كتبت ملاك عقيل في “الجمهورية”:
يجاهر النائب شامل روكز منذ الآن أنّ الحكومة التي «تُنازع» لتولد والمفترَض أن تواكب ما تبقى من سنوات العهد «لديها مهلة سماح ستة أشهر بالحدّ الأقصى، وإذا فشلت عليها الرحيل وتأليف حكومة موالاة ومعارضة». ولا يُخفي «عتبَ الناس» أيضاً على عهدٍ «كان يُفترض أن يكون حازماً أكثر في مكافحة الفساد وبناء المؤسسات»، داعياً الى «إجراءِ نقدٍ ذاتيّ وتفعيلِ المحاسبة حتى في تيارنا السياسي».
فيما كان نائب كسروان في الصين التي زارها لأيام تلبية لدعوة «معهد الصين للدراسات الدولية الاستراتيجية» يدعو الى إعتماد لبنان تجربة «سيارات الصين الكهربائية تخفيفاً لنسبة التلوث وحفاظاً على البيئة»، كان الداخل لا يزال «مُكهرَباً» بفعل موجات «التوتر العالي» التي تضرب مشروع تأليف الحكومة، ومعها «المناعة الداخلية» على مقولة «الاستقرار المالي» الذي بات ضحية إشاعات تروّج يومياً لانهيار وشيك!
نائب كسروان يفتح «جبهات» في ملفات حيوية وإجتماعية وإقتصادية، كما بعض النواب المتحمّسين لإعطاء عمل النائب منحى أكثر جدّية ومسؤولية. بلغ الأمر حدّ الانتقاد المباشر لأداء وزارة الطاقة، خصوصاً بعد نشر دراسة دولية تشير الى نسبة التلوث العالية جداً في منطقة جونية الناتجة بالدرجة الأولى عن معمل الذوق الحراري.
سأل روكز الوزارة المعنية «لماذا لم تتّخذ الخطوات المطلوبة لإستبدال الفيول أويل المستخدم في معامل إنتاج الكهرباء بمادة الغاز على الرغم من الإجماع على أنّ ذلك يخفّف من الفاتورة الصحية ويقلل من كلفة تشغيل معامل الكهرباء ويزيد من الانتاجيَة؟ ولماذا لم يُصَر حتى اليوم الى بناء محطات التغويز بالقرب من معامل الكهرباء والتي يمكن وصلها بخط الغاز الساحلي بعد إنجازه؟ ولماذا لم تُتَخذ خطوات لإستقدام بواخر لتأمين الغاز المسيل ومدّ معامل الكهرباء به الى حين انشاء خط الغاز الساحلي؟
ويقول روكز لـ «الجمهورية»: «لقد توجّهتُ بأسئلة للحكومة إستناداً الى فارق الـ 40% في الكلفة بين «الفيول أويل» المستخدم حالياً والغاز الطبيعي، إضافة الى الأضرار الكارثية للفيول، وطبعاً وزراة الطاقة من الجهات المسؤولة عن هذا الواقع»، ويؤكد «أنني طرحت إعتماد عقود التشغيل في كل القطاعات مثلما حصل في ملف كهرباء زحلة وإعتماد وحدات الانتاج في المناطق. سألنا عن التقصير والحكومة يجب أن تجيب. الناس يعرفون أنّ هناك تقصيراً كبيراً، فالغاز يفترض أن يُعتمد منذ سنوات الامر الذي لم يحصل بعد، مع العلم أنّ الوزير سيزار ابي خليل اعلن عن إطلاق مناقصات لتلزيم الغاز، وسنرى متى يتمّ هذا الأمر».
ويضيف روكز «هنا تُطرَح تساؤلات عن مافيات الفيول والموتورات وكافة الملفات الفضائحية. نحن نسأل عمّن يحمي هذه المافيات. طبعاً «مافيات السياسة». نحن في دولة مافيات، وهذا تحدٍ كبير أمام الحكومة المقبلة لكي تتخلّص من دولة المافيات وتنتقل الى دولة المؤسسات».
لكن أيّ حكومة ستولد بعد مخاض التأليف؟ يجيب روكز: «في النهاية ستؤلّف الحكومة، مع العلم أنّ «الوزير» موضوع الأزمة اليوم سيكون في النهاية «وزير دولة» بلا حقيبة. إذاً المعادلة الوطنية والإقليمية واقفة على وزير، فهذه كارثة».
وفيما لا يزال فريق العهد في دائرة الإتهام بمحاولة الاستحواذ على «الثلث المعطّل» في الحكومة، يوضح روكز «من أجل ماذا يريدون الثلث المعطّل؟ الرئيس عون لديه إمكانية التحالف السهل مع «حزب الله» أو التعاون المتاح مع تيار «المستقبل»، فما فائدة الثلث المعطل؟».
يسلّم روكز أن لا أحد من القوى السياسية الكبرى «قادر اليوم بمفرده على أن «يُركّب» الثلث المعطل بسبب غياب التضامن القوي الذي يسمح بتكريس هذا الواقع»، لافتاً الى أنه «حين يكون أيُّ فريق في المعارضة يفكر بالتعطيل وليس مَن يكون في الحكم والسلطة».
