كلما مرّ يوم على طلب أمين عام حزب الله توزير أحد النواب السُنّة الستة في الحكومة العتيدة، تتوضح أكثر الأهداف التي يسعى أمين عام الحزب إلى تحقيقها من خلال هذا الشرط الجديد الذي لم يكن موضوعاً لا في حساب الرئيس المكلف ولا حتى في حساب رئيس الجمهورية الذي كان قبل خطاب سماحة السيد على وشك ان يوقع على مرسوم التشكيلة الوزارية التي وضعها الرئيس المكلف بعدما نجح في تبديد كل العقبات، وحلحلة كل العقد التي كانت تؤخّر التشكيل من عقدة القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر إلى عقدة الدروز بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبين النائب طلال أرسلان، الى ان وصلت الأزمة في الأسبوع الأخير إلى ذروتها بعدما كشف حزب الله الغطاء، ودفع ادواته إلى شن أوسع حملة على الرئيس المكلف وعلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري مستعملين كلمات وعبارات لم نعتد سماعها لا في الخطاب السياسي، ولا في جميع السجالات التي تنشب بين السياسيين منذ الاستقلال وحتى تاريخ اليوم.
الا ان ردة فعل الحزب على هذا الموقف كانت قوية، وان لم يدخل هو مباشرة على الخط بحيث استخدم ادواته المعروفة جيداً عند جميع اللبنانيين للتحريض على الرئيس سعد الحريري وفتح ملفات وهمية وإثارة عصبيات الشارع مما اوصل البلاد إلى هذه الحالة في الوقت الذي كان ينتظر اللبنانيون من حزب الله تبريد الأجواء الساخنة وتقديم كل ما يُمكن من أجل تسهيل ولادة الحكومة وإنقاذ العهد الذي يدعي ان له اليد الطولى في وجوده على ان يحقق بعض الإنجازات في السنوات الأربع المتبقية من ولايته، بدلاً من أن يضع البلد برمته امام خيار واحد وهو الفتنة التي تؤدي حتماً إلى حروب أهلية لا يعلم الا الله متى وكيف تنتهي.