كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:
ينتخب محامو لبنان غداً الأحد، أربعة أعضاء جدد لمجلس نقابة المحامين في بيروت، بدلاً من الأربعة الذين انتهت ولايتهم. وتبدو المنافسة نقابية في الشكل، يتسابق فيها المرشحون على تسويق برامجهم، التي تغدق على المحامين وعود تحقيق النهوض بالمهنة وتعزيز حصانة المحامي ومكانته وأمنه الاجتماعي، لكنها في المضمون معركة سياسية بامتياز، تحاول القوى والأحزاب تحويلها استفتاء على خياراتها، وهي تخوض المعركة بمرشحين حزبيين أو موالين للأحزاب التي رشّحتهم.
وتكتسب انتخابات نقابة المحامين أهمية خاصّة، انطلاقاً من عاملين، الأول أنها إحدى أبرز النقابات النخبوية إلى جانب نقابتي الأطباء والمهندسين، والثاني العدد الكبير للمنضوين فيها، وتضع الأحزاب ثقلها لتثبيت حضورها واستثمار فوز مرشحيها في معركة الأحجام في لبنان، من دون إغفال الثقل الوازن للقوى المسيحية فيها، وخصوصاً التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية.
وقبل ساعات من توجه المحامين إلى صناديق الاقتراع التي تفتح عند التاسعة من صباح غدٍ الأحد في الباحة الداخلية لقصر العدل في بيروت، وتستمر عملية الاقتراع حتى الرابعة مساء، حسمت القوى والأحزاب تحالفاتها، بحيث تخوض «القوات اللبنانية» المعركة بمرشحها المحامي بيار الحشاش، إلى جانب تيّار «المستقبل» الذي يرشّح أمين سرّ النقابة الحالي جميل قمبريس، الذي يحقّ له الترشح لولاية ثانية تستمرّ ثلاث سنوات، فيما يخوض «التيار الوطني الحرّ» المواجهة بمرشحه الحزبي المحامي فادي حداد، مع حركة «أمل» التي رشّحت المحامي أسعد سعيد، وهما مدعومان من «حزب الله» وأحزاب قوى 8 آذار، فيما يخوض المرشحون المستقلون معركة تثبيت حضورهم رغم هيمنة الأحزاب التي تتنافس على استقطاب أصوات مئات المستقلين.
وعشية بدء العملية الانتخابية، وتحسس كلّ الأحزاب صعوبتها والحاجة إلى جهد كبير لتأتي النتائج لصالحها، شدد المحامي إيلي الحشاش، مرشّح «القوات اللبنانية» على الطابع النقابي للمعركة، وجدد التأكيد على «العمل من أجل إعادة الاعتبار لحصانة المحامي وكرامته وعدم التعرض لحياته»، معتبراً أن «العامل السياسي يبقى ثانوياً، لكن ذلك لا يلغي أن نقابة المحامين تؤدي دوراً وطنياً رائداً، وكلّ المحامين هم شركاء في هذا الدور».
وأكد الحشاش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «متانة التحالف انتخابياً مع تيّار المستقبل عبر مرشّحه المحامي جميل قمبريس، وهو التحالف السياسي الوحيد بيننا في هذه المعركة»، كاشفاً عن أنهما «يحظيان بدعم محامي الحزب التقدمي الاشتراكي» وحزب «الكتائب اللبنانية» وحزب «الوطنيين الأحرار» والكتلة الوطنية»، مشيراً إلى أن «الجهد الأساسي يتركز على التواصل مع المحامين المستقلين، لأن أصواتهم ترجّح الكفّة».
ويضمّ الجدول العام لنقابة المحامين نحو 11400 محام، لكنّ الذي يحقّ لهم الاقتراح لا يتعدى عددهم السبعة آلاف، ممن سددوا اشتراكاتهم السنوية قبل 31 مارس (آذار) الماضي، وفق ما ينصّ النظام الداخلي لنقابة المحامين، ويتوقّع أن يكون الإقبال مرتفعاً بسبب المنافسة الحامية بين المرشحين وأحزابهم.
ورغم محاولة مرشحين إبعاد الطابع السياسي عن المعركة، أوضح المحامي فادي الحداد، مرشّح التيار الوطني الحرّ، أنه «يخوض الانتخابات بلائحة تضمّه والمحامي أسعد سعيد مرشح حركة (أمل)، والمحامي إيلي بازرلي، وهو مستقلّ قريب من التيار الحرّ». ولم يخف الحداد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «انتخابات النقابة تحصل ضمن توجهات سياسية وتحالفات مدعومة من أحزاب وقوى سياسية مؤثرة، لكن العبرة تبقى في الممارسة بعد النتائج». وقال: «انطلاقاً من تجربتي السابقة في مجلس النقابة، أعاهد المحامين بأن أعمل بتجرّد بعد الفوز، وأن أمثّل جميع المحامين»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «التيار الوطني الحرّ له ثقله في نقابة المحامين تاريخياً، والانتخابات دائماً ما تترجم هذا الواقع ونتائج الأحد كفيلة بتثبيت هذه المعادلة».
وانطلاقاً من المصلحة النقابية والحزبية التي تخدم الطرفين، شدد مرشّح «المستقبل» المحامي جميل قمبريس، على متانة التحالف مع زميله إيلي الحشاش، الذي يأتي من ضمن التحالف السياسي بين «القوات اللبنانية» و«المستقبل»، مبدياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ارتياحه لـ«الدعم الذي يتلقيانه من محامي (الكتائب) و(الوطنيين الأحرار) وعشرات المحامين المستقلين، الذين نعقد معهم لقاءات يومية». وقال إن «المعركة تمزج بين العناوين السياسية والأهداف النقابية، لكننا سنجيّر السياسة لخدمة النقابة، ولن نسمح بتجيير النقابة لخدمة الأهداف السياسية».