Site icon IMLebanon

الأطفال الخُدّج… هل تؤمّن الحاضنة نموّهم؟

كتبت جنى جبّور في “الجمهورية”:

تنتظر الحامل بفارغ الصبر لحظة ولادة طفلها بخير وسلامة، ولكن هذا لا يعني أنها ستفرح في حال وضعت مولودها قبل الأوان، بسبب المشكلات الصحية المختلفة التي قد تواجهه على المدى القصير والطويل. فما هي أهم التفاصيل التي يجب على الأهل معرفتها لمتابعة الوضع الطبّي لأطفالهم الخدّج بالطريقة الصحيحة؟

يُعرف الأطفال غير مكتملي النموّ أو الذين يولدون قبل الاسبوع الـ37 من الحياة، بالاطفال الخدّج. ويُعتبر تشرين الثاني الشهر العالمي المخصص للتوعية حول الولادات المبكرة.

في هذا السياق، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع اختصاصية اطفال وحديثي ولادة وخدّج، ورئيسة قسم حديثي الولادة في مركز كسروان الطبي بالتعاون مع المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ديالا روماني، التي أطلعتنا على اهمّ المعلومات الطبية حول هذا الموضوع، مستهلّةً حديثها قائلةً إنّ «كلّ ما كانت الولادة أقرب من الشهر التاسع، كلما كان وضع الطفل افضل، وكلّما اقتربنا من الشهر السادس كان وضعُه أسوأ. في لبنان، نقوم بالانعاشات الضرورية للاطفال الخدّج الذين يولدون بعد الـ24 اسبوعاً. واذا كانت الولادة بين الاسبوع 23 والـ24، يمكن حينها القيام بالانعاشات اللازمة بعد اتّفاق يجرى بين الطبيب والاهل، شرط أن يكون وزن الطفل ونموَّه يسمحان بذلك».

الشهر 8… هل هو الأخطر؟

يشيع بين الناس اعتقاد أنّ الاطفال الذي يولدون في الشهر الثامن هم الفئة الاكثر عرضة للخطر، فهل هذا صحيح؟

بحسب د. روماني «الفئة الاخطر في هذه الحالات، هي التي تراوح اعمارها بين الـ24 و26 اسبوعاً، لأنّ نسبة الوفيات بينها تكون حوالى الـ80 في المئة. أمّا بالنسبة للمعتقد الشائع، فيمكن تفسيرُه أنّ الذي يولد في الشهر السابع يكون وضعه افضل من الذي يولد في الثامن، لانّه يمكن أن نعطيه عدداً اكثر من الادوية قبل ولادته لمساعدته في اكتمال رئتيه. بينما يمنعنا الشهر الثامن، من إعطاء الحامل عدداً من الادوية قبل الولادة. كذلك، يؤثر عمر الطفل كثيراً في هذا الموضوع، فكلما كان صغيراً وأقرب للاسبوع الـ24 يكون وضعه اخطر».

باقة مشكلات متنوّعة

من جهة اخرى، بالاضافة للاسبوع الذي يولد فيه الطفل، يلعب وزنه وجنسه دوراً اساسياً، فكلما كان وزنه فوق الكيلوغرام الواحد، كان وضعه افضل، واذا كان المولود انثى كانت صحته افضل، لأنّ هناك مواد عند الذكور تكسّر مواد موجودة داخل الرئة، فتتعبه.

أمّا المشكلات الصحية الاكثر شيوعاً التي يتعرّض لها الاطفال الخدّج فتعددها د. روماني على الشكل الآتي: «مشكلات على مستوى الرئة فينتج عنها ضيق في التنفس، عدم اكتمال ونضوج الرئتين، الامر الذي يجبرنا على إبقاء الطفل فترة طويلة على الاوكسيجين حتى بعد خروجه من المستشفى ما يسبّب مشكلات مزمنة على المدى الطويل، لا سيما مشكلات في شبكية العين فنضطر الى اجراء الليزر له، نزيف في الدماغ لأنّ الشرايين تكون رفيعة، ما يؤثر في التطور الحسّي الحركي لاحقاً، وبحسب درجة هذا النزيف يمكن أن نحدّد الامور التي يمكن أن يعاني منها الطفل لاحقاً، مشكلات في الامعاء لأنها تكون غير جاهزة لامتصاص الأكل، ما يرفع احتمال انفجار الامعاء وحدوث الالتهابات الحادّة التي قد تقتل الطفل، أو التي تُجبرنا على إخضاعه للجراحة التي ستخسّره جزءاً من امعائه، ومشكلات القلب حيث يكون هناك شريان مفتوح يحتّم اجراء الجراحة لاحقاً. وتجدر الاشارة، الى اهمّية الاستمرار بإعطاء الطفل حليب الام حصراً، لأنه يخفّف الكثير من هذه المشكلات لا سيما بالنسبة للامعاء».

هل تشبه الحاضنة رحم الأم؟

الحاضنة أو «Couveuse»، هو المكان الذي يبقى فيه الاطفال الخدّج بعد خروجهم من رحم امهاتهن. وفي الوقت نفسه، توجد شروط معيّنة لخروج الاطفال من الحاضنة في المستشفى، وتشير اليها د. روماوني قائلةً إنه «يجب أن يكون قد انهى اقله 35 اسبوعاً من وجوده في الحاضنة، وأن يكون فوق الكيلوغرامين، وهذه الخطوة قد تأخذ 4 أشهر من الوقت، ولكن حتى بعد مرور هذه المدّة إذا كان الطفل ما زال يعاني من مشكلات صحية، نبقيه في الحاضنة، وإذا كانت الام قد نقلت مشكلاتها الطبية الى طفلها، يبقى حينها في الحاضنة لوقت اطول.

في المقابل، بالطبع لا تشبه الحاضنة رحم الام 100 في المئة، ولكنها مشابهة له بنسبة مرتفعة، لا سيما مع تطوّر الوسائل الطبية الحديثة التي يمكن من خلالها اعطاء التغذية للطفل عبر الوريد خصوصاً البروتينات والحمض الاميني (Amino acid). كما نساعد الام في هذه المرحلة من التقرّب من طفلها فندعها تحمله وأن تكون معه في جميع المراحل التي يمرّ بها طفلها».

الأطفال الخدّج هم الفئة العمرية التي تحتاج الى المتابعة المستمرة من قبل اختصاصيّي حديثي الولادة وليس فقط اطباء اطفال، لا سيما في السنتين الاولى من حياتهم.

وتشدد د. روماني على «ضرورة انتباه الاهل كثيراً لاطفالهم في مواسم الانفلونزا ومن الفيروس التنفّسي المخلوي البشري (RSV)، لأنه خطير جدّاً على الاطفال الخدّج إذ إنّ الاصابة به دون علاج مباشر يؤدّي الى موت الطفل. بالاضافة، الى العلاج الحسّي- الحركي او النطقي لتخفيف المشكلات التي يمكن أن يعانوا منها، والمتابعة المستمرة في ما يخصّ مشكلات الرئة لأنهم معرضون للحساسية او ازمات الربو في فترة الشتاء.

امّا على المدى الطويل فيصبح الاطفال الخدّج كالأطفال الآخرين، حتى إننا ننسى أنّ هذه الفئة هي اطفال ولدوا قبل آوانهم، بل يكونون فعالين في المجتمع. وبعد الـ6 سنوات لا يمكن التمييز ابداً بينهم شرط أن تجرى متابعتهم الطبية بشكل صحيح لتأمين نموّهم وتطوّرهم العقلي والحسّي-الحركي، بالتزامن مع تناول ادويتهم بانتظام».