كتبت ثريا شاهين في جريدة الاخبار:
تتّجه الأنظار في لبنان وكذلك في الدول المضيفة للّاجئين الفلسطينيين، إلى مدى إستمرارية “الأونروا” في تقديم مساعداتها للسنة المقبلة، في ظل وقف الولايات المتحدة الأميركية مساهمتها في هذه المنظمة، منذ السنة الحالية، بحيث كانت المساهمة الأميركية هي الأعلى بين مساهمات الدول كافة.
وتفيد مصادر ديبلوماسية مطلعة، بأنه لتغطية المساعدات المقررة لهذه السنة، تمكنت المنظمة، ومن خلال الإتصالات اللبنانية، والأردنية، والعربية والأوروبية، من أن تحصل على ما كانت تساهم به واشنطن، وذلك عبر مساهمات إضافية من دول عربية وأوروبية. إلا أن العجز لهذه السنة يُعتبر بسيطاً وهو نحو ٥٠ مليون دولار حتى نهاية ٢٠١٨.
وقد سهلت دول عدة الاستمرار في تقديمات “الأونروا” لهذه السنة، حيث غطت ما قيمته ١٢٢ مليون دولار، لا سيما الدول العربية والأوروبية. لكن ذلك لا يشكل حلاً جذرياً للمسألة، وجرت إتصالات لبنانية – أردنية مع الأمم المتحدة، والتفكير ينصبّ حالياً على إمكان أن تموّل كل الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة “الأونروا” بشكل ثابت ودائم.
المشكلة هي في موازنة “الأونروا” للسنة المقبلة ٢٠١٩. وتُبذل مساعٍ حثيثة من لبنان والأردن، ومن المفوض العام لـ “الأونروا” لحث الدول الداعمة والمانحة على زيادة مساهماتها والطلب إلى دول جديدة التمويل، ليكون إجمالي المبلغ بديلاً عن التمويل الأميركي. ويقول الأوروبيون انهم راغبون بزيادة مساهماتهم، لكن المطلوب توضيح هذا الموقف، لكي يتبين ما إذا ستكون رمزية أو تسد العجز فعلياً.
والخوف الكبير لدى لبنان والدول المضيفة للاجئين على الرغم من إرادة الدول المانحة الإستمرار في زيادة مساهمتها، من أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً أو تهويلاً على الدول المانحة سعياً لأن توقفها عن دفع مساهمتها، والقلق من أن تستجيب هذه الدول للضغوط. لا يزال الأوروبيون يقولون أنهم يقفون دائماً إلى جانب “الأونروا” ولن يتخلوا عن دعمها. والسنة المقبلة تشكل إستحقاقاً بالنسبة إلى الأمم المتحدة حول ما إذا سيستمر فعلاً الأوروبيون في تأدية مساهمتهم وزيادتها لتغطية المساهمة الأميركية.
وتفيد المصادر، بأن القيمة السنوية التي تخصصها “الأونروا” للاجئين هي مليار و ٢٠٠ مليون دولار في شتى الأبواب. وهي تنقسم بين مساهمة أساسية نحو ٧٠٠ مليون دولار، ومساهمة للطوارئ بنحو ٨٠٠ مليون دولار.
وأوضحت المصادر، أن أعدادا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين غادرت لبنان، لا سيما منذ خروج منظمة التحرير الفلسطينية وبعد حرب المخيمات. وبقي فيه زهاء ١٧٤٤٠٠ لاجئ فلسطيني بعد ما كان العدد بلغ النصف مليون شخص. وهذه الأعداد مسجلة لدى الدوائر الفلسطينية ولدى إدارة الإحصاء المركزي اللبناني.
في حين تسجل “الأونروا” وجود ١٨٠ ألف لاجئ فلسطيني في لبنان. والمسجلون منذ العام ١٩٤٨ إلى الآن، منهم من هاجر ومنهم من توفي، والهجرة مستمرة حتى الآن.
وتقوم “الأونروا” بإعداد موازنتها للسنة المقبلة، ويؤمل أن تكون هناك زيادة متوقعة في التمويل، وينتظر أن تحدد الدول طبيعة مساهمتها ومستواها إلا أن تغطية المساهمة الأميركية، تعبر من جانب الدول على الموقف الدولي الداعم لـ “الأونروا” ولإستمرارية دورها، وإن هذا الدور لم يتأثر بالموقف الأميركي. وقد ساهمت دول غربية عدة وعربية بإزالة عجز السنة الحالية.
ومنذ مجيء الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، اتخذ موقفاً سلبياً من تمويل بلاده لمنظمات الأمم المتحدة كلها وليس فقط “الأونروا”. وهو يعتبر أن بلاده يجب ألا يكون لها وحدها الجزء الأساسي من التمويل، وأن على الأمم المتحدة أن تجد ممولين آخرين. كما يعتقد أن على بلاده النظر في إمكان أن تمول صناديق أميركية متنوعة حصة الولايات المتحدة من تمويل “الأونروا”. حتى أنه في الآونة الأخيرة برز موقف أميركي مشابه من تمويل قوات حفظ السلام في العالم. ولدى التمديد لـ “اليونيفيل” طرحت الولايات المتحدة ضرورة معرفة فائدة التمويل وفائدة وجود القوة في الجنوب، وهي تريد أن يكون تمويلها مجدياً بحسب هدف وجودها وإنتشارها.