رأى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني ان “لا بوادر ايجابية في الوقت الحالي لتشكيل الحكومة وثمة إصرار من بعض الاطراف على عدم التشكيل”، متمنيا “أن لا يطول الانتظار لأن الوقت ليس لمصلحتنا والانتظار أصبح عبئا على كاهل المواطن والاقتصاد والاستقرار في البلد”.
وقال في حديث لإذاعة “صوت لبنان-الأشرفية”: “القوات اللبنانية عندما قدمت التسهيلات لتشكيل الحكومة دعما للعهد وتسهيلا لعمل الرئيس المكلف وحرصا على مواكبة المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان، كشفت عن نوايا مبطنة كان يحق لنا جميعنا ان نعرفها، و”القوات اللبنانية” ليست نادمة على الإطلاق على الايجابيات التي قدمتها لتسهيل التشكيل. نحن مؤمنون بالمداورة ومقتنعون أن لا حقيبة حصرية لأحد، ومن هنا لم نتمسك بحقيبة الصحة كما تمسك البعض بحقائبه”.
وأضاف: “كان لدى حزب الله اهتمام دائم بوزارة الصحة، ربما لأنها قد تفيده في مناطق أثبتت الانتخابات ان لديه مشاكل شعبية فيها، لكن تمسكه بوزارة الصحة ومطالبته بها بشكل اساسي لم يكن ظاهرا سابقا”.
وردا على سؤال عن تداعيات استلام “حزب الله” حقيبة وزارة الصحة، أجاب: “اولا اكرر اننا مع المداورة في الوزارات، واننا غير متمسكين كقوات لبنانية بأي وزارة، واشدد اننا لا نهول على احد. ولكن ما يقال لنا بالقنوات الرسمية وغير الرسمية، ان هناك نوعا من التحفظات على ذلك. تشكيل الحكومة شأن لبناني ومن مسؤولية الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وعليهما ان يأخذا القرارات السليمة بمن يستلم اي حقيبة والتنبه ان حصل اي خلل ان صح ما يحكى عن عقوبات على وزارة الصحة او الدولة اللبنانية ككل”.
ولفت الى ان “استحداث الكتل واللقاءات النيابية من هنا وهناك من مختلف الطوائف يعيق الاسراع بالتشكيل”، وذكر بأنه “قيل للقوات اللبنانية مرات عدة إما أن تشاركوا وإما حكومة بمن حضر”، متسائلا: “لماذا لا نسمع هذا الكلام اليوم؟ هل هناك خوف من الجهة المطالبة أم أن هناك اعتبارات أخرى؟ الموقف واضح: اما تشكل الحكومة كما تم الاتفاق عليها ولينضم من يريد، واما البلد لم يعد يحتمل الانتظار لا على صعيد الوضع المالي ومالية الدولة وتوفر السيولة ولا نسبة لحجم البطالة الضخم وحجم النمو الضئيل جدا، لا على صعيد المستشفيات وموردي الامور اللوجستية للدولة الذين لهم مستحقات مالية بذمة الدولة لم تدفع بعد، اضف الى ذلك عدد الشركات والمصانع التي تتوقف عن العمل او تعلن افلاسها. تطمينات حاكم مصرف لبنان جيدة جدا ولكن هناك امور اخرى كثيرة يجب معالجتها. الازمة لا تقتصر على استقرار سعر الليرة. كذلك الى متى سينتظر المستثمرون الموعودون في مؤتمر “سيدر” والذي يتطلب منا اصلاحات كبيرة وقرارات سياسية جريئة؟ لسنا امام ازمة بل على شفير انهيار ان لم تتشكل الحكومة سريعا”.
وشدد على أن “مصالحة القوات اللبنانية مع تيار المردة ليست وليدة الصدفة انما جاءت نتيجة مشاورات طويلة وفي سياق جو مصالحة عام مسيحي ووطني”.
وقال: “مصالحتنا والمردة أسمى من التحالفات السياسية، فهي وجدانية بحت وتاريخية، وعلى الرغم من الاختلافات السياسية، هناك امور كثيرة نتفق عليها مرتبطة بحياة المواطن. والمهم ان النوايا صافية”.
وأكد ان “مصالحة معراب بجوهرها وبعدها الاستراتيجي لم تسقط، لكن ما تزعزع أو بالأحرى لم يطبق اساسا هو الآليات التنفيذية التي يجب ان تترجم المصالحة الى تعاون داخل مجلس الوزراء وفي ملفات اساسية”.
