كتبت آمال خليل في صحيفة “الأخبار”:
رغم الانتظار 12 عاماً لإعلان جبل الريحان (قضاء جزين) محمية طبيعية، سُحب اقتراح القانون من جدول أعمال الجلسة التشريعية الأخيرة في اللحظات الأخيرة. الحجة هي الحفاظ على الملكيات الخاصة. لكنّ ناشطين بيئيين يلفتون الى أن سحب المشروع جاء عقب مهلة إدارية منحها وزير الداخلية لأصحاب مرملة تسمح باستئناف العمل فيها لستة أشهر بعد توقفها لعامين.
للمرة الأولى، أدرج اقتراح قانون «إعلان جبل الريحان محمية طبيعية» على جدول أعمال الجلسة التشريعية في مجلس النواب الإثنين الماضي. الاقتراح يستند إلى المرسوم الوزاري الرقم 17533 الذي وافقت فيه الحكومة على إنشاء المحمية بموجب قانون يقرّه البرلمان. لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري، لدى الوصول الى البند الثامن من الجدول الخاص بإعلان المحمية، استبق مداخلات النواب، وسحب الاقتراح «بناءً على تمنيات من رؤساء بلديات منطقة الريحان وفعالياتها بإرجائه لتحديد الملكيات الخاصة الواقعة ضمن حدود المحمية، منعاً للتعدي عليها وضياع الحقوق».
وكانت الحكومة وافقت في أيلول 2006 على اقتراح إعلان المحمية الذي قدّمته بلدية الريحان عام 2004. لكنها شدّدت على وجوب أن يتضمن مشروع القانون نصاً «يحفظ حقوق المالكين»، علماً بأن قانون المحميات المعدل الذي أقرّته لجنة البيئة النيابية مطلع العام الجاري نصّ على «الحق بإنشاء محمية طبيعية على الأملاك الخاصة بعد موافقة أصحابها خطياً بموجب عقد بينهم وبين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة البيئة. وفي حالة عدم موافقة أحد المالكين أو أكثر، على ضمّ أملاكه الى المحمية الطبيعية، يمكن لإدارة المحمية أن تستملك عقاراً أو عقارات هؤلاء عن طريق إعلان المنفعة العامة البيئية لهذا الاستملاك، أو مقايضتها بأملاك تابعة للدولة».
هشام يونس، رئيس جمعية «الجنوبيون الخضر» التي أطلقت حملة لاستعجال إعلان المحمية، أكّد لـ«الأخبار» أن «المبررات التي قدمت للتأجيل غير جدية»، إذ إن «إعلان المحمية لا ينزع الملكية عن العقارات الخاصة أو يصادرها بل يقيّد استعمالاتها، وهي مقيّدة بالأصل وفق التصنيف العقاري باعتبارها أراضي زراعية ومناطق حرجية ترعاها قوانين الغابات (1949) وحماية الغابات (1996) وحماية البيئة (2002)».
من جهته، رئيس بلدية الريحان حسين فقيه، أيّد إرجاء الإعلان، مع تأكيده أن البلدية لم تضغط بهذا الشأن. وأوضح: «أشخاص واصلين من البلدة اتصلوا وطلبوا التأجيل». ولفت في اتصال مع «الأخبار» الى عدد من الملاحظات على المقترح الحالي. فـ«عندما قدم رئيس البلدية الأسبق محمد حمزة فقيه مشروع المحمية، لم تكن الدراسات حولها مكتملة، إذ لم تراع الملكيات الخاصة. وعندما تم لحظها، صغرت مساحة المحمية المقترحة، وتم تعديل حدودها عام 2013. مع ذلك، لا يمكن اعتبار التعديل كافياً. لأن المسح العقاري الإلزامي في المنطقة التي كانت محتلة حتى عام 2000، لم ينجز بعد. ننتظر التأكد من حدود الملكيات الخاصة، لكي لا تتداخل مع الأملاك العامة». لفقيه أيضاً ملاحظات تتعلّق بدور البلدية في إدارة المحمية، إذ «يعطي القانون المقترح للجمعيات المدنية دور الإشراف والإدارة، فيما يجب أن يكون هذا دور البلدية».
إلا أن عدداً من الناشطين يربطون بين الإرجاء وبين المرامل التي لا تزال تنهش أحراج الريحان والعيشية وجوارهما منذ عام 2000، وتتسبّب في تلوّث نهر الليطاني المجاور والمياه الجوفية، وتعطّل محطة ضخ المياه في مشروع الطيبة بسبب ترسب الرمول من المياه. ويلفت هؤلاء إلى قرار وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق، في 8 تشرين الأول الماضي، القاضي بإعطاء مرملة تقع في العقار رقم 19 في منطقة قروح في الريحان مهلة إدارية للعمل لمدة ستة أشهر، بعد قرار وقفها عن العمل في أيلول 2016. ويسمح قرار المشنوق لعلي وإبراهيم ب. بـ«تأهيل الموقع ونقل الرمول الناتجة عن اعمال التأهيل لمدة ثلاث سنوات»، علماً بأن أصحاب المرملة كانوا مع شركاء لهم قد أنشأوا مرامل في مواقع اخرى من الريحان، ونقلوا الرمول من دون الالتزام بما ينص عليه القانون بوجوب استصلاحها بعد انتهاء أعمال الحفر والجرف. ومنذ عام 2002، تاريخ تأسيس أول مرملة في المنطقة، لم تقم البلديات والوزارات المعنية والقوى الأمنية بواجبها في فرض تطبيق القانون 42\2009، القاضي باستصلاح المرامل وإعادتها أحراج صنوبر.
ماذا ستفعل البلدية الحالية مع المرملة الجديدة؟ أجاب فقيه: «تواصلنا مع الدرك، فقالوا لا نستطيع أن نوقفه عن العمل. تواصلنا مع صاحب المرملة، فوعد بأنه سيلتزم بالاستصلاح».
استصلاح أم مرملة جديدة؟
في المجلس الأعلى للمقالع والكسارات في وزارة البيئة، يخضع للدرس عقد اتفاق وقّعته بلدية الريحان مع «شركة الريحان للبناء والمقاولات» لاستصلاح العقار رقم 16 من منطقة قروح التي شوّهتها المرامل، علماً بأن أصحاب الشركة هم أنفسهم أصحاب المرامل. واللافت أن العقد يتضمن استصلاح شير بارتفاع 50 متراً سينتج عنه نقل كميات من الرمول تذهب لصالح الشركة نفسها! وبحسب العقد، تلتزم «شركة الريحان» بـ«الحفر بعد موافقة وزارة البيئة والبلدية وتحت إشرافهما لمدة سنة واحدة، بهدف زرع أشجار الصنوبر والمحافظة عليها ورعايتها بعد انتهاء الأشغال».