مكانها دون تسجيل اي تطور ايجابي على صعيد الملف الحكومي، لا سيما بعد تعثر موعد الولادة الذي كان من المفترض ان يتم منذ اكثر من اسبوعين، وذلك نتيجة ظهور ما يسمى بالعقدة السنية في اللحظة الاخيرة قبل اصدار مراسيم التشكيل في حينها.
وفي الانتظار، فإن لا اتصالات ولا مشاورات تجري حاليا بين اطراف النزاع اي الرئيس المكلف من جهة وحزب الله ونواب السنة المعارضين من جهة ثانية، والخرق الوحيد الذي يسجل هو المساعي التي يقوم بها وزير الخارجية جبران باسيل من خلال اللقاءات والزيارات التي يعقدها مع المراجع السياسية والدينية، والتي لم تتوضح معالمها بشكل كامل بعد، بسبب عدم الكشف عن تفاصيلها، ولكن مع التأكيد ان هناك عدة طروحات تسجل من اجل العمل للوصول الى قواسم مشتركة تسهل عملية التشكيل.
وترى مصادر سياسية مطلعة على الملف الحكومي لـ«اللواء» ان اي تحرك ومبادرة لا بد ان تفضي الى احراز كوة في جدار ازمة تأليف الحكومة، وتعتبر المصادر الى انه لا يجوز الاستمرار في المراوحة الحالية بانتظار الوصول الى مزيد من المجهول، وتشير الى ان تحرك الوزير باسيل يصب في طبيعة الحال في العمل على تدوير الزوايا، لان الوضع كما اصبح معلوما يزداد صعوبة ودقة، في ظل الانزعاج الكبير وعدم الارتياح الذي يبديه ويعبر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف، خصوصا بعد ان اصبحت الامور مغلقة، بعد الكلام الذي اعلنه الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله والذي كان متشددا وعالي النبرة. وفي المقابل فان الرئيس الحريري في مؤتمره الصحافي عبّر عن وجهة نظره المنطقية مع سرد تفاصيل الوقائع، باعتباره هو الرئيس المكلف، والدستور اعطاه صلاحيات تشكيل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية، خصوصا انه يستحوذ على دعم طائفته روحيا وسياسيا وشعبيا، من خلال سعيه للمساواة بين المحافظة على صلاحياته الدستورية الطبيعية، وفي الوقت ذاته المحافظة على الوفاق الوطني الموجود في البلد والتمسك بتشكيل حكومة وفاق وطني تتمثل فيها كافة القوى السياسية وهذا كان هدفه منذ اليوم الاول لتكليفه.
ودعت هذه المصادر الجميع الى التنازل والترفع والتفكير في المصلحة الوطنية اولا واخير لانها هي الاساس، واسفت لموقف النواب السنّة الستة، الذين يحاربون كما اصبح واضحا بسلاح غيرهم وتحديدا بسلاح «حزب الله»، رغم اعتراف الجميع انهم يمثلون شريحة من اللبنانيين انتخبتهم.
واعتبرت المصادر انه لا يجوز اضاعة الوقت اكثر من ذلك، فالاولوية هي تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، رافضة الاستمرار في اعتماد سياسة عض الاصابع لمعرفة اي فريق سيتألم قبل الاخر، لانه في الانتظار يكون اصبح الوطن كله اكثر تألما ومعه المواطنين دون استثناء والذين تزداد معاناتهم يوما بعد يوم في ضوء الواقع الاقتصادي والمالي والاجتماعي الذي يزداد صعوبة.
واشارت المصادر الى ان التحذير من صعوبة الوضع الاقتصادي هو تحذير جدي، ولا يمكن الاستهانة به، واشارت الى ان هناك ضرورة للقيام باجراءات سريعة وحاسمة للحفاظ على الاستقرار المالي في البلد من خلال سلة تدابير على الحكومة المقبلة القيام بها، خصوصا ان لدى الرئيس الحريري رؤية اقتصادية معينة وهي جاهزة للتنفيذ فور تشكيل الحكومة من اجل القيام بجملة اصلاحات تفيد البلد، ولفتت المصادر الى ان الرئيس عون هو على اطلاع كامل عليها ويسعى لتسهيل تشكيل الحكومة، لكي تبدأ بعملها المنتظر منه الكثير لانقاذ البلد، وكذلك من اجل تسجيل المزيد من الانجازات في رصيد العهد. من هنا تؤكد المصادر ان مبادرة الوزير باسيل السياسية اتت من خلال مباركة الرئيس عون ودعمه غير المحدود له.
وتعتبر المصادر الى انه في حال نجح وزير الخارجية في مسعاه التوافقي فإنه سيسجل في سجله هذا الانجاز الوطني.
ولكن تعود هذه المصادر لتقول «يبدو ان لا انفراجات سجلت حتى الساعة في الملف الحكومي في ظل تمسك كل فريق بموقفه»، وتبدي اسفها لاستمرار هذه الازمة التي كان هناك امل بحلها قبل حلول عيد الاستقلال الـ75.