يقف روكز في المنطقة الرمادية مفضّلاً عدم إتهام أحد مباشرة بمسؤولية تعطيل ولادة الحكومة ويقول: «كل واحد لديه مقاربة مختلفة». لكنه في المقابل يصوّب على الأساس «أنا مقتنع أنّ حكومات «الوحدة الوطنية» لم تنتج في لبنان ولم تحقّق إنجازات ضخمة»، مشيراً الى أنّ هذا النوع من الحكومات «يُركَّب على زغل فتتحوّل حكومات نكايات وتعطيل متبادل». ويضيف: «الناس عندهم عتب وقرف وقلة ثقة بسبب تركيبات حكومية كهذه. في الحكومة السابقة «قضّوها مناكفات»، ولا شئ يوحي أنذ الحكومة المقبلة ستكون مختلفة عن سابقاتها».
وفي هذا الإطار، لا يرى روكز فائدة في بذل الجهد لإعادة الجنسية الى لبنانيين أو الضغط عليهم للعودة ويقول: «نشهد اليوم هجرة أدمغة وحالة قرف عامة. أين المغتربون الذين يريدون الإستثمار؟ إعادة الجنسية تربط المغتربين بالبلد لكن من «بعيد لبعيد»، مشيراً الى أهمّية «تشجيع الاستثمارات، لكن كيف يمكن تحقيق ذلك في دولة غارقة في الفساد والإهتراء»، مؤكداً أن «سياسة تشجيع عودة المغتربين لا تنفع في دولة الفوضى والمافيات والجمود الاقتصادي والفوائد العالية وغياب البنى التحتية الأساسية».
يعترف روكز، للمرة الأولى، بصفته النيابية «أننا سنتحوّل كفريق سياسي الى «زقّيفة» إحتراماً لمفهوم التضامن في التكتلات السياسية، وهذا أمر غير منطقي ولا يبني مؤسسات، كونه يؤثر سلباً على المحاسبة والمراقبة… نعم للأسف، سأنضمّ الى صفوف «الزقّيفة» بحكم الأمر الواقع الذي سيفرض علينا مناقشة أيّ وزير محسوب علينا بالحدّ الأدنى هذا إذا لم نقضِ الوقت في الدفاع عنه».
وفيما يدعو صراحة الى النقد الذاتي يشدّد روكز على أن «مَن ليس لديه قدرة على العمل يفترض أن يكون خارج الحكومة. الناس ينتظرون إنتاجية وليس مراعاة أحد. وبالتالي يجب أن لا يتأخر أيّ فريق سياسي عن إنتقاد «جماعته» حين تحصل أخطاء وتقصير».
ومع ذلك، لا يبدو نائب كسروان متفائلاً بالآتي حتى لو شُكِّلت الحكومة غداً «فهذه حكومة «قلوب مليانة» ستنفجر من داخلها، وستكون ملعباً للتعطيل المتبادل، وحسابات الطموحات الرئاسية، فيما البلد لا يتحمّل أن تكون الحكومة «حقل تجارب». المطلوب إنجازات وفريق عمل منسجم ووزراء «خلاقين» ومسيّسين وأصحاب إختصاص».
ولماذا لم يُطرَح روكز للتوزير في حكومة العهد؟ يجيب: «أنا مع فصل النيابة عن الوزارة وأحترم هذا المبدأ لأنه يساهم أكثر في تحقيق الانجازات».
ينتقد روكز مَن «يتصرّف وكأنّ انتخابات الرئاسة غداّ، ومَن يواظب على «إعلان إنتصارات» متكرّرة في استحقاقات سياسية ظرفية، فيما الانتصار الوحيد يجب أن يكون لمنطق دولة المؤسسات. هذا هو الإنجاز المنتظر للعهد، إنجاز الرئيس ميشال عون كونه «رجل مؤسسات».
وفي المقابل يشير روكز الى «الإساءة» في فتح ملف استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية باكراً والى خطورته «حيث سيؤدي الى تكريس لغة التعطيل بين القوى الرئيسة المعنية بهذا الاستحقاق لتسجيل نقاط بعضها على بعض».
ولا يفصل روكز المصالحة بين «القوات اللبنانية» وتيار «المردة» عن الاستحقاق الرئاسي، مثنياً في الوقت عينه على «لقاء المصارحة بين النائب السابق سليمان فرنجية وأهالي شهداء مجزرة أهدن، ما يعكس إحتراماً كبيراً لهؤلاء». مع العلم أنه سبق لروكز أن انتقد رفع كؤوس الشمبانيا في ليلة إعلان «إتفاق معراب» «من دون إجراء مصارحة مع أهالي الشهداء».
يشير روكز الىّ «أن هذا الاتفاق قد يكون عمره أطول من «إتفاق معراب» بسبب تحرّره من القيود السياسية حتى الآن، وإستناده الى قاعدة المصارحة الحقيقية». ويضيف: «مصالحة فرنجية وسمير جعجع هي صفحة مسامحة ومصالحة، أكثر ممّا هي خطوة سياسية، مع العلم أنّ كل طرف يأمل في مردود سياسي إذا طُرح يوماً ما أي منهما رئيساً للجمهورية، بحيث قد لا يكون الآخر معه حكماً، لكن ليس ضده».
وإذا خيّر روكز النائب بين فرنجية والوزير جبران باسيل لرئاسة الجمهورية فمن يختار؟
يضع نائب كسروان «إكس» في خانة «لا جواب». ويستطرد قائلاً: «اليوم هناك رئيس جمهورية والأمر غير مطروح. بعد أربع سنوات «الله بيفرجها». هذه الفرضية «ملغومة»، مع العلم أن معادلات إنتخابات رئاسة الجمهورية ليست مرتبطة بالنجاح «على الصوت».
وإذا وصلنا فعلياً الى هذه الفرضية الملغومة؟ يجيب: «لن أكون مُحرجاً بل مرتاحاً وسأختار في حينه».