اذا كان من مجال للشك أن الحكومة عالقة في شباك اجندات خارجية تمنع ولادتها منذ ستة اشهر ونيّف، بفعل تنفيذها من قوى سياسية محلية عن طريق اختلاق عقد وعقبات مصطنعة، فإن الثابت والاكيد ان اجندة الامن والاستقرار لبنانية محصنة دوليا بخط احمر ممنوع على اي طرف سياسي او حزبي تجاوزه. اما سلسلة الخروق الامنية التي شهدتها الايام الاخيرة، بقاعا اثر اشتباك مخابرات الجيش مع اشخاص من آل جعفر في بعلبك ادت الى سقوط اربعة قتلى من المطلوبين الخطرين في جرائم لا تعد ولا تحصى على ما تؤكد مصادر عسكرية لـ”المركزية”، وما استتبعه من توتر وبيانات تهديد ووعيد من بعض الخارجين عن القانون ثم احراق حواجز ومراكز كان الجيش اخلاها في اطار عملية تبديل مواقع، وجبلا مع حادثة الجاهلية التي “افتعلها” الوزير السابق وئام وهاب من خلال عدم مثوله امام القضاء، على رغم تبليغه مرات عدة ما اضطر القوى الامنية للتوجه الى مكان اقامته حيث كان ما كان من اطلاق نار وسقوط قتيل، هذه الخروق تؤكد اوساط امنية انها غير متلازمة ضمن بوتقة واحدة ولا مرتبطة بأمر عمليات لتفجير الساحة ونسف الاستقرار، فيما تزامنها مجرد صدفة، اضيفت اليها “حرتقات” اسرائيلية على الحدود الجنوبية، عن طريق حملة “درع الشمال” التي اطلقتها تل ابيب امس بحجة اقفال نفق، ادعت ان حزب الله حفره، ما ولّد نقزة لدى اللبنانيين من امكان ان تشكل بداية لمشروع حرب تعدها على لبنان.
تجزم الاوساط في هذا المجال، ان الوضع الامني ممسوك بإحكام اكثر من اي يوم مضى والاجهزة العسكرية والامنية تضطلع بمهامها بأعلى درجات اليقظة والحرفية، وترصد اي بؤرة توتر لوأدها في مهدها ومنع تطورها، بدليل ان ما جرى في بعلبك والجاهلية تم تطويقه سريعا وحصر مفاعيله في زمانه ومكانه، أمنيا حيث دعت الحاجة وسياسيا عبر حركة اتصالات لجمت الانفعالات وردات الفعل.
غير ان الاوساط تشدد على ان الاجهزة المشار اليها، ولئن كانت في اعلى درجات الاستعداد لمواجهة اي طارئ امني، لا يمكن ان تستمر في مهمة معالجة ذيول خلافات السياسيين التي تتفجر ميدانيا على غرار حادثة الجاهلية، ذلك ان مهمات جساما ملقاة على عاتقها اخطر وابعد من “نَكوَزات الداخل السياسية” من مواجهة الارهاب المتربص بالبلاد في اكثر من منطقة بما يتطلب من وعي ورصد ومتابعة على مدار الساعة الى مواجهة العدو الاسرائيلي.
وليس بعيدا، تشير الى اهمية توفير الغطاء السياسي الرسمي لعمل هذه الاجهزة وعدم تركها لمصيرها تواجه الافتراءات السياسية في حقها، مذكرة بالحملة التي شنها بعض القوى السياسية عليها إبان حادثة توقيف الوزير السابق ميشال سماحة التي تلقفها انذاك رئيس الجمهورية فاستقبل قادة هذه الاجهزة ليؤكد للبنانيين جميعا ان عملها ومهامها لحفظ الوطن وصونه عن طريق فرض وتطبيق القانون محصّنة رسميا وتحظى بالغطاء الشرعي الذي يقيها سهام المتضررين من كشف مخططاتهم الجهنمية للبنان.
وتبعا لذلك، تدعو الاوساط الى التفاف الدولة برؤسائها ومسؤوليها حول الاجهزة الامنية لمدّها بجرعة دعم معنوية في مواجهة مطلقي النار عليها لحملها على التخلي عن مهمة تنفيذ القانون المُكلّفة بها، وعدم توفير الفرصة لهؤلاء للقنص عليها، مستغلين غياب الموقف الرسمي ومحاولات اقحام الاجهزة الامنية في الخلافات السياسية، لان خلاف ذلك لا بد ان ينعكس سلبا على معنويات الاجهزة اولا وعلى هيبة الدولة وسلطة القانون ثانيا وعلى ثقة المواطن بهذه الدولة ثالثا.