كتبت فاتن الحاج في صحيفة “الأخبار”:
في وقت تمارس فيه السلطة بكل مكوناتها سياسة التدمير للجامعة اللبنانية، وتتعمّد إغفال مطالبها وحقوق أساتذتها، هل ينجح الائتلاف الطائفي، مرة جديدة، في تسليم القرار النقابي في رابطة الأساتذة المتفرغين للقوى السياسية، فيعطّل الدور المستقل للأساتذة، ويغيّب أي نقاش جدي بشأن التحديات التي تواجه الرابطة والجامعة على السواء؟
في الواقع، المشاورات بين القوى الساعية إلى الائتلاف سارت في الأسابيع الماضية في جو تحاصصي طائفي ومذهبي قبل أن تصطدم، عشية انتخابات الهيئة التنفيذية المقررة اليوم، بإعلان المكتب التربوي للتيار الوطني الحر مقاطعة الاستحقاق، احتجاجاً على ما سماه «خرقاً للميثاقية والوطنية وضرباً للصيغة اللبنانية والشراكة الحقة». فالتيار قرر عدم المشاركة ما لم يجرِ تعديل على الصيغة المطروحة، رافضاً القبول بـ «المثالثة» (5 مقاعد للمسيحيين و10 للمسلمين على أن يكون الرئيس مسيحياً)، كما ساد العرف، في الدورات الانتخابية الأخيرة، بعدما طُبق مبدأ المداورة في الرئاسة (فمرة يكون الرئيس مسيحياً وفي المرة الثانية مسلماً). ولفت المسؤول التربوي روك مهنا، إلى أننا «لن نقبل بأقل من 6 مقاعد للمسيحيين ما عدا الرئيس، علماً بأنّ المسيحيين يمثلون 43% من نسبة المندوبين، مقابل 57% للمسلمين، وهذا يعني أننا يجب أن نمثّل بـ7 مقاعد».
موقف التيار الحر خلط الأوراق، رغم أن القوى الجامعية لم تكن قد توافقت بعد على اللائحة الائتلافية المكتملة التي ستخوض بها الانتخابات، وينتظر أن تستمر الاتصالات في ما بينها حتى ربع الساعة الأخير، أي صباح اليوم الانتخابي. لكن معظم الأحزاب التي تقود المفاوضات أبدت رغبتها في أن تضمّ اللائحة الجميع، بمن فيهم المستقلون.
فقد دعا مسؤول المكتب التربوي المركزي في حركة أمل، حسن اللقيس، المتفاوضين إلى العودة إلى الطاولة والخروج بلائحة لا تستثني أحداً من أجل رابطة للجامعة. وأكد رئيس الهيئة التنفيذية الحالية للرابطة، محمد صميلي (تيار المستقبل) أننا «حرصاء على استمرار مبدأ المداورة الذي يسمح بانتخاب رئيس مسيحي، باعتبار أن الرئيس يؤدي عادة الدور الرئيسي والفعال في الرابطة، لكننا نصرّ على عدم تغيير العرف والصيغة القائمة وتمثيل المستقلين». ورفض مسؤول ملف الجامعة اللبنانية في الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد صافي، إقحام التوزيع الطائفي في الاستحقاق على هذا النحو، فالرابطة دورها نقابي، ومن مصلحة الجميع أن يحافظوا على هذا الدور. وأشار إلى أن الحزب حريص على ضمان وصول نقابيين مستقلين، داعياً التيار الحر إلى إعادة النظر بقراره. الرئيس السابق لمجلس المندوبين جورج قزي (حزب الكتائب)، رأى أن مطلب التيار الحر محق إذا كان يصبّ في خانة تشكيل رابطة موحدة وقوية، لا أن يكون الهدف هو التعطيل والمزايدة، ومثل هذه المشكلة لا تحل بالجلوس إلى الطاولة والتوافق بين الجميع.
على المقلب الآخر، دعم الحزب الشيوعي اللبناني ترشيح ثلاثة أساتذة، هم روي جريجيري، وليد دكروب وروبير عبدالله، الذين يخوضون الانتخابات، كمستقلين، ضمن لقاء «من أجل جامعة وطنية مستقلة ومنتجة». وقد أعلن المرشحون أنهم ملتزمون تحقيق استقلالية الجامعة، والدفاع عن مصلحة الأستاذ، ودعم حرية الفكر والبحث العلمي وتشريع صيغة الأستاذ الباحث، واعتماد الشفافية ومعيار الكفاءة الأكاديمية في التعيينات، وتعزيز وحدة العمل النقابي وتفعيل دور الرابطة، والدفاع عن الحريات النقابية والأكاديمية، والنضال من أجل المجمعات الجامعية المناطقية وتجهيزها بالشروط الفضلى.