كتبت رضوان مرتضى في صحيفة “الأخبار”:
لم يُعطِ المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، الإذن للقضاء، لملاحقة خمسة ضبّاط يُشتبه في تورّطهم في ملفات فساد وتقاضي رشى، بناءً على إفادات مدنيين موقوفين. القصة بدأت لدى استخبارات الجيش، بعد توقيف عدد من المشتبه فيهم الذين كشفوا عن علاقة تربطهم بآمِر إحدى مفارز الاستقصاء في قوى الأمن. المشتبه فيهم الموقوفون مشتبه في تورطهم في ملفات نصب واحتيال عبر تزوير عقارات بأسماء غير مالكيها لبيعها والاحتيال على عدد من المواطنين. وجرّاء ورود اسم أحد ضباط قوى الأمن في التحقيق، أحالت مديرية المخابرات ملخّصاً عن التحقيق إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
بدأ فرع المعلومات تحقيقاته للتثبّت من القضية، واستمع إلى الموقوفين المدنيين: حسام ح. وراجي ا. ومحمد س. وعصام ض. علماً بأنّ المشتبه فيه الخامس وليد ا. متوارٍ عن الأنظار. ثم استدعى العقيد ع. غ. للاستماع إلى إفادته قبل أن يُترك قيد التحقيق. وقد تبين من الاستجوابات وبعض الأدلة وجود علاقة متينة بين الضابط المستدعى وأحد الموقوفين. وعلمت «الأخبار» أنّ التحقيقات التي تشرف عليها النيابة العامة في جبل لبنان تنقسم إلى جزءين. الأوّل يتعلّق بملف قبض الرشى المرتبط باثنين من «أباطرة الدعارة» في لبنان إيلي وجوزيف ب. وهو الملف نفسه الذي تدخّل فيه زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لحماية العقيد و. م. المحسوب عليه. أما الملف الثاني، فيرتبط بملف «الزئبق الأحمر» والنصب والاحتيال الذي بدأ التحقيق فيه لدى مديرية المخابرات.
توسّعت التحقيقات لدى فرع المعلومات لتطاول خمسة ضباط (3 عقداء ورائد ونقيب)، إلا أنّ المدير العام لقوى الأمن لم يُعط الإذن للنيابة العامة لملاحقتهم. وفي هذا السياق، يؤكد مسؤولون قضائيون، نقلاً عن عثمان، أنّه سوف يُعطي إذن الملاحقة بعد تأليف الحكومة، علماً بأنّ مصادر قضائية مقابلة علقّت بأنّ تأخر اللواء عثمان في إعطاء إذن الملاحقة يعني أنه يسمح بـ«ملاحقة الراشي وترك المرتشي». وعلمت «الأخبار» أنّ ملف التحقيق مع الموقوفين المدنيين بقي لمدة عشرين يوماً في النيابة العامة، فيما القانون يسمح بأربعة أيام، إلا أنّ مصادر قضائية عزت الأسباب إلى حجم التحقيقات الجارية في المديرية. كذلك كشفت المعلومات عن الاشتباه في تورط اثنين من عناصر التحرّي في هذا الملف، هما: أياد م. وطارق ح.
إزاء ذلك، ادّعت المدّعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون على الموقوفين المدنيين وأحالت ملف التحقيق إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور. كذلك ادّعت على أحد قادة الدرك السابقين بشبهة الفساد لورود اسمه خلال التحقيقات مع الموقوفين. غير أنّ هذه الخطوة استوقفت مصادر أمنية وأثارت استياء الضابط المدعى عليه لكونه لم يُصر إلى استدعائه للاستماع إلى إفادته. غير أنّ مصادر قضائية أكّدت أنّ حقّ الادعاء متاح للنيابة العامة لمجرّد الشبهة وذلك لا يعني أنّ المدعى عليه متورّط. أي أنّ النيابة العامة لها صلاحية الادعاء لمجرّد الشبهة ليُحال الملف إلى قاضي التحقيق للتثبت من انطباق الشبهات. وفي هذا الملف، هناك ادعاء بالرشوة واستغلال السلطة، علماً بأنّ عدداً من الضباط المشتبه فيهم تبيّن أنّهم تلاعبوا بالتحقيقات العدلية التي كانت تجرى بإشرافهم مقابل منفعة مادية. كذلك ورد اسم أحد قادة الشرطة القضائية السابقين، وعلمت «الأخبار» أنّ النائب العام ادّعت على أحد الضباط المتقاعدين.
تجدر الإشارة إلى أنّ قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان حدّد يوم 23 من الشهر الجاري موعداً للاستماع إلى المدعى عليهم في هذا الملف.