Site icon IMLebanon

لمصلحة من اللعب على “الوتر الأمني” في الوقت المستقطع حكوميا؟

هذه المرة، صدق حدس رئيس مجلس النواب نبيه بري. لم تتأخر الأحداث “الميدانية” على هامش “الفيلم الحكومي الطويل” في الإثبات أننا فعلا “لم نعد نملك ترف الانتظار” حتى ينزل أصحاب السقوف المطلبية المرتفعة عن شجرتهم ويفكوا أسر الحكومة ومعها البلد والعهد.

ولم يكن أدل إلى هذا “التدهور” الخطير في منحى الأزمة الحكومية الآخذة في الاستفحال إلا الحرب الكلامية التي أطلق شرارتها الأولى رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب ضد الرئيس المكلف سعد الحريري، متهما إياه بالفساد، ومتطاولا على شخصه. مواقف استدعت رد فعل، لا يقل خطورة هو الآخر، استخدم فيه بعض أنصار تيار المستقبل الشارع، للمرة الأولى منذ أحداث 7 أيار، للرد على ما اعتبروه “استفزازا” بادر إليه وهاب.

ولكن، إذا كان التموضع السياسي المعروف لرئيس حزب التوحيد يضفي على تغريداته طابعا سياسيا يحمّلها رسائل سياسية من محور الممانعة الذي يجاهر بالمضي بلا هوادة في مواجهة تيار المستقبل، فإن مصادر سياسية مراقبة تنبه عبر “المركزية” إلى أن هذا لا يلغي ضرورة عدم الصمت إزاء التعرض للمقامات السياسية مع ما يعنيه ذلك من ضرب للاستقرار الأمني والسياسي الهش أصلا، خصوصا إذا كان من شأنها أن تفجر ردات فعل قد تشعل بشظاياها الشارع، وتتحول من مجرد تحرك عفوي إلى أحداث أمنية لا تحمد عقباها ويبدو لبنان في غنى عنها في المرحلة الراهنة، المطبوعة بلهيب اقليمي غير مسبوق.

وفي السياق، لا تخفي المصادر استغرابها إزاء صمت لبنان الرسمي عن المس بالاستقرار الذي يتفرد به لبنان في جوار عربي تتآكله نيران الحروب، لافتة إلى أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد يكون أول من التقط إشارات احتمالات المس بالاستقرار، بتلميحه إلى “أمر عمليات معمم بالتهجم والتعرض للكرامات واختلاق الأكاذيب والأساطير”، في رسالة مبطنة إلى خصمه على الساحة الدرزية وئام وهاب، علما أن الأخير سارع إلى نفي وجود “أمر كهذا”، مذكرا بأن ما قاله يرتبط بمعركته ضد “الفساد”، ومؤكدا الاستمرار فيها ولو بقي وحيدا.

على أن المصادر تطمئن في الوقت نفسه إلى أن تيار المستقبل، ومن ورائه الرئيس المكلف، شديد الحرص على المحافظة على هدوء “الشارع”، وإن كان الميدان الحكومي مشتعلا بالمواجهات والمحاصصات والحسابات البعيدة المدى. بدليل أنه بادر سريعا إلى سحب أنصاره من الشارع ودعوتهم إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء “الفتنة”، حاصرا التحركات وحرق الدواليب في إطار المبادرات العفوية الهادفة إلى التعبير عن عاطفة شعبية إزاء الرئيس المكلف”.

غير أن المصادر لا تسقط من حساباتها احتمال ركون البعض إلى اللعب الخطير على الوتر الأمني اللبناني الحساس لتمرير الوقت المستقطع حكوميا في انتظار جلاء الصورة الاقليمية والدولية التي قد تتيح للبنان أن يرى حكومته العتيدة تبصر النور بعد طول مماحكات. فرضية يبدو أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان قد تحسب لها هو الآخر حيث أكد أن “التطاول على الرموز الوطنية عقوبته السجن لأنه يؤدي إلى الفتنة التي لن نسمح بها”. أقوال لا تزال تنتظر أفعالا تضع النقاط على الحروف لمرة نهائية.