كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”:
خرجت الأصوات المتسائلة عن معاني الاستقلال في ظل الأزمات المعيشية التي يعاني منها اللبنانيون، وسلكت طريقين، أمس، أولهما عبر مسيرة مطلبية نظمها المجتمع المدني في شوارع بيروت، والثاني عبر تفاعل واسع النطاق في مواقع التواصل الاجتماعي التي خطف منها الرئيس المكلف سعد الحريري الضوء، إثر انسحابه من تهاني عيد الاستقلال تجنباً لمصافحة السفير السوري علي عبد الكريم علي، قبل أن يعود بعد مرور السفير علي لاستئناف تقبل التهاني بالاستقلال إلى جانب الرئيسين ميشال عون ونبيه بري.
ونظمت قوى «الحراك المدني»، أمس، مسيرة مطلبية بعنوان «التحرك المطلبي الوطني»، انطلقت من أمام المتحف الوطني إلى ساحة الشهداء في وسط بيروت، ورفعت لافتات تطالب بالتعليم والصحة والماء والكهرباء. ووزع الحراك بياناً حيا الجيش والمؤسسة العسكرية، وقال: «نتظاهر اليوم لتحقيق الاستقلال الحقيقي الذي يتحقق من خلال حصول المواطن على حقوقه الأساسية وتعزيز دور المؤسسات الرقابية. نجتمع اليوم لنطالب بحقنا في السكن والتعليم والصحة والماء والكهرباء والبيئة النظيفة وحرية الرأي والتعبير». وقال المتظاهرون: «لمن يراهن على ضجرنا نقول له لا تحلم فنحن لن نكل ولن نمل وسنبقى نطالب بحقوقنا ولن نوفر أي جهد وسنعود للتظاهر لتحقيق مطالبنا».
وتزامن الحراك في الشارع مع حراك إلكتروني قام به اللبنانيون للسؤال عن معاني الاستقلال في ظل الأزمات والفساد. وتطرق هؤلاء إلى أزمة التلوث، والأزمات السياسية، وتفاقم المشكلات البيئية وانقطاع الكهرباء والماء وزحمة السير في الطرقات.
وإلى جانب الناس، اتجه السياسيون إلى منحى آخر، يصب في الاتجاه نفسه، حيث نشر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه الخاص على موقع «تويتر»، صورة لتمثال بلا رأس وعلّق عليها بكلمة «الاستقلال».
وغرد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال النائب علي حسن خليل عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «كل ذكرى استقلال وأنتم بخير، عسى أن يخرج اللبنانيون جميعا معافين من كل الأزمات التي نشهدها، وأولها الطائفية التي يقول الإمام الصدر إنها تمنع وتخدش الاستقلال وهي تحول دون التطور والتنمية».
هذا، وغرد الرئيس ميشال سليمان عبر «تويتر» قائلا: «بين عرض الاستقلال والتهنئة في القصر لقاء 40 دقيقة للتفكير بالاستقلال بعد مرور 75 سنة، والخطوات التي يجب على كل الفعاليات اتخاذها لتعزيز الدولة والسيادة».
بدوره، غرد الوزير السابق بطرس حرب في حسابه في «تويتر» قائلا: «أعلن استقلال دولة لبنان منذ 75 سنة، لكنني أتساءل ماذا عملنا للمحافظة عليه، ما قيمة الأرض بلا إنسان مؤمن بقيام دولته عليها، محرّر من ولائه لدول أخرى، ومن الغرائز الطائفية والتبعية والأنانية والماديّة والفساد. فهل نحن مدركون وقادرون على تحرير أنفسنا ليبقى لبنان والاستقلال؟».
من جهته، أشار النائب سمير الجسر في بيان، لمناسبة الذكرى الـ75 لاستقلال لبنان إلى أن «من نعم الاستقلال أن يستعيد لبنان واللبنانيون قرارهم ليصبح بيدهم، بعد أن كان بيد دولة الانتداب، وأن اعتماد الأجندات الخارجية هو إجهاض للاستقلال وضرب لمصالح اللبنانيين في حياتهم ومعاشهم واستقرارهم».
وقال إن «الاستقلال يعني أن يستظل اللبنانيون بدولتهم وحدها. كما أن الاستقلال عن قرار الدولة، تحت أي زعم كان، يعني الخروج عن وحدة الدولة وبدء عملية تفتيت لها. وأن علينا أن نتعظ مما جرى ويجري حولنا وبخاصة فيما يتعلق منه بما سمي رسم خرائط جديدة للمنطقة الذي لا يخرج عن كونه تقسيما لها بذريعة إيجاد كيانات مستقرة. وأن الإمعان في التأزيم السياسي والفراغ المؤسساتي فيه إشارة سيئة على أننا لم نعد قادرين على حكم أنفسنا بأنفسنا ما قد يدفعنا نحو ما يحضر للمنطقة».
وختم الجسر: «الاستقلال يعني تأمين الكرامة والخبز للمواطن لا تركه تائها بين تجاذبات السياسة وبين القلق على المستقبل والعيش الكريم. وإن الإسراع في تأليف الحكومة لهو المدخل لإنقاذ البلد من الويلات التي تتهدده كما هو السبيل لقضاء حوائج الناس. فلنكن جديرين باستقلالنا الذي دفعنا ثمنه غاليا من دماء أبنائنا».
بدوره، اعتبر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي، من القصر الجمهوري بعد تقديمه التهاني بمناسبة عيد الاستقلال، أن «لبنان لا يزال في دائرة الخطر، وكل الأنظار موجهة إليه، لكن الشعب اللبناني في نهاية الأمر سينتصر لأنه يؤمن جدا بهذا الوطن وبأن لبنان لا ينكسر، ويؤمن أيضا بأنه على الرغم من كل الصعوبات الاقتصادية والأمنية والسيادية وغيرها، سينهض هذا الوطن».
وقال: «لبنان سيصمد ولن يسقط، ولكن لكي يتجاوز الأزمة الكبيرة الحالية التي يمر بها، هو بحاجة لأكثر من سنة، وبحاجة إلى جهاد ونضال أطول وأكبر من كل شعبه ومن إدارته وحكومته، إلى جانب وجوب جدية حكومية في التعاطي مع الملفات».
ودعا إلى «ضرورة احترام معايير الكفاءة، لأنها تتقدم على كل شيء، وإذا تم اعتماد هذا الموضوع عندئذ نكون جديا على درب استقلال لبنان».