ترك وقف اطلاق النار في قطاع غزّة بعد موافقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلافا لرأي وزير الدفاع افيغدور ليبرمان الذي استقال بسبب خلافه مع نتنياهو حول الموضوع، جمراً تحت رماد الوضع الاسرائيلي الداخلي، زاد من “خطر اشتعاله” رفض نتنياهو حلّ الكنيست والذهاب الى انتخابات نيابية مُبكرة اي قبل عام من موعدها، مصرّاً على الاستمرار في السلطة وعلى تحصين التحالف الحكومي القائم و”اغراء” الكتل المتحالفة معه داخل الحكومة للبقاء فيها وتوزيع المناصب الوزارية للذين استقالوا على كتل تضمن له البقاء في السلطة، والرد معاً على ليبرمان والمعارضة.
ويتزامن هذا التوتر الداخلي مع تحقيقات تجري مع ساره نتنياهو بتهمة هدر المال العام والحصول على رشاوى في وقت يحاول زوجها انقاذ التحالف الحكومي الصامد حتى الان، الا انه يبقى عرضة للسقوط في اي لحظة.
ويتذرع نتنياهو برفض اجراء الانتخابات المُبكرة بان اسرائيل في حالة حرب في غزة الامر الذي لا يسمح بالذهاب الى صناديق الاقتراع.
لكن وراء الاكمة ما وراءها، كما تقول اوساط دبلوماسية غربية مراقبة لـ”المركزية”، فبرأيها، “شعبية نتنياهو في انخفاض وان المعارضة تسجّل عليه انتصارات ما يدفعه الى رفض اجراء انتخابات مُبكرة تكون نتائجها “كارثية” بالنسبة اليه، فهو يتمسّك بالتحالف الحكومي لانقاذ حكومته من السقوط امام ضربات ليبرمان السياسية”.
وبما ان الجبهة في المنطقة الجنوبية (قطاع غزّة) قد هدأت بقرار من نتنياهو تتّجه الانظار الى الجبهة الشمالية (جنوب لبنان) للتعويض عن التراجع السياسي الذي سببّه وقف اطلاق النار في غزة على شعبية نتنياهو.
وفي السياق، تسأل الاوساط الدبلوماسية “هل يستخدم نتنياهو جنوب لبنان ورقة فيحاول من خلال عملية عسكرية ضرب اكثر من عصفور بحجر واحد؟ تعويم وضعيته السياسية، الرد على المعارضة، لاسيما ليبرمان الذي يطمح لان يحل محله، ابعاد شبح الانتخابات المُبكرة لتعزيز وضعيته، الالتفاف على التحقيقات مع زوجته في ملف الفساد وهدرالمال العام والرشى، تقديم اورق اعتماد لادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بتسديد ضربة في مرمى “حزب الله” تحت عنوان منع سلاح الميليشيات بالتزامن مع رزمة العقوبات الاميركية المفروضة على ايران ووكلائها في المنطقة والمسار الذي يسلكه المجتمع الدولي في مجلس الامن بحصر السلاح بيد الشرعية، واستطراداً “الافادة” من الاجواء العربية “المُناهضة” للحزب ودوره العسكري في ميادين عربية عدة”.
ولا تُسقط الاوساط من حسابات نتنياهو “قصة الصواريخ” التي تلاها على مسامع المجتمع الدولي من على منبر الامم المتحدة ومزاعمه حول الصواريخ التي يُخزّنها الحزب في مناطق عدة في لبنان”، وتشير الى “الفوائد الايجابية برأي نتنياهو على الداخل الاسرائيلي في حال فتح هذه الجبهة، منها تحريك الرأي العام الدولي، لاسيما مجلس الامن لاتّخاذ قرار حاسم بنزع سلاح “حزب الله” وعدم التهاون في هذا الامر”.
والى “بنك الاهداف” الذي ستُحققه اي ضربة اسرائيلية ضد حزب الله كما يعتقد رئيس الوزراء، يعوّل نتنياهو على “الانقسام” اللبناني الداخلي حول سلاح الحزب، لاسيما في بيئته وتجلى ذلك في ممارساته مع المعارضة خلال الانتخابات النيابية الاخيرة وما تردد عن “مخالفات” ارتكبت في مناطق النفوذ الشيعي والسعي لخنق الصوت المعارض بالقوة”.
فهل ينجح نتنياهو في العملية العسكرية في الجنوب بتعويم نفسه في الداخل الاسرائيلي والرد على المعارضة وطي ملف التحقيق في الفساد مع زوجته؟ ام يقع في فخ “حزب الله” ويورّط اسرائيل في حرب جدّية تنعكس على وضعه وتدفع المنطقة برمّتها الى حافة المواجهات العسكرية في ظل الكباش الاميركي-الايراني، علماً ان هنالك ضغطا دوليا للمحافظة الى الاستقرار في لبنان، لاسيما في الجنوب ومنع استغلال ايران لما يجري “لخربطة” اجواء الاستقرارالذي يعمل المجتمع الدولي على تثبيتها في المنطقة”؟