أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال عناية عز الدين
خلال مؤتمر وطني في الروشة بحضور النائب نزيه نجم ممثلا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وعدد من النواب واكاديميين وفاعليات.
وأعلنت عز الدين “ان أزمة الليطاني تعكس واقعا مريرا للدولة اللبنانية حيث تغيب الرؤية الواضحة والاستراتيجيات والسياسات العامة الرشيدة في كل المجالات وعلى كل المستويات”. وقالت: “أزمة الليطاني تظهر بدون ادنى شك غياب الاستراتيجية المائية والزراعية والصناعية والاقتصادية والبيئية والصحية والسياحية. انها الدليل على قصور وتقصير الحكومات المتتالية تجاه قضية اساسية هي قضية الموارد وكيف نستثمر في هذه الموارد لتحقيق التنمية المستدامة”.
ولفتت الى “ان التنمية المستدامة (التي وللمفارقة التزمت الحكومة اللبنانية بتنفيذ اهدافها للعام 2030) لا تتحقق الا من خلال اعتماد نمط لا يفرط في استثمار مصادر الثروات الطبيعية، او يخربها، أي تنمية تعمل على الحفاظ وتجديد الموارد والثروات وإعادة التصنيع والانتاج بشكل يضمن بيئة نظيفة وصالحة لحياة الأجيال الحاضرة والقادمة. للاسف، ان كل ما أصاب نهر الليطاني هو النقيض الكامل لكل هذه المفاهيم. لقد فرطنا في احدى اهم ثرواتنا الطبيعية وخربناها ونكاد نحرم الاجيال المقبلة منها. طريقة التعاطي مع هذا المورد الهام وسوء ادارته على مر السنين تختصر مأساة الحوكمة في لبنان، مأساة تقارب حد الملهاة”.
وقالت: “عبرت احدى المقالات الصحفية في صحيفة السفير عام 2016 عن واقع النهر وما يجري فيه ووصفته بانه اغتيال له ولناسه البالغ عددهم حوالى المليون فقير (وقد سبق لصحيفة السفير وفي احد اعدادها الاولى في ربيع العام 1974 ان عنونت على صدر صفحتها الاولى: “الليطاني نهر المليون فقير”). والحق يقال انه كذلك، الا اننا وبعد ثلاث سنوات ما زلنا عاجزين عن انقاذ النهر وكل يوم تنفجر أزمة جديدة تزيد الوضع سوءا”.
ولفتت الى “ان التلوث الكارثي لم يعد محصورا بالحوض الأعلى لنهر الليطاني من منبعه نبع العليق في بعلبك إلى بحيرة القرعون”. وقالت: “انسحبت الكارثة على الحوض الأدنى في الجنوب، وهذا يعني ان التأثيرات السلبية لهذا الواقع على حياة المواطنين ترتفع بشكل خطير. لذلك فإن الليطاني يحتاج اليوم لاكثر من مبادرة، الليطاني يحتاج الى حالة طوارىء، الى استنفار شامل في الدولة اللبنانية، والعلاج لا يكون بالمسكنات. الليطاني ايها السادة ليس مريضا فحسب انه يحتضر ويجب وضعه في غرفة العناية الفائقة وعلينا بل واجبنا بل لا خيار لدينا الا ان ننعشه بكل ما أوتينا من وعي لأهميته ومن إمكانات علمية وعملية ومادية كي نعيد نبض الحياة إليه”.
وأكدت “ان اقرار مجلس النواب اللبناني لقانون مكافحة تلوث الليطاني في 19 تشرين الاول 2016 هو امر مهم وجوهري ولكن العبرة تبقى في التطبيق خصوصا انه وبعد مرور سنتين على اقرار القانون الذي حدد مدة سبع سنوات لتنفيذ الخطة، لا تبدو الامور مشجعة. طبعا هناك جهود تبذل ومن بينها الاجراءات التي اتخذها رئيس مجلس إدارة المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية مؤخرا والتي وضعت التعديات في اطارها القانوني والقضائي وهناك الحملة الوطنية لانقاذ الليطاني وهذه اجراءات مشكورة مباركة ويجب الاستمرار بها وذلك وفق منطق الشراكة حيث للبلديات والاتحادات البلدية دور هام وحاسم”.
وقالت: “في كل الاحوال ان اي معالجة للتلوث في نهر الليطاني لا بد ان تتم وفق الضوابط التالية:
اولا: الحفاظ على تدفق الروافد الى النهر من خلال تنظيم حفر الابار الجوفية والحفاظ على نظافة مجاري الروافد وتنظيم عملية الاستفادة من الينابيع بشكل لا يؤثر على تدفق المياه باتجاه النهر.
ثانيا: وقف مصادر التلوث بكل اشكالها وانواعها من خلال ايجاد معالجة علمية للصرف الصحي في المدن والقرى الواقعة في حوض النهر والعمل على تفعيل محطات المعالجة القائمة وعلى انشاء وتفعيل محطات اخرى والفرض على جميع المصانع تكرير المياه عبر اتباع احدث المواصفات العالمية.
ثالثا: وضع حد للتعديات من المرامل والكسارات والمؤسسات السياحية.
رابعا: الحفاظ على نظافة مجرى النهر اضافة الى إزالة المكبات العشوائية المنتشرة في حوض النهر.
وأشارت الى “الدور المهم للبلديات كسلطات محلية في تعزيز مراعاة هذه الضوابط وتأمين الظروف الملائمة للمعالجات التي نتحدث عنها، ولعل الشراكة بين المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق واتحادات بلديات جبل عامل وبنت جبيل دليل على الدور المهم للبلديات في هذه القضية”.
وأكدت على “ان تطبيق القانون الذي يؤدي الى معالجة مياه النهر ومراعاة الضوابط المذكورة هو ضرورة حتمية من اجل ان تتحقق جدوى مشروع قناة الـ800″.
وأعلنت ان هذا المشروع يهدف الى نقل 110 مليون متر مكعب لري 13500 هكتار من بحيرة القرعون وتستفيد منه نحو 77 قرية من مياه الري و99 قرية من مياه الشرب، الا ان واقع تلوث الليطاني يكاد يقضي على هذا الحلم. ومن اجل ان لا يتحول الليطاني من نعمة الى نقمة، لا بد من التعاطي مع اي اعتداء او اهمال في حوضه على انه خيانة وطنية تستدعي اقصى العقوبات تجاه اي مقصر او معتد او مخل. ولا بد من الاستعانة بكل القدرات الداخلية والخارجية وتخصيص الموازنات المناسبة للبدء بالعلاجات الجذرية والبنيوية”.
وختمت طالبة من “جميع المعنيين بتشكيل الحكومة للاسراع في تذليل العقدة الاخيرة وذلك باعتماد روحية من التلاقي حول عناصر الجمع والابتعاد عن السلبية والتنكر لبعضنا البعض. فالظروف الداخلية والبيئة الخارجية المحيطة تستدعي حكومة وحدة وطنية جامعة تتكاتف للتصدي للازمات الوطنية وتعزز حالة الوحدة والمنعة الداخلية”.