كتبت كاتيا توا في “المستقبل”:
هو واحد من الضباط الذين وضعوا بتصرف قائد الجيش، الى حين البت بملفه القضائي، أما تهمته، فهي «الاستيلاء على مال الغير بالطرق الاحتيالية والأكاذيب وقبض مبالغ مالية منهم بقصد التأثير في مسلك السلطات».
يصف الضابط نفسه، وهو برتبة ملازم، بأنه كان «فاعل خير» لثمانية من ضحاياه، فدوره اقتصر في هذه المسألة على جمع طالبي الالتحاق بالمؤسسة العسكرية أو مؤسسة قوى الأمن أو الأمن العام، بـ«نافذين» في هذا المجال ومن الذين بـ«يطلع بإيدهم» أن يطوّعوا من يشاء، إنما مقابل مبالغ مالية بآلاف الدولارات.
هذه «المصلحة»، كما أسماها الضابط أثناء استجوابه الاربعاء أمام المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله وبحضور ممثلة النيابة العامة القاضية منى حنقير، اتقنها المدعى عليهما خ.ق. الملاحق غيابياً وم.م.، الأول «زلمي كتير بيحبّ الجيش»، والثاني يستطيع الوصول إلى أي كان من خلال «معلمو»، وفق أقوال الضابط الذي كان يضع نصف المبلغ المدفوع من طالبي الالتحاق في جيبه كـ«أمانة» إلى حين صدور النتائج. أما «التسعيرة» فكانت تراوح بين الأربعة آلاف والخمسة عشر ألف دولار، مع الأخذ «في الاعتبار» سنّ «المرشح»، ولهذه الحالة «تسعيرة» أخرى مرتفعة عن غيرها.
واجه الضابط «ضحاياه» أمس أمام المحكمة، فأكدوا جميعاً دفعهم مبالغ مالية له، ومنهم من استرد جزءاً منها، لأن من بينهم من دفع المال ليتبين عدم وجود أي دورة للالتحاق بالجيش، ومنهم من نجح بـ«شطارتو»، ولم يكن الضابط سوى «الوسيط» بين المدعى عليهم وبين خ.ق. وم.م. «ولم انتفع بشيء».
وباستجوابه، أفاد الضابط عن علاقته بالملاحق غيابياً خ.ق. بأنه كان يتردد إلى مدرسة القوات الخاصة حيث مركز الضابط، وكان على علاقة جيدة بمدير المدرسة ويقدم خدمات للمؤسسة «وبس تعاشروا تبين أنو زلمي بيحب الجيش كتير». ويتابع الضابط أنه في إحدى المرات وبعد الانتهاء من احتفال تخريج تقدم منه خ.ق. و«أسرّ إليه»، بأن «العقيد مبسوط منك»، وإذا أردت شيئاً «فأنا في الخدمة».
«أنا محبوب في محيطي وسيرتي جيدة والحمد لله» – يقول الضابط – الذي لفت الى أن جيرانه كانوا يطلبون منه مساعدتهم في تطويع أبنائهم. أما عن اعترافه الأولي حول طلبه من خ.ق. تطويع أحدهم مقابل خمسة آلاف دولار حيث أعطى الأخير ثلاثة آلاف من المبلغ وأبقى الالفين في حوزته، وتأكيده بأن ذلك الشخص نجح من دون مساعدة خ.غ. أجاب الضابط: «أنا لم احتفظ لنفسي بشيء ولم أطلب شيئا من الآخرين إنما كنت فاعل خير»، موضحاً أن ذلك الشخص نجح بالفعل ولم يساعده أحد، ما يعني «انو الزلمي ما خدمو». وأضاف الضابط أنه كان مجرد وسيط «من هيدا لهيدا»، و«أنا أخطأت في ذلك». وأشار الضابط الى أن خ.ق. طلب سلفة من المبلغ قبل صدور النتيجة، «وأنا صحيح ابقيت 200 دولار معي إنما أعدتها ولم أنتفع بشيء».
وأكد الضابط أنه قصد خ.ق. في منزله ولم يكن الأخير يعلم أن ذلك الشخص قد نجح «وسحب» منه مبلغ الثلاثة آلاف دولار.
«وتاني مرة شو قصة الأربعة آلاف دولار؟» – سأل رئيس المحكمة الضابط – فأجاب أن الخدمتين تزامنتا مع بعضهما وفي التحقيق استخدمت عبارات «طالبت» و«تقاضيت»، وهذا غير صحيح، وتابع يقول إن خ.ق. طلب 7 آلاف دولار لتطويع شخص في الأمن العام وتقاضى 4 وأبقى الضابط المبلغ الباقي معه الى حين صدور النتيجة، لكن ذلك الشخص «سقط» فتهرّب خ.ق. من إعادة المبلغ الذي قبضه «وبعد ضغوطات مني استعدته». وهل استعدت كامل المبلغ أجاب الضابط أن ما دفعه إثنان من الأشخاص «أبقيتهم معي كدين لأنني كنت بحاجة الى المبلغ بسبب وضع والدي الصحي آنذاك».