ولفت إلى أن “العلاقة بين رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس الجمهورية ميشال عون ايجابية وثابتة على اسس المصالحة، من وقت لآخر هناك اختلافات بوجهات النظر لكن لا سلبية بالعلاقة. لا تواصل مباشرا مع رئيس التيار “الوطني الحر”، وبإنتظار تشكيل الحكومة الجديدة سنرى كيف يمكن ان يحصل التنسيق”.
وردا على سؤال، أشار حاصباني الى “حملة مضللة تستهدفه كونه وزيرا قواتيا ووزيرا للصحة في آن”، لافتا الى ان “المنابر التي تستخدم في هذه الحملة فقدت مصداقيتها لأنها تسير باتجاه واحد ولا تعرض للرأي الآخر وهي تتناول الامور حتى بالشخصي”.
وأضاف: “نحن لم نأت الى الوزارة لمنافسة احد ولا نخاف احدا، بل نقوم بعملنا كما يمليه علينا ضميرنا ومسؤولياتنا. وضعنا استراتيجية في وزارة الصحة ونعمل عليها منذ العام 2017، هل اكتشفوا الآن ما يجب فعله في الوزارة بعد سنوات طويلة من وجودهم في الحكم؟ الآن تذكروا ان يخبرونا كلما قمنا بخطوة أنهم كانوا يريدون القيام بها؟ من يريد ان يخدم فليتفضل، ابوابنا مفتوحة للتعاون مع الجميع”.
وعن الدواء الايراني، قال حاصباني: “لم تتقدم اي شركة من ايران لتسجيل ادويتها في الاسواق اللبنانية. ولن نعدل شروطنا التي تعتمد المعايير الدولية من اجل افساح المجال لأي دواء من اي دولة كان كي يتسجل”.
وردا على سؤال، أجاب: “كيف اكون قد ركبت قطار المستوردين وأدافع عن سياسة غلاء الدواء، ونحن خفضنا اكثر من 300 دواء مطلع العام 2018 ومستمرون في خفض الاسعار، ففي مطلع العام 2019 سنخفض في شهر كانون الثاني اكثر من 1600 دواء وفي النصف الاول من السنة 3340 دواء”.
وأشار إلى أننا “اخذنا خطوات كبيرة في تعديل آلية تسعير الدواء وهذه الخطوة لا يمكن القيام بها يوميا، فهي ليست بسيطة وتتطلب دراسات عدة. في العام 2017 ادخلنا تعديلا يحسن جعالة الصيادلة حماية لدورهم، وقلصنا الفترة الزمنية لاعادة النظر بسعر الدواء من خمس سنوات الى ثلاث سنوات. كما الزمنا ان يكون سعر الدواء الجنيسي اقل من الدواء الاساسي. كذلك سيتقدم تكتل “الجمهورية القوية” باقتراح قانون لتعديل القانون المتعلق بالوصفة الموحدة ما يتيح للصيدلي ان يعرض للمواطن حق الاختيار بين الgeneric وbrand.
وتابع: “الهدف ليس خفض الاسعار عشوائيا، لأن الامر يدمر السوق وتفقد بعض اصناف الادوية حينها، خطواتنا مدروسة وعلمية. آلية التسعير ارسلت الى وزارات المالية والاقتصاد والصناعة بحسب القانون، واتت الموافقة عليها، كما اطلعت عليها نقابة المستوردين ونقابة المصنعين لأننا حريصون على دعم الصناعة الوطنية”.
وتابع: “اكثر من 60% من اللبنانيين لا يدفعون سعر الدواء الذي يحصلون عليه من الجهات الضامنة”. وأسف لـ “تبخر المختبر المركزي منذ سنوات”، مؤكدا ان “دوره اساسي وضروري، واليوم يستعاض عنه باللجوء الى مختبرات خاصة في لبنان وخارجه”، مشيرا إلى “مساعيه لانشائه في مجمع الكرنتينا والى تواصله مع الفرنسيين والايطاليين لتأمين التمويل اللازم”.
وختم حاصباني: “نقدم اليوم الخدمات الصحية للمواطنين من دون أي تمييز، ونتمنى أن يستمر من يستلم الوزارة بالعمل ذاته”.