كتبت صحيفة “العرب” اللندنية: أدانت قيادات وشخصيات وتيارات سياسية لبنانية الهجمة التي تعرض لها رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري من جهات محسوبة على حزب الله أو حليفة له بهدف الضغط عليه لتمرير تشكيلة حكومية على مقاس الحزب وأمينه العام حسن نصرالله.
وكانت التسريبات التي نقلت على لسان الوزير الدرزي الأسبق وئام وهاب، المقرب من حزب الله والنظام السوري، قد حملت اتهامات وسبابا نال من شخص الحريري ووالده رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.
واستنكر تيار المستقبل وقيادات سياسية ودينية لبنانية، الجمعة، ما وصفوه بـ”الحملة المنظمة” التي تستهدف الحريري ووالده.
وطالب مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان بـ”ألا تكون حرية الرأي السياسي نوعا من إثارة الفتنة واستفزاز مشاعر المسلمين واللبنانيين”، وذلك أثناء خطبة الجمعة في مسجد محمد الأمين، وسط بيروت.
ورأى محللون أن إطلاق التصريحات المتفرقة من عدد من الشخصيات المنتمية إلى حزب الله أو أخرى متحالفة معه ليس أمرا اعتباطيا، بل وليد “أمر عمليات” صادر عن قيادة الحزب بهدف ممارسة أقصى درجات الضغط على رئيس الوزراء المكلف، في إطار السجال الدائر حاليا حول مسألة تمثيل “سنة 8 آذار” داخل الحكومة الجديدة.
وقبل مدعي عام التمييز اللبناني القاضي سمير حمود، الجمعة، البلاغ المقدم بحق وهاب، الذي يشغل أيضا منصب رئيس حزب التوحيد العربي، وأحاله إلى شعبة المعلومات للتحقيق وإجراء المقتضى.
وتقدّمت، الخميس، مجموعة من المحامين بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية، ضد وهاب، بجرم إثارة الفتن والتعرض للسلم الأهلي استنادا إلى المادة 317 عقوبات، وذلك إثر تداول فيديو يتعرض فيه لرفيق الحريري وعائلته، ولرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
من جهته قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، عبر حسابه على تويتر “ليس المستهدف من التهجمات الأخيرة سعد أو رفيق الحريري بحد ذاتيهما، بل المستهدف هو الدولة اللبنانية بمفهوم الأكثرية الصامتة من اللبنانيين”. وأضاف “يجب أن نتكاتف جميعا لنمنع سقوط هذه الدولة”.
وذكّرت أوساط مراقبة بأن وهاب، وهو وزير سابق أيضا، سبق وأن أعلن في 12 نوفمبر، بعد اجتماع مع نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أنه قد تمت مناقشة السيرة الذاتية للحريري “وتبين لنا أنه غير صالح لرئاسة الحكومة؛ أفلس شركات والده وسيفلس الدولة”.
وغرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر تويتر قائلا “إن حملات التشهير والتزوير وصلت بالأمس إلى حدود الشغب والتحدي على طرقات الجبل”. ويسعى الزعيم الدرزي إلى النأي بالطائفة الدرزية عن الحملات التي يشنها وهاب، بصفته الدرزية، ضد الحريري.
واستنكر رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في بيان “الدرك الذي وصل إليه التخاطب السياسي”، ووصفه بـ”الشذوذ والإسفاف”. وأعلن السنيورة عن تضامنه مع الحريري، ودعا “السلطات الأمنية والقضائية إلى وضع حد له وإنزال أشد العقوبات بالمرتكبين”.
وتولت أصوات أخرى من حزب الله وحلفائه التصويب في الأيام الأخيرة على شخص الحريري في محاولة لتحميله مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة، وإبعاد هذه التهمة عن الحزب.
وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، قد أعلن في 8 نوفمبر أن تمثيل واحد من النواب السنّة المتحالفين مع حزب الله داخل تكتل “اللقاء التشاوري” هو شرط لولادة الحكومة.
وشن أحد أعضاء هذا التكتل، وهو النائب وليد سكرية، هجوما على الحريري يوم الاثنين، معتبرا أن “الخراب المادي في الدولة بدأ منذ لحظة تسلم الرئيس رفيق الحريري للسلطة”، متهما إياه بأنه “يحارب لنصرة المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة”.
من جهته، حمّل النائب عن حزب الله حسن فضل الله “النهج الذي بدأ عام 1992″ مسؤولية دفع الأثمان المالية والاقتصادية والاجتماعية، قائلا “هذا النهج، أي نهج الرئيس رفيق الحريري، هو الذي دمر اقتصاد لبنان وماليته”.
وتؤكد مصادر سياسية مراقبة أن الهجوم الذي يشنه حزب الله عبر وكلائه ضد الحريري يستهدف بالدرجة الأولى فريق رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي سبق أن عبّر عن تضامنه مع الحريري وتفهم موقفه من مسألة توزير واحد من نواب “اللقاء التشاوري” المقرب من حزب الله، قبل أن يتراجع بعد ذلك ويعلن “تفهمه” لمطالب هذه الكتلة.
وأشارت المصادر إلى أن التصريحات التي أطلقها جهاد الصمد، أحد أعضاء هذا التكتل، تحمل وزير الخارجية وصهر عون جبران باسيل مسؤولية “العقدة السنية” المستجدة. واعتبر الصمد أن الحكومة يمكن أن تتألف اليوم قبل الغد في حال تنازل الوزير جبران باسيل عن المطالبة بـ11 وزيرا في الحكومة.