للمرة الأولى بعد تسليم روسيا سوريا أنظمة الصواريخ أس 300، شنّت طائرات حربية إسرائيلية مساء الخميس غارات جوية على أهداف في ريف دمشق وأخرى جنوب سوريا، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي وقت ذكرت وسائل إعلام سورية رسمية أن الدفاعات الجوية أسقطت “هدفا معاديا” في الكسوة جنوب دمشق، قالت مصادر في المعارضة السورية إن المنطقة المستهدفة بالغارات يوجد فيها العديد من قواعد “حزب الله”.
وكالة الإعلام الروسية، من جهتها، نقلت عن مصدر أمني سوري قوله إن الدفاعات الجوية السورية أسقطت مقاتلة إسرائيلية وأربعة صواريخ، مشيرا إلى أن كل الصواريخ التي كانت تستهدف مدينة الكسوة أسقطت. أما الجيش الإسرائيلي فنفى تلك التقارير وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنها “زائفة”.
وبغض النظر عما إذا كانت المنظومة الدفاعية الروسية تم استخدامها لردع المقاتلات الإسرائيلية أم لا، فيما يكثر الحديث عن كون قرار تشغيلها في يد موسكو وحدها رغم تسليمها إلى النظام السوري، فإن مصادر دبلوماسية تقول، عبر “المركزية”، إن الغارة الإسرائيلية حُبلى، من حيث الشكل والتوقيت، بالرسائل العسكرية والسياسية.
فإصرار إسرائيل على مواصلة ضرب الأهداف التي يرى فيها تهديدا لأمنه القومي في سوريا، يشكّل تحدّيا واضحا لموسكو التي أرادت من مدّها حليفتها دمشق بصواريخ أس 300، رسمَ حدود للمناورات الاسرائيلية فوق المجال السوري.
والحال أن تل أبيب سبق وأبلغت روسيا بأن أية اعتبارات أو قرارات لن تردعها من التحرّك في سوريا لمنع توسّع النفوذ الايراني على مرمى حجر من حدودها. وقد شكّلت خطوتها العسكرية الخميس أبرز دليل إلى أن الموقف الروسي، إن كان فعلا ممانعا الضربة، لم يحل دون تنفيذ إسرائيل قرارها المبرم وغير القابل للنقاش، دائما بحسب المصادر.
هذا في الشكل. أما من جهة التوقيت، فاللافت أن الغارة حصلت ساعات بعيد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلغاءه القمة التي كان يفترض أن تجمعه إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأرجنتين على هامش قمة العشرين السبت، على خلفية أداء روسيا التصعيدي في أوكرانيا، وفق ما أعلن سيد البيت الابيض نفسه في تصريح يوم الخميس، قائلا: “استنادا إلى حقيقة أن السفن والبحارة لم تتم إعادتهم من روسيا إلى أوكرانيا، فقد قررت أنه من الأفضل لجميع الأطراف المعنية إلغاء اجتماعي المقرر سابقا في الأرجنتين مع الرئيس بوتين”.
وبحسب المصادر، من الصعب عدم ربط التصعيد الإسرائيلي بالموقف المتشدد الأميركي. ففيما تحظى تل أبيب بدعم كامل من واشنطن في المنطقة، ولاسيما في ما يخص محاربة التمدد الإيراني، من المرجّح أن يكون التوتر الأميركي – الروسي الأخير، انعكس “تحفيزا” أميركيا او أقلّه “تأييدا مطلقا” لإسرائيل لتنفيذ الغارة، بما تشكّله من استفزاز لموسكو ومنظوماتها الدفاعية المنتشرة في سوريا.
وتخشى المصادر أن ينعكس انعدام التواصل الأميركي – الروسي مزيدا من التوتر في النزاعات التي تمزّق المنطقة ككل وليس سوريا فقط.