كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:
لم يكن ينقص لبنان سوى دخول العامل الاسرائيلي عليه من بوابة «حرب الأنفاق» ليكتمل «نصاب» المَخاطر الكبرى التي تقبض على واقعه في ظلّ فراغٍ حكومي تملأه التوترات… المتناسِلة.
ففيما كانت بيروت تنتقل من نفق أزمة تأليف الحكومة الجديدة الى «نفق الجاهلية» وخَضَّتِها على تخوم نَفَقٍ اقتصادي – مالي يشي بما هو أسوأ، جاءتْ «معركة الأنفاق» التي أعلنتْها تل أبيب ضدّ «أذْرعِ تحت الأرض» التي تزعم ان حزب الله مدّها في اتجاه مستوطنات شمالية، لتضع «بلاد الأرز» في مهبّ وقائع بالغة الحساسية تعكس المنعطف الخطير الذي يحوط بلبنان.
ولم يُخْفِ الاسترخاءُ الظاهرُ الذي خَيَّمَ أمس على المقلبِ اللبناني من الحدود مع اسرائيل القلقَ من مآلِ عمليةِ «درع الشمال»، اذ إنه ورغم وضْعها من تل أبيب في «إطارٍ دفاعي» فإن «سياقَها السياسي» حَمَل «بذور» مخاوف تبدو مشروعةً من أن تنزلق الى مواجهة عسكرية بين اسرائيل وحزب الله إما بقرار كبير أو بخطأ كبير.
وسادَ الكواليس السياسية في بيروت تَرَقُّبٌ ثقيل في انتظارِ اتضاح كل «خيوط» الخطوة الاسرائيلية ولا سيما أنها أتتْ بعيْد لقاء عاجلٍ ومفاجئ عُقد في بروكسيل بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي تَبَلَّغَ من الأوّل تفاصيل عملية «درع الشمال» التي حدّدت هدفاً هو «تدمير الأنفاق الهجومية لحزب الله التي تتجاوز الحدود الى داخل أراضينا»، الأمر الذي عزّز الخشية من اتجاهٍ لزيادة الضغوط على لبنان.
وفيما كانت المتابعة الميدانية تتركّز على الجيش الذي أكد انه «على جهوزية تامة لمواجهة أي طارئ» واصفاً الوضع في الجنوب بأنه هادئ ومستقر، وعلى قوة «اليونيفيل» التي أعلنت أنها «تعمل مع جميع المحاورين من أجل الحفاظ على الاستقرار العام»، فإن المواكبة الرسمية تجلّتْ باتصالاتٍ أجراها الرئيس العماد ميشال عون برئيسيْ البرلمان نبيه بري والحكومة المكلف سعد الحريري وقائد الجيش العماد جوزف عون، قبل ان يستقبل في زيارة لافتة السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد التي أعلنتْ أن البحث تناول التطورات في منطقة الجنوب، ومؤكّدةً دعْم بلادها للبنان وأهمية تشكيل حكومة جديدة.
وإذ اعتبر وزير الخارجية جبران باسيل من بغداد ما يجري على الحدود «بأنه واحدة من التحديات» مطمئناً الى «قوة لبنان وصموده» ومؤكداً «ان لبنان لم يكن يوماً إلا في دفاع وأحياناً استباقي»، تمنى ان يشكّل هذا التحدي حافزاً للإسراع في تشكيل الحكومة.
ولاقتْ إطلالةُ باسيل على الملف الحكومي من زاوية المخاطر المحيطة بلبنان علامات الاستفهام التي تزدحم في بيروت حول إذا كانت لعبة «عضّ الأصابع الداخلية» بلغتْ «حافة الهاوية» الأخطر بما يفتح الباب أمام تسويةٍ لأزمة تشكيل الحكومة تسمح بالإفراج عنها قريباً، أم أن إدارة الظهر لـ«أجراس الإنذار» التي تُقرع على أكثر من مستوى ستستمرّ بما يؤكد وجود قرار بربْط لبنان بـ«حبال المنطقة» ومساراتها.
وتتجه الأنظار في هذا السياق إلى المآل السياسي والقضائي لـ«قطوع الجاهلية» التي تحوّلتْ إلى ما يشبه «ستوديو مفتوح» يستقطب الزائرين للوزير السابق وئام وهاب لتعزيته بمُرافِقِهِ محمد ابو ذياب الذي سقط في يوم محاولة إحضار وهاب (السبت) لسماع إفادته في الإخبار بحقّه بجرم إثارة الفتن من خلال إساءاته غير المسبوقة للرئيس سعد الحريري ووالده الشهيد الرئيس رفيق الحريري.
وبدا واضحاً أن حزب الله وحلفاءه استفادوا من تطورات يوم السبت لتحويلها منصة هجوم على القضاء والأجهزة الأمنية، وتصوير الحزب على أنه «المُنْقِذ» من «حمام دم» بعدما كان مُتَّهَماً بأنه يقف وراء «أمر عمليات» سياسي بإطلاق حملة على الحريري الأب والابن في سياق ضغوط يمارسها لتشكيل الحكومة بشروطه، في حين برزت ملامح استعادة حلفاء النظام السوري والحزب في الجبل علاقاتهم التحالفية على وقع زيارة تعزية قام بها أمس السفير السوري علي عبد الكريم علي للجاهلية.