وعن ذلك الشخص الذي يبلغ من العمر 26 وأراد التطوع، فإن خ.ق. أبلغ الضابط أن له «تسعيرة أخرى»، بسبب عمره فطلب منه 8 آلاف دولار وبعد توسط الضابط لدى خ.ق. خفّض «التسعيرة» الى 6 وتبين حينها أنه لم يكن يوجد دورة للتطوع فأُعيد المال الى دافعه. وعند هذا الحد انقطعت علاقة الضابط مع خ.ق. «لانو سوّدلي وجهي».
وقال الضابط عن خ.ق. إنه «من المستحيل عدم تصديقه بعدما قدّم مساعدات عديدة للجيش»، وبسؤاله عن كيفية قبول المدعى عليه خ.ق. قبض المال فيما يقول عنه الضابط لأنه رجل «شهم وشريف»؟، قال الضابط:«أنا كنت أراه من ناحية أنه يقدم المساعدات لأهلي وجيراني وهو قال بانه يقدم المساعدات انما يفيد ويستفيد». اضاف عن خ.ق.انه كان يحمل 3 هواتف ويحضر بسيارة ذات زجاج قاتم و«يفوت ويطلع وما حدا بيتعاطا معو»، فضلاً عن أن علاقته كانت جيدة مع الضباط.
وبالانتقال الى علاقته بالمدعى عليه م.م. قال الضابط بأنه صديقه بعد أن عرّفه عليه أحد الأشخاص وكان صريحاً معه بأنه اي م.م.، يستطيع الوصول الى أي كان بواسطة «معلّمو»، وعندما استوضح منه الضابط عن هوية «معلّمه»، لم يفصح عنه. وفي تلك الفترة – يضيف الضابط – طلب المدعى عليه م.د. مساعدته في دورة رتيب اختصاص.
وهنا سأل رئيس المحكمة م.د. فأكد بأن الضابط طلب منه 10 آلاف دولار لتقديم «هدايا للعالم»، وأن «حالي ما بيمشي إلا هيك»، وقد«تعرفت عليه بالفان»، وقال المدعى عليه عن الضابط: «حكيو بيجذبك».
ورد الضابط على هذا الأمر نافياً، وقال إنه «صحيح تعرفت عليه في الفان إنما لم أطلب منه المال وقلت له الله يقدّرني لأساعدك». وعاد الضابط ليقول إن م.م. هو الذي طلب مبلغ العشرة آلاف و«ليس لي»، وأنه يريد في البدء نصفه «للمعلّم» وأن الخمسة آلاف الأخرى من المبلغ «بقيت معي كأمانة»، إنما ما حصل أن م.م. كان يكذب على الضابط ولم يعد له المبلغ ولا يزال له بذمته 11500 دولار. وهذه المسألة تكررت مع المدعى عليه م.ع.و. الذي أراد تطويع شقيقيه ودفع والده مبلغاً مماثلاً.
وجاء دور م.م. ليقول: «ما في جيش ولا شي»، إنما القضية تتعلق بسيارة اشتراها مني الضابط وهي من نوع مرسيدس لون جردوني وأراد أن أعيدها بعد أربعة أيام.. وأنه اشتراها بـ11 ألفاً وسعرها كان 15، وعندما أراد تسجيلها طلب منه الضابط المال. وتابع يقول بأنه هو الذي كشف القضية بعد أن تقدم بشكوى ضد الضابط ليتين ما قام به الأخير مع المدعى عليهم الآخرين.
وجاء رد الضابط على م.م. لينفي ذلك مشيراً الى أنه حوّل للمدعى عليه م.م. في إحدى المرات مبلغاً مالياً عبر إحدى شركات تحويل الأموال «عن ابن أحد المدعى عليه لتطويعه».
ولم ينفِ م.م. واقعة التحويل «إنما كانت من ضمن سعر السيارة»، موضحاً في الوقت نفسه أنه لا يوجد أوراق بيع بحوزته على أساس أن الضابط كان صادقاً معه، ليعود الأخير ويؤكد من جهته: «لا أساس لوجود السيارة التي يتحدث عنها».
وبسؤال الضابط كيف أنه وثق بالمدعى عليه م.م. ومن هو الأخير لإقناع ضابط بقدرته على تطويع أشخاص، أجاب بأن م.م. سبق له وأن طوّع أشخاصاً «وزلمي منّو جديد بالمصلحة».
وكذلك كانت حال خ.ي. الذي جاءه طالباً تطويعه في دورة لفرع المكافحة مقابل 6 آلاف دولار وفق «التسعيرة» التي حددها له م.م.
أما ب.س. فقال كان «حلمي أن أدخل إلى الجيش»، إنما «كانت التسعيرة الأعلى»، 15 ألف دولار مقابل ذلك، وسلم المبلغ الى الضابط في منزل الأخير الذي أبلغه بأنه سيضعه في المصرف الى حين صدور النتيجة. وأكد أ.ي. دفعه 9 آلاف دولار لإدخال ولديه الى الجيش والدرك كما قال، إنما أحدهما لم ينجح بعد 8 محاولات فاشلة وبعد أن باعت والدته قطعتين من الذهب، إنما عدل أحد إبنائه عن الