كتبت صحيفة “الحياة”:
فرضت الأزمة الحكومية نفسها على اركان الدولة في لبنان، مقتحمة لليوم الثاني على التوالي، الذكرى الـ 75 للاستقلال. فقبل بدء التهاني بالمناسبة، في القصر الجمهوري في بعبدا، عقد الرئيس اللبناني ميشال عون خلوة مع رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري.
وكان ملف تشكيل الحكومة المتعثر الحاضر الأبرز في الخلوة الرئاسية الثلاثية التي دامت نحو عشر دقائق. وفيما لم يعلن أي شيء رسمي عن المجتمعين، قالت مصادر مواكبة لعملية التأليف، مقربة من قصر بعبدا لـ «الحياة» إن «لا مستجدات، والمشهد الحكومي لا يزال يراوح مكانه». وهذا ما عكسه موقف الرئيس بري حين قال رداً على سؤال بعد اللقاء الثلاثي والأزمة الحكومية: «ما في شي جديد ابداً».
أما الرئيس الحريري الذي مازح الاعلاميين ردا على سؤال عن أجواء الخلوة، بالقول: لو بتطقوا ما رح خبركم».
وعما اذا كان سيلتقي النواب السنة المستقلين رد بأن «الحل ليس عندي»، وسأل: «النواب السنة المستقلون، مستقلون عن من يا ترى؟».
وخلال مراسم التهنئة بالاستقلال، وبعد لقاء جانبي مع نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي، قال وزير الخارجية جبران باسيل ردًا على سؤال عن امكان ولادة الحكومة: «انشالله قبل الأعياد». واكد الفرزلي «انها تعكس الديناميكية الإيجابية باتجاه تشكيل الحكومة».
وفي قصر بعبدا توالت وفود المهنئين من رسميين وسياسيين وديبلوماسيين وروحيين وامنيين واعلاميين ونقابيين وهيئات كشفية واجتماعية واهلية. وكان من ابرز الحضور رئيسي الجمهورية السابقين أمين الجميل وميشال سليمان، فيما غاب الرئيس اميل لحود كالعادة، رؤساء مجلس الوزرء السابقين باستثناء الرئيس سليم الحص لدواع صحية. وكان أبرز الغائبين الرئيس السابق للمجلس النيابي حسين الحسيني الذي اصدر بيانا للمناسبة وفيه: «لمّا كنت أشارك عموم اللبنانيين في شعورهم بأن الاحتفال في هذه المناسبة كأن فيه تصديقاً للقول بأن الاستقلال إسمٌ بلا مُسمّى، وذلك مع ما سبق هذا الاحتفال ويرافقه وينذر به من الإسترسال في التفريط بحقّ لبنان واللبنانيين… أجدني مضطراً لعدم المشاركة في هذا النشاط البائس».
كما غاب عن حفل الاستقبال رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، ولم يسجل حضور أي شخصية من تيار «المردة».
ولدى تقبل التهاني، وأثناء مرور البعثات الديبلوماسية، خرج الرئيس الحريري لدقائق من صالون 22 تشرين، تجنباً لمصافحة السفير السوري علي عبد الكريم علي، وحل مكانه لبعض الوقت الوزير باسيل، ليعود الحريري ويتقبّل التهاني بعد مرور علي. وهذه الحادثة حصلت ايضاً في السنة الماضية.
وبعد انتهاء الاستقبالات الرسمية التقطت صورة تذكارية للرؤساء الثلاثة امام مجسم لعلم الاستقلال في بهو القصر الذي يحمل تواقيع رجالات الاستقلال، اضافة الى تواقيع طلاب المدارس الذين زاروا القصرالاسبوع الماضي احتفاء بالاستقلال. ووقع الرئيس الحريري على العلم.
وفي جادة شفيق الوزان، مقابل مدخل قاعدة بيروت البحرية، وامام أركان الدولة، افتتح العرض العسكري الذي أقامته قيادة الجيش، رسميا عند التاسعة صباحاً، مع وصول رئيس الجمهورية حيث عزفت له الموسيقى لحن التعظيم والنشيد الوطني، وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة ترحيباً، فيما اطلقت البواخر العسكرية ابواقها نصف دقيقة، ثم توجه الى النصب التذكاري لضريح الجندي المجهول حيث وضع اكليلاً من الزهر وأضاء شعلة الاستقلال، على وقع معزوفة تكريم الموتى ولازمة النشيد الوطني ونشيد الشهداء.
وعلى متن جيب عسكري مكشوف استعرض عون والى جانبه وزير الدفاع يعقوب الصراف وخلفهما قائد الجيش جوزف عون الوحدات المشاركة بالعرض، ثم اخذ مكانه على المنصة متوسطاً الرئيسين بري والحريري، ايذانا ببدء العرض العسكري الذي حضره رؤساء جمهورية سابقون ووزراء ونواب ومقامات روحية وديبلوماسيون واركان الجسم القضائي والاعلامي والاقتصادي والنقابي وقادة الأجهزة الأمنية وكبار الضباط.
العرض العسكري الذي دام ساعة ونصف الساعة شاركت فيه مختلف الوحدات الراجلة والخاصة والمؤللة في الجيش والقوى الأمنية والجمارك والصليب الأحمر والدفاع المدني وفوج الاطفاء، فيما قام تشكيل جوي بالتحليق فوق منطقة العرض حاملاً العلم اللبناني وشعار الجيش، وتشكيل جوي آخر متخذاً شكل الأرزة اللبنانية.
ووزع في الاحتفال كتيب عن المناسبة اعدته قيادة الجيش تضمن كلمة لرئيس الجمهورية توجه فيها الى العسكريين قائلاً: «لكم يا ابناء المؤسسة العسكرية قلوب اللبنانيين، أنتم يا من سهرتهم لصون كرامة اهلكم وأرضكم، وحافظتم على شرف رسالتكم وايمانكم بأن لا عزة لوطن لا ترفعه الشهادة، ولا استقلال من دون شعلة الوفاء تنقلونها من جيل إلى جيل».