Site icon IMLebanon

عون ممتعض من تعطيل “حزب الله”… لكنه يأمل من الفرقاء تنازلات

كتب وليد شقير في صحيفة “الحياة”:

قالت مصادر سياسية مطلعة على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من اشتراط “حزب الله” تمثيل “اللقاء التشاوري” للنواب السنة الستة الحلفاء له إنه ما زال على امتعاضه من تعطيل موقف الحزب هذا لولادة الحكومة، خصوصا أنه يجهض بذلك الآمال بانطلاقة مرحلة تفعيل الإصلاح ومعالجة الملف الاقتصادي التي بشر بها الرئيس عون، تحقيقا للوعود التي عوّل على أن تتولى “حكومة العهد الأولى” تنفيذها.

وأوضحت المصادر أن من يلتقي عون يخرج بانطباع بأنه ما زال منزعجا من شرط “حزب الله”. ويقول قطب سياسي لـ”الحياة” إن من الطبيعي أن يخيب ظن رئيس الجمهورية بموقف الحزب لأن إعلان أمينه العام السيد حسن نصر الله أن “لا حكومة من دون تمثيل النواب السنة” حلفاءه بوزير فيها، يعاكس شعار “الرئيس القوي” الذي رفعه وفريقه في “التيار الوطني الحر” بعد الانتخابات النيابية. فأوساط الرئيس، على رغم استمرار تأكيدها وقادة “التيار الحر” لأهمية استمرار التحالف بينه وبين الحزب لاسيما على صعيد الموقف الاستراتيجي، يريد في نهاية المطاف تسهيل مهمته في الحكم وفي الإنجاز بدلا من أن يبقى يدير الأزمات، الأمر الذي كان يعيبه على غيره من رؤساء الجمهورية الذين سبقوه. ومن المنطقي أن يشعر بأن تعقيد تأليف الحكومة يمنعه من الحكم.

ولا يستبعد القطب إياه أن يظهر لدى عون الشعور نفسه الذي ظهر لدى سلفه الرئيس ميشال سليمان في السنتين الأخيرتين من عهد الأخير، ما دفعه إلى التمايز التدريجي عن الحزب الذي كان على تحالف معه منذ أن كان قائدا للجيش، بعد أن تبين له أن سلطة الحزب تحول بينه وبين أن يثبت قدرته على ترسيخ سلطة الدولة. والفارق أن عون قد يكون بدأ يتلمس ذلك في نهاية السنتين الأولين من ولايته. لكن مصادر مواكبة لعلاقة عون بالحزب تعتبر أن علاقته مع “حزب الله” تخضع لاعتبارات مختلفة بحيث يمكن إيجاد تسوية لا تمس التحالف بينهما.

ويرى بعض زوار عون لـ”الحياة” أنه على رغم أن رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل ساير الحزب في تحركه خلال الأسبوعين الماضيين، لأنه اعترف بحق النواب الستة في أن يتمثلوا في الحكومة، فإن ما يعزز امتعاض رئيس الجمهورية أيضا أن اللقاء الذي عقده مع رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري في القصر الرئاسي على هامش استقبالات التهاني بعيد الاستقلال لم تصل إلى أي نتيجة.

وأوضحت مصادر اطلعت على نتائج اللقاء الذي لم يدم سوى بضع دقائق أنه لم يتجاوز البحث خلاله التمنيات بوجوب قيام الحكومة الجديدة لأن مرور الوقت ليس لمصلحة لبنان، ولم يتناول الاقتراحات المطروحة كمخرج لتمثيل النواب الستة، حيث بقيت المواقف على حالها.

وتشير هذه المصادر إلى أن عون كان يفضل لو أن الرئيس الحريري قبل بالتوصل إلى تسوية ما على قاعدة أن وزيرا بالناقص أو بالزائد ليس مشكلة. وقالت لـ”الحياة” إن عون كان يتمنى لو أن الرئيس المكلف يأخذ موقفا أكثر ليونة من البحث عن المخارج، لأنه رفض تمني بري عليه يوم الأربعاء الماضي حين اختليا في اليوم السابق للقاء القصر الرئاسي بأن يلتقي أعضاء “اللقاء التشاوري” لهؤلاء النواب بمبادرة منه (وقبل أن يطلب هؤلاء موعدا للاجتماع به) حتى لو كان سيبلغهم بأنه لن يتمكن من توزير أي منهم، لعل لقاءا كهذا يفتح الباب على بحث مخرج ما لتمثيلهم عبر شخصية من خارج تكتلهم.

وكشفت المصادر لـ”الحياة” أن شخصيات حليفة ل”حزب الله” مثل نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي كانت التقت عون إثر انتقاده شرط “حزب الله” تمثيل النواب الستة في حواره التلفزيوني في 31 تشرين الأول الماضي (اعتبره خطأ في التكتيك وتضامن مع رفض الحريري تمثيلهم) ودعته إلى تعديل موقفه لأنه أثار حفيظة قيادة “حزب الله”. واتفق عون مع الوسطاء على السعي لإزالة سوء التفاهم مع الحزب عبر إطلاق تحرك كلف به باسيل الذي طلب لقاء مع السيد نصر الله فجاءه التمني – الشرط بأن يجري الاعتراف ب”اللقاء التشاوري” للنواب الستة، فتجاوب رئيس الجمهورية قبل أن يتوجه باسيل للاجتماع إلى نصر الله في العاشر من الشهر الجاري. وتقول مصادر المعلومات ل”الحياة” إن جوهر ما خلص إليه هذا الاجتماع هو أن نصر الله أوحى لباسيل بأن تتم معالجة العقدة بين النواب الستة وبين الرئيس المكلف، وأنه ليس مطلوبا من الرئيس عون البحث عن الحلول، مع الشكر جهوده. فما يهم الحزب هو تجنب تجول مطلبه إلى مشكلة سنية شيعية، وحصرها ضمن البيت السني.

اقتراح باسيل

ومع أن ما قاله باسيل عقب لقائه نصرالله عن مسعى لحل العقدة السنية- الشيعية، ترك استياء لدى “حزب الله” والرئيس بري، فإنه سعى إلى تجاوز الأمر عبر اقتراح توزير إحدى الشخصيات السنية التكنوقراطية القريبة منه، هو المهندس في الاتصالات أحمد عويدات، من حصة رئيس الجمهورية. وجاء هذا الاقتراح بدلا من ترشيح فادي العسلي الذي كان عون طرح إسمه كوزير سني في إطار المبادلة بينه وبين الحريري، إلا أن “حزب الله” دعاه إلى استشارة النواب أعضاء “اللقاء التشاوري” الذين رفضوا الاقتراح بدورهم مصرين على تسمية أحدهم.

وذكرت المصادر أن اقتراح المخرج لم يرضِ الحزب، ما دفع باسيل إلى إعلان العودة عن فكرة التبادل بين عون والحريري، بين مقعد سني وآخر مسيحي، بحيث يستجيب في ذلك لهدف “حزب الله” حصر المشكلة داخل الفريق السني وحده. وتقول المصادر المطلعة على موقف الحريري إنه أبدى استياءه بدوره من مسايرة باسيل ل”حزب الله”، لاعتباره ذلك تراجعا عن تضامن عون معه في رفضه تمثيل النواب الستة الحلفاء للحزب.

وفي المقابل تلاحظ المصادر المواكبة لموقف رئيس الجمهورية أنه بموازاة امتعاضه من تعطيل “حزب الله” ولادة الحكومة بات يرى أن الظروف الحرجة تتطلب تنازلات من فريقي الأزمة معتبرا أنه قدم تنازلات خلال الأشهر الماضية خلال السعي إلى مخارج لعقدة تمثيل “القوات اللبنانية” بحيث يفترض بالآخرين أن يقوموا يقتدوا به ومنهم الحريري، ولم تستبعد أن يكون هذا ما قصده بالأمس حين تحدث عن “أم الصبي”، بينما الحريري يعتقد بدوره أنه قدم تضحيات و”لن يدفع الفاتورة مرتين” كما قال.

وترى المصادر أن قيام الحكومة في ظل المواقف المعلنة بات في سبات عميق من غير المعروف متى سينتهي. ويخشى العديد من الأوساط من أن يفاقم الوضع سوءاً، ويعيد العلاقة بين “تيار المستقبل” وبين “حزب الله” وحلفائه إلى سجال حول المسؤولية عن التعطيل.