دعا رئيس الجمهورية ميشال عون كل المسؤولين والأحزاب والتيارات والمذاهب الى ان “ننبذ خلافاتنا ونضع مصالحنا الشخصية جانباً ونبرز حسَّ المسؤولية تجاه من أوكلنا مصيره وشؤون حياته وكرامة وجوده وخير عائلته تجاه الشعب اللبناني، مؤكدا انه “ألا تكون الخلافات على الوطن بل في السياسة، وهي مقبولة ما دام سقفها لا يطال حدّ الوطن ومصلحته العليا”.
وأضاف، في رسالة وجهها بمناسبة الذكرى الـ 75 للاستقلال: “من واجبنا أن نطمئن الشعب إلى غده وأن نتآلف في المجلس النيابي والحكومة وننكب ليلاً ونهاراً على التخطيط والعمل لإنقاذ وطننا، اقتصادياً، واجتماعياً، وبيئياً، وأخلاقياً. يجب أن نعمل لإنقاذ وطننا أخلاقياً، لأن الكلمات المسمومة التي تنطلق كالسهام في الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي تجاه بعضنا البعض تدلُّ بوضوح إلى الدرك الذي انحدرت إليه الأخلاق وغياب الأصالة والانسانية اللتين لطالما ميزتا شعبنا ومع هذا الانحدار لا قيامة للوطن”.
وتابع: “يعيش لبنان أزمة تشكيل الحكومة. صحيح أنها ليست فريدة من نوعها، ولكنها تخسرنا الوقت الذي لا رجعة فيه، وإذا كنتم تريدون قيام الدولة تذكروا أن لبنان لم يعد يملك ترَف إهدار الوقت”، فقوة الأوطان الحقيقية لا تُقاس فقط بإمكاناتها العسكرية بل باقتصادها الحقيقي ونموّه المُستدام ومدى تأقلمه مع التطوّر والتحديث”.
وشدد على أن “الاستقلال لا يُستكمل والسيادة الوطنية لا تأخذ كامل أبعادها إلا عند تحرّر الاقتصاد الوطني وتحوُّلِه من اقتصاد استلحاقي إلى اقتصاد منتج “والويل لأمةٍ تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر”.
وأردف: “إن لبنان بلدٌ صغير بمساحته، ولكنه كبيرٌ بقدراته والاستثمار بهذه القدرات والطاقات بشكلٍ صحيح يستوجب مقاربةً جدّية للاقتصاد الوطني ونظرةً حديثة للإنتاج في مختلفِ قطاعاته والتزاماً كاملاً بهذا التوجّه مجتمعاً ودولة، فلن ندع البلاد تئن أكثر ولن نتراخى في مواجهة الفساد والفاسدين ولن نتراجع عن وعود الإصلاح والتنمية المستدامة وإيجاد فرص العمل لشبابنا”.
وأكد: “سأعمل شخصياً بكل ما أوتيت من قوة، وبكامل الصلاحيات المعطاة لي كرئيس للجمهورية، وبالتعاون مع رئيسي مجلسي النواب والوزراء على دفع عجلة الاقتصاد قدماً وترشيد النفقات وسد مزاريب الهدر وتحسين الخدمات والبنى التحتية التي هي من أبسط حقوق المواطن”، كما أعتزم متابعة ملاحقة ملفات الفساد، الصغيرة منها والكبيرة، مع الجهات المعنية في القضاء وفي أجهزة الرقابة والأجهزة الأمنية والإدارية ليشعر المواطن أن شيئاً ما يتغير في حياته اليومية وإن محاربة الفساد والفاسدين ليست شعاراً إنما عمل متواصل، ولو كان مضنياً ولكنه سيصبح ملموساً”.
وفي موضوع النازحين، قال: “هناك من يعرقل عودة النازحين السوريين إلى بلادهم لأسباب مبيّتة، سواء بالحديث عن العودة الطوعية مع استعمال كل وسائل الترغيب والتخويف لدفع النازح الى اختيار البقاء حيث هو أو بمحاولة ربطها بالحل السياسي”.
واعتبر أن “يكون الوطن مستقلاً يعني أنه قادر على قول الـ”نعم” كما الـ “لا” في كل ما يعنيه ويخصّه، فصون الاستقلال هو مسؤوليتنا جميعاً، وأولى حماية له هي في المحافظة على وحدتنا الوطنية وإرادة العيش معاً وإطارهما القيم الإنسانية والمجتمعية والتي هي أقوى من كل القوانين، وهي التي تجمعنا وتلحمنا”.
وأضاف: “تذكّروا دوماً أن دخول العنصر الخارجي يفقدنا حرية القرار فيضيع جوهر الاستقلال وتصبح السيادة في دائرة الخطر، وأن استقلال الوطن وسيادته يجب أن يبقيا خارج معادلة المعارضة والموالاة، وخارج نطاق الصراع على السلطة”.
وختم: “علمتنا التجارب أن نيل الاستقلال مهما يكن شاقاً ومكلفاً، يبقى أسهل من المحافظة عليه خصوصاً في عالم تحكمه المصالح والقوة وتغيب عنه الأخلاق والعدالة، لنجعل من المحافظة على استقلالنا الحقيقي والتمسك به أولوية لنا لأنه حجر الأساس الذي يبنى عليه استقرار الوطن وحريته وأمنه وسلامه وأيضاً ازدهاره”.