هل يلتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهدوء في الجنوب أم يُغامر من أجل إنقاذ وضعه السياسي المُثقل بتُهم الفساد الموجّهة ضده وضد زوجته قبل الانتخابات مهما كان الثمن؟ سؤال بات يُلازم التحليلات الصحافية والقراءات السياسية لأبعاد عملية “درع الشمال” التي أطلقها الجيش الإسرائيلي منذ يومين في جنوب لبنان ضد أنفاق تابعة لـ”حزب الله” يزعم أنها تمتد حتى الأراضي الإسرائيلية.
ومع أن عملية غزة التي اتّخذ نتنياهو قرارًا بوقف النار والتزام الهدنة وهو ما دفع وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان إلى الاستقالة، ضاعفت من اهتزاز وضعه السياسي بعدما أدّت إلى تصدع حكومته إثر خروج ليبرمان من التحالف الحكومي مع آخرين والمطالبة بانتخابات مُبكرة عارضها نتنياهو على اعتبار ألّا يمكن إجراء الانتخابات في ظل أجواء الحرب، إلا أن نتنياهو ماضٍ في سياسته الخارجية تجاه “حزب الله” ونشاطه العسكري في لبنان وسوريا بتأييد من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الماضية بدورها في زيادة الضغط على إيران.
وقد تكون صور خريطة الصواريخ التابعة لـ”حزب الله” التي أبرزها من على منبر الأمم المتحدة خلال اجتماعات الجمعية العامة من بين الأوراق الصالحة لتوظيفها لاحقًا في الداخل الإسرائيلي لرفع رصيده الشعبي ومنها أيضًا خبر مصانع السلاح وليس أخيرًا أنفاق الحزب في الجبهة الشمالية.
وفي مقابل الضوء الأخضر الأميركي لنتنياهو في عملياته العسكرية الخارجية، برز تمايز أوروبي أخيرًا بين الإدارة الأميركية وحلفائها داخل مجلس الأمن أثناء مناقشة الوضع في غزة وعدم موافقة الأوروبيين على مشروع القرار الأميركي ضد حركة “حماس”، وهو ما ترك ندوبًا في العلاقات بينهما، بحسب ما تقول أوساط دبلوماسية غربية لـ “المركزية”، لافتةً الانتباه في هذا المجال إلى “خروج صياغة مشروع القرار بشأن الأوضاع في غزة عن الإشارة إلى مرجعيات الحل الدولي، لاسيما حل الدولتين”، معتبرةً أن “مسودة المشروع قد تعتبر توطئة لمشروع السلام الشامل في الشرق الأوسط الذي يزمع ترامب البدء بتسويقه مطلع العام الجديد”.
أما الحصة اللبنانية من مسودة المشروع فتكمن بعدم التصعيد الإسرائيلي جنوبًا، لذلك أشارت الأوساط الدبلوماسية إلى أن “ما جرى في عملية “درع الشمال” قد يوظّف لاحقًا لمنع حيازة السلاح لأي جهة أو حزب أو فئة تحت أي عنوان وحصر السلاح بيد الشرعية”، موضحةً أن “أحدًا من القوى الخارجية لا يريد التصعيد في جنوب لبنان، والجميع يعمل على ضبط الوضع ووقف المواجهات والسير في اتجاه الحل السلمي عبر المفاوضات غير المباشرة والحوار”.
إلا أنها نبّهت، في المقابل، إلى أن “إذا قرر “حزب الله” الردّ على عملية “درع الشمال”، فإن من غير المُستبعد أن تُقدم إسرائيل على توجيه ضربة “موجعة” في المناطق الشيعية التي تُعد بيئة حاضنة للحزب، كما على كل المواقع التابعة له”.