كتب د. مازن ع. خطاب في صحيفة “اللواء”:
تستمر الإجراءات المتعلقة بقضية الوزير السابق وئام وهّاب بوتيرة تأخذ بعين الاعتبار انتهاء فترة التعازي في بلدة الجاهلية، وتبريد الأجواء المتوتّرة. ويبدو الأمر مفتوحاً على كل الاحتمالات، خصوصاً ان الوزير السابق لم يمثُل حتى الآن امام القضاء للاستماع الى إفادته. وبالتالي لا يمكن معرفة المسار القانوني الذي ستسلكه القضية إلا بعد الاستماع اليه، فربما تثبت الاتهامات الموجّهة اليه وربما تسقط، بحسب الرأي الاستنسابي وفق السلطة المعطاة للنائب العام التمييزي.
لكن اللافت هو اقدام وكيل الوزير السابق على تقديم ثلاث مذكّرات، أتت كوسيلة هجوم استباقي، ربما، وبهدف تحويل الانظار عن مسار العدالة عبر تمييع التحقيقات واستغلال الاشكال التقني في تنفيذ الأجهزة الأمنية لمهمّتها. وأيضاً لإيهام الرأي العام أن في جعبة هذا الفريق الكثير من «المفاجآت»، ما يسمح له بخوض التحديات واثبات مكانته على الساحة السياسية.
لكن المرجّح ألا تؤثّر هذه المذكّرات على سير الاجراءات القضائية، التي اخذت مسارها الطبيعي، بسبب الشوائب التي تعتريها، فالمذكرّة الأولى طُلِب فيها نقل الدعوى إلى محكمة المطبوعات على أساس أنها تتضمّن جرائم القدح والذم، ويفترض ألا يأخذها القضاء بعين الاعتبار لأن طبيعة الجرم لم تحدد بعد بما ان الوزير السابق لم يدلِ بإفادته امام القضاء حتى الآن. إضافة الى ان الإِخبار المُقدّم بحقّه تضمّن الادعاء بمضمون جرم المادة /317/ عقوبات المتعلقة بجرائم اثارة الفتن والتعرض للسلم الاهلي.
أمّا المذكّرة الثانية فطُلِب فيها ردّ القاضي سمير حمّود، أي تنحيته عن النظر في الدعوى، وهنا يفترض أن يردّها القضاء الى مقدّمها وتضمينه غرامة مالية لأنها لم تراعِ الأصول في الشكل على اعتبار ان من ينظر في ملف الدعوى هو قاضٍ آخر غير القاضي حمّود. والمذكّرة الثالثة تضمّنت شكوى أمام التفتيش القضائي بحق القاضي حمّود، ويُفترض أن يتم حفظها، أي ان القضاء لن ينظر فيها، اولاً لأن القاضي حمّود هو نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى بحكم أنّه النائب العام التمييزي، وثانياً لأن من ينظر في ملف الدعوى هو قاضٍ آخر.
يأمل اللبنانيون أن يستكمل الملف مجراه القانوني، وأن يقوم القضاء بمهمّته بعيداً عن التسييس، ولكن، تظهر عدة أسئلة حول ما يمكن ان يحصل من تطوّرات: فماذا سيحصل في حال لم يمثُل الوزير السابق امام القضاء وتم اصدار مذكّرة توقيف بحقّه؟ وماذا ان مثل امام القضاء وتم اتهامه بجرائم جزائية؟ وماذا ان تم اتهامه بجرم القدح والذم فقط؟
كل هذه الأسئلة وما تحمله من اعتبارات وتداعيات على الساحة اللبنانية تضع القضاء امام اختبار صعب، وخيارين احلاهما مرٌّ، فإمّا متابعة الملف بغض النظر عما ستؤول إليه نتائجه السياسية، او طي الملف بإخراج مناسب وإيعاز سياسي بحجّة الحفاظ على السلم الأهلي!