Site icon IMLebanon

الإعتذار… بعد “البطاقة الحمراء” لـ”حزب الله”؟

كتبت ملاك عقيل في صحيفة “الجمهورية”:

تدشين الشهر السابع من مفاوضات تأليف الحكومة بات أمراً مسلّماً به، لكن ما لا يمكن التكهّن به هو: هل «يعيّد» اللبنانيون بلا حكومة، أم تولد في الأيام القليلة الفاصلة عن نهاية السنة!

يُحتفل اليوم بعيد الاستقلال الـ 75 في جادة شفيق الوزان وسط بيروت، والحكومة على كفّ عفريت المراوَحة التي إستنزفت حتى الآن نصف سنة تماماً من عمر العهد. هو الاحتفال الثالث، بعد انتخاب ميشال عون رئيساّ للجمهورية. في الأول شارك عون في عرض الاستقلال الى يمينه الرئيس نبيه بري والرئيس المكلّف سعد الحريري والى يساره رئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام.

في الثاني شارك الحريري، العائد لتوّه من «رحلة» الاستقالة الصادمة من الرياض، في المناسبة بصفته رئيساً «مستقيلاً» لم يلبث طلب «التريّث» عن الاستقالة من جانب عون أن أعاده الى السراي الحكومي حيث إنطلق بعدها في التحضير لمعركته الانتخابية على أساس قانون «تحجيم الذات»!

للمرة الثانية يشارك الحريري اليوم في عيد الاستقلال بصفته رئيساً مكلّفاً، مع إحتمال مفتوح على مزيد من الدوران حول النفس بعدما تحوّلت «العقدة السنية» مشروع «كربجة» للعهد برمته أكثر منها عرقلة لصدور مراسيم الحكومة الثالثة للحريري.

«أرنب» الوزير جبران باسيل بالتراجع عن «المقايضة» لم يقنع الحريري، لا بل إستفزّه، خصوصاً أنّ هذا الأمر متفق عليه بين عون والحريري منذ البداية، ومجرد حرمان «كتلة الحريري» من التمثيل المسيحي خطوة سلبية في اتجاهه، وفق قريبين منه، كما أنّ تحوّل أصل المشكلة من كونها بين «حزب الله» والحريري الى عقدة سنية – سنية أزعج الرئيس المكلّف كثيراً.

وقد ترافق منطق المقايضة مع «ذبذبات» عونية شكّكت للمرة الاولى منذ إنطلاق قطار التأليف بـ»الحصة» الواقعية لرئيس تيار»المستقبل» والتي يجب أن يكون سَقفُها الأقصى خمسة وزراء وليس ستة إنسجاماً مع نتائج الانتخابات النيابية!

كذلك بدا لافتاً تحميل قيادات عونية، على رأسها باسيل، الحريري مسؤولية عدم إعتماد معيار موحّد في عملية التأليف يطبّق على كافة القوى السياسية «وإلّا لما إعترضَنا هذا النوع من الصعوبات»، وتكلّل المشهد بإعتراف علني من جانب باسيل بـ «الحيثية الشعبية والسياسية» لنواب 8 آذار، مع العلم أنّ وزير الخارجية فاتح الحريري قبل لقائه نواب «اللقاء التشاوري» بضرورة لقائهم والتحدّث معهم وجهاً لوجه، لكنّ الرئيس المكلّف رفض بنحو قاطع مع تأكيد أنّ الاجتماع بهم قد يحصل في أيّ لحظة، لكن لا يجوز أن يكون عنوانه التفاوض في أن ما يرفض الحريري قطعاً طرحه على الطاولة وهو «إقتطاع» حصة إضافية من حصته في الحكومة.

لكن ما يصنّف أنه في خانة «إلتحاق» باسيل بمحور «حزب الله» لجهة تكريس تمثيل سنّة 8 آذار في الحكومة بعدما عبّر عون صراحة عن ميله لعدم تبنّي هذا الطرح «لأننا نريد رئيساً قوياً للحكومة»، لا يترجم في قاموس «الوسيط» العوني سوى كونه واقعية تفترض تنازلاً من الطرفين: من الحريري بقبوله مبدأ توزير هؤلاء، ومن «اللقاء التشاوري» بتسمية وزير من خارج «فريقهم النيابي»، وفي حال الممانعة توزير نائب منهم، لكن من حصة الرئيس المكلّف وليس رئيس الجمهورية.

وقد بدا لافتاً في السياق نفسه صدور أصوات من داخل فريق الحريري مستاءة من الدور الذي يؤدّيه باسيل لجهة «إحتكاره» جزءاً من مسؤوليات الرئيس المكلّف خصوصاً عند تخطيه «حدود» الصلاحيات الممنوحة لأيِّ وسيط في حلّ أيِّ عقدة لها علاقة بتأليف الحكومة، أما الإتهام الأهمّ فطرح باسيل «اقتراحات تصبّ كلها عند نتيجة واحدة: تكريس الثلث المعطّل لفريق العهد داخل الحكومة».

وفي السياق نفسه، يشير مطلعون الى أنّ الحريري غير المرتاح الى ما آل اليه مسار التأليف لجهة رفع «حزب الله» «البطاقة الحمراء» في وجهه، ثم تحوّل مسعى باسيل «تسويقاً» لمطلب سنّة المعارضة، «ضاقت الخيارات أمامه، وهو بالتأكيد لن يستطيع الاستمرار طويلاً في سياسة المراوحة والضغط السلبي عليه».

ويذهب هؤلاء الى حدّ التأكيد «أنّ خيار الاعتذار قد يوضع مجدداً على طاولة الحريري، مع العلم أنّ رئيس الجمهورية وباسيل و»حزب الله» يتملّكهم شبه إقتناع بأنّ الحريري لن يُقدم على هذا الأمر لاعتبارات عدّة أولها أنّ مستقبله السياسي على المحك، خصوصاً بعد إعلانه أنه في حال إعتذر لن يقبل التكليف مجدداً، كما أنّ هذا القرار مرتبط بتأثيراته على الوضع المالي والاقتصادي، وعلى الموقف السعودي الحقيقي من خيار الاعتذار، والأهمّ على رغم موقفه الملتبس من توزير سُنّة المعارضة لا يزال عون الداعم الأول له».

وفيما تؤكّد مصادر «التيار الوطني الحر» أنّ أفق الحلول لم يُسدّ بعد وأنّ باسيل سيستمرّ في مسعاه، تفيد المعلومات أن لا جديد في هذا السياق، باستثناء أنّ هناك إتفاقاً مبدئياً بين أعضاء «اللقاء التشاوري» على طلب موعدٍ قريباً من الحريري، وذلك بعد عودة بعض نواب «اللقاء» من السفر نهاية الأسبوع.
لا صيغة حلّ يحملها «اللقاء التشاوري» الى «بيت الوسط» باستثناء المطلب الثابت بتوزير أحد أعضائه في الحكومة و»الدفاع عن وجهة نظرنا وحقنا في التمثيل»، كما يقول أحد نواب «اللقاء»، و»للحريري أن يبرّر لنا حيثيات رفضه لهذا التوزير فإما نصل الى حلّ وإما لا إتفاق… هذا إذا قرّر إستقبالنا والاستماع لمطلبنا».