لا تُبْدي الأوساطُ المتابعةُ لمسار تأليف الحكومة تفاؤلاً بإمكان أن تكون ولادتُها «عيديّةَ الميلاد» وأن تدْخل البلاد تالياً سنة 2019 بـ«بوليصة تأمين» مُتَجَدِّدَةٍ لواقِعها السياسي باتت شرْطاً لـ«النجاة» من المخاطر المالية – الاقتصادية المتعاظِمة، ولا سيما أن عقدةَ إصرارِ «حزب الله» على توزير أحد النواب السنّة الستة الموالين له ورفْض الرئيس المكلّف سعد الحريري التسليمَ بـ«أمر عمليات» الحزب ما زالت تُراوِح «فوق الشجرة» وسط انطباعٍ بأن الصعود إلى «أعلى» أو «النزول» كيفما كان صارا خياريْن… أحلاهُما مُرّ.
وبعدما أقفل الأسبوع الماضي على تطوّرٍ بارز شكّله تحييد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نفسه، عن عقدة سنّة 8 مارس، عبر تراجُعه عن المبادلة بينه وبين الحريري بوزير مسيحي يكون من حصة الأخير مقابل توزير سني من حصته (عون) وفق ما طَرَح رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل خلال لقائه «مجموعة الستة»، فإنّ الأوساط نفسها ترى أن استحضار عون سليمان الحكيم وحكاية «أمّ الصبي» يلاقي اقتناعَ فريقه بأنّ حلّ هذه العقدة، التي تجري محاولة لتصويرها بأنها باتت مشكلة سنية – سنية، لم يعد ممكناً خارج منطق التنازل من الفريقين وفق معادلة «لا استئثار ولا فرْض».
على أن الأوساط السياسية تطرح علامات استفهام كبرى عبر صحيفة “الراي” الكويتية حول إذا كان ما زال ثمة مكان لتدوير زوايا «العقدة السياسية بامتياز» كما وصفها الحريري ودار الفتوى، بعدما حدّد «حزب الله» سلّة شروطه وحتى «خريطة طريق» الحلّ ومدْخلها الشكلي استقبال النواب الستّة كمجموعة من قبل الحريري، في سياق ما يشبه عمليةً «بقنبلة عنقودية» تصيب أكثر من «هدف» وتكون لها تأثيرات آنية وأخرى بعيدة المدى تستكمل مسار «القضم» التدريجي للواقع اللبناني وإدارة السلطة فيه وتقويض توازناته.