فيما ضاع الملف الحكومي خلف غبار حوادث الجاهلية ومن بعدها التطورات الجنوبية مع اطلاق الجيش الاسرائيلي عملية “درع الشمال”، وفي وقت خفتت الى حد الشلل حركة المشاورات لتذليل العقبات التي تعترض طريق التأليف متأثرّة أيضا بوجود “لولبها” وزير الخارجية جبران باسيل في العراق تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” إن مستجدات الساعات الماضية وخطورتها، يفترض ان تنعكس ايجابا على اتصالات التشكيل، حيث من المتوقّع ان تشهد تزخيما في الايام المقبلة، نظرا الى كون التحديات الاستثنائية تستدعي وجود حكومة مكتملة الاوصاف، لمواكبتها.
المصادر تشير الى ان هذه الحركة انطلقت منذ السبت الماضي في الكواليس، وعلى اكثر من محور، أبرزها بعبدا – بيت الوسط – عين التينة، وقد ظهر جزء منها الى العلن من خلال زيارة وزير الثقافة غطاس خوري، المتابِع الملف الحكومي من كثب في “المستقبل”، رئيسَ الجمهورية العماد ميشال عون امس، حيث اشار الى ان الاتصالات قائمة لتذليل العقبات امام ولادة الحكومة.
واذ تلفت الى ان النصائح الدولية تتوالى داعية الى الاسراع في التشكيل، وهي تجددت امس إبان التصعيد الاسرائيلي على الحدود مع لبنان، توضح المصادر ان باسيل سيطلق، بتكليف رئاسي، جولة مفاوضات جديدة مع المعنيين بعقدة تمثيل سنّة 8 آذار، وسيستكمل مساعيه للوصول الى تسوية وسطية من خلال البحث في “الافكار العملية” التي تحدّث عنها الاسبوع الماضي.
الا ان المصادر تقول ان الوضع صعب. ففيما الرئيس المكلف سعد الحريري ثابت على موقفه ويرفض الانكسار امام سنّة 8 آذار، رفع هؤلاء من نبرتهم في الايام الماضية مطالبين بحقيبة يختارونها، وليس فقط بتوزير أحدهم. كما دخل الى المشهد المعقّد، عاملٌ اضافي تمثّل في رصّ صفّ “دروز 8 آذار”، اذا جاز القول، في اعقاب حوادث الجاهلية، برعاية من “حزب الله”، حيث عاد الحديث عن ضرورة توزير رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان في الحكومة.
على اي حال، تضيف المصادر، ومع ان البعض يقول ان توسيع الحكومة قد يكون خيارا للحل، بحيث تنتقل من 30 الى 32 او 36 وزيرا، يبدو ان هذا الاقتراح مرفوض، لا سيما من بيت الوسط، الذي يتمسك بالصيغة الاساسية، الموزّعة وفق 3 عشرات، بحيث لا يحظى اي فريق بالثلث المعطّل.
وعليه، ترجّح ان يكون السبيل الوحيد الى الخروج من النفق، متمثلا بلعب رئيس الجمهورية دور “أمّ الصبي”، فيضحّي من كيسه ومن حصّته الوزارية، ويجيّر السنّي الذي تتضمّنه، لصالح سنّي معارِض (لا يستفزّ الرئيس المكلّف)، إنقاذا لعهده وتغليبا للمصلحة الوطنية العليا، التي تقتضي في هذه المرحلة الحساسة، إكمال عقد المؤسسات ووقف حرق الوقت والمماحكات.
وبحسب المصادر، لم تعد بعبدا بعيدة من هذا التوجّه، الا انها تنتظر تعهّدا من الجميع بأن حلّ هذه العقدة، لن يعقبه “تفريخ” عقدة جديدة في اللحظة الاخيرة، تعيد مساعي الحلحلة الى النقطة الصفر، على غرار ما حصل الشهر الماضي. فهل يرضى الجميع بالتراجع خطوة للوصول الى الخواتيم السعيدة حكوميا، أم ان مزيدا من المماطلة لا يزال مطلوبا، مواكبة للتطورات الاقليمية والدولية؟