تواصلت تفاعلات التظاهرات السيارة والمسلحة التي قام بها أنصار الوزير السابق وئام وهاب ليل الخميس الجمعة وصولا إلى بلدة المختارة حيث دارة آل جنبلاط، وبعد القرار القضائي بمثوله أمام شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي للاستماع إليه في إخبار موجه ضده بتهديد السلم الأهلي على خلفية التعرض للرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري إثر توجيهه عبارات نابية وإهانات إليه وعائلته.
وحصل إطلاق نار من قبل أنصار وهاب في بلدته الجاهلية في قضاء الشوف عندما توجهت قوة من شعبة المعلومات إليها لإبلاغ وهاب بوجوب الحضور إلى مركز الشعبة للتحقيق معه بعدما امتنع محاميه عن تسلم الاستدعاء واعترض على شكل الإدعاء معتبرا أن الاتهام الموجه إلى موكله من صلاحية محكمة المطبوعات ولا يوجب بالتالي خضوعه للتحقيق.
وبينما قال وهاب إن زهاء 100 آلية لشعبة المعلومات دخلت إلى البلدة قالت مصادر أمنية إن عدد الاليات لا ينهز الـ15 آلية وأن الدورية التي حضرت أخذت احتياطات لإمكان التعرض لها، وحين قيل لها إن وهاب ليس في منزله سلّم أحد الضباط مختار البلدة التبليغ، وبعد ذلك حاول بعض الشبان التعرض لرجال الدورية فجرى إطلاق نار وجرح أحد العناصر التابعين لوهاب ويدعى محمد بو دياب، بعيدا من منزل الأخير. وبعد تبليغ مختار البلدة باستدعاء وهاب للتحقيق غادرتها الدورية. وكانت قوة من الجيش آزرت دورية المعلومات وتمركزت عند مدخل البلدة.
وحصل هرج ومرج في منزل وهاب الذي تبين أنه كان موجودا في داخله، وبث أنصاره أخبارا بأن منزله مطوق، وأن الدورية حضرت لتوقيفه، بينما شددت المصادر الأمنية على أنها حضرت لإبلاغه بالحضور إلى التحقيق.
وكان ما حصل في منطقة الجبل ليل الخميس – الجمعة، وخصوصا في قضاء الشوف من استنفارات وشغب وظهور السلاح أدى إلى قطوع خطير مر بأقل الأضرار نتيجة تدخل الجيش اللبناني هناك فاستوعب الاحتقان الذي كاد يهدد الوضع الأمني بعدما قام بعض أنصار وهاب، الحليف ل”حزب الله” وللقيادة السورية، بمسيرات سيارة حمل من فيها السلاح، انتصارا له في حملته على الرئيس الحريري وردا على الإجراءات القضائية ضده، شملت بلدة المختارة عرين آل جنبلاط.
وأثار تجول زهاء 25 سيارة في عدد من القرى الشوفية أنصار رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب السابق جنبلاط الذين نزلوا إلى الشوارع في قرى عديدة في الشوف، وطوقوا موكب السيارات التابع لوهاب إلى أن حضرت قوة من الجيش لسحبهم من منطقة الباروك في أعالي الشوف، تحت حماية وحداته، ثم أوقفت 57 منهم للتحقيق معهم وصادرت الأسلحة التي بحوزتهم و25 سيارة.
وتقول مصادر قيادية في “الاشتراكي” لـ”الحياة” إن حملة وهاب على الرئيس الحريري وعلى والده الشهيد رفيق الحريري تجاوزت كل حدود في شكل أخذت تذكر مع بعض المواقف الأخرى بالحملة على الأخير قبيل اغتياله عام 2005، وأن جنبلاط تقصد التضامن مع الحريري لأنه ومحيطه فهم الحملة على أنها جاءت بتعليمات من القيادة السورية، وهو ما دفعه إلى القول في إحدى تغريداته بوجود أمر عمليات وراء هذه الحملة. وهذه القراءة نابعة من قناعة جنبلاط بأن عرقلة تأليف الحكومة أصلا منبعها خارجي كما أوحى في أكثر من تغريدة وتصريح في الأسبوعين الماضيين.
وتشير المصادر القيادية في “الاشتراكي” إلى أن بعض محيط جنبلاط تعاطى مع العراضة المسلحة التي قام بها بها وهاب في الشوف وإقفال بعض أنصاره ليل الخميس الجمعة بعض الطرقات الرئيسة في الشوف، وصولا إلى تحدي أنصار جنبلاط بمرور التظاهرات السيارة في المختارة، على أنها تذكير بالإنذار الذي وجهه إليه الرئيس السوري بشار الأسد خلال اللقاء الأخير الذي جمعه بالرئيس الشهيد رفيق الحريري في شهر آب (أغسطس) عام 2004 حين أجبره على التمديد للرئيس السابق إميل لحود، إذ قال للحريري الأب آنذاك أنه “إذا كان جنبلاط يعتقد أن الدروز معه فهناك دروز معي وبإمكاني أن أكسر الجبل على رأسه أيضا”.
وأوضحت المصادر أن جنبلاط تعاطى مع عراضة وهاب على أنها تكرار للرسالة ضده، خصوصا أن أخبارا أخذت ترده ليل الخميس عن تفاصيل التحركات التي قام بها أنصار وهاب، وعن الغليان الذي تسبب به ذلك في صفوف أهالي الجبل وأنصار المختارة و”الاشتراكي”، الذين نزلوا إلى الشوارع وحمل بعضهم السلاح.
وكشفت المصادر القيادية في “الاشتراكي” أن جنبلاط خلافا لسلوكه في مرات سابقة حصل في صدام أو توتر بين المحازبين وبين جماعة وهاب، أو مع “حزب الله” في حوادث عدة على مر السنوات الماضية، حيث كان يتشدد في زجر المناصرين بشدة ويمنعهم من النزول إلى الشارع أو اللجوء إلى السلاح، لم يفعل ذلك هذه المرة.
وأضافت المصادر: “اكتفى جنبلاط بالطلب من القيادات الحزبية والمناصرين على الأرض عدم استخدام السلاح، وعدم الدخول في اشتباك مسلح، وتفهم سبب نزولهم لتطويق جماعة وهاب ودعاهم إلى الحذر، في انتظار معرفة ما سيقوم الجيش لضبط مسلحي وهاب الذين كان غاضبا من تصرفهم ومن خلفياته السياسية. لكنه طلب إلى قياديين حزبيين إيصال رسالة إلى “حزب الله” الذي يرعى وهاب وأنصاره، بأنه لن يقبل هذه المرة أن يجري تحديه بهذه الطريقة، وأنه سيمنع إذلال الجبل من قبل حفنة من المسلحين مهما كان الثمن وأنه قد لا يضمن ما يمكن لأنصاره أن يقوموا به.
وأوضحت المصادر نفسها لـ”الحياة” أن “حزب الله” الذي استوعب خطورة المس برمزية دار المختارة وتمادي مسلحي وهاب وطبيعة رد الفعل المحتمل من أنصار جنبلاط، أبلغ الأخير بأنه يتفهم موقفه ولا يوافق على ما يحصل. وفي تقدير المصادر أن الحزب أجرى اتصالات بوهاب طلب منه التهدئة والعودة عن العراضات التي يقوم بها مسلحوه، وأن هذا ما دفع وهاب إلى التصريح بأنه لم يكن يعلم أن أنصاره سيتوجهون إلى المختارة، مشيرا إلى أنها كانت غلطة. ولفتت المصادر إلى أن غضب حنبلاط وقراءته للخلفية السياسية للتحرك ضده عبر عنه في التغريدة التي قال فيها: “المختارة خط احمر أيا كانت الموازين الاقليمية”.
كما أن جنبلاط طلب إبلاغ الرسالة إلى قيادة الجيش بأنه لن يسمح بتمادي مسلحي وهاب ولن يتهاون في التعاطي معه على هذا الشكل. وقالت إن قائد الجيش العماد جوزيف عون تصرف بسرعة فتدخلت وحداته أولا لسحب مسلحي وهاب وأوقفت العديد منهم فنزع فتيل مواجهة كان يمكن أن تؤذي إلى سفك الدماء. ورأت المصادر أن العماد عون تصرف بحكمة وحزم حيال الموضوع ما وفر على الشوف احتمال صدام خصوصا أن أنصار جنبلاط في حال احتقان جراء منعه إياهم من التحرك ضد تمادي وهاب في تجاوزاته في السنوات السابقة.
وأشارت مصادر “الاشتراكي” إلى أن الدليل على الخلفية السورية لما حصل هو ما قاله النائب السابق في مجلس الشعب السوري أحمد شلاش عن أن “على سعد الحريري وبلطجيته ان يعوا أن أي مس بالحليف والصديق وئام وهّاب فهذا يعني قلب بيروت عاليها سافلها.. وقد اعذر من أنذر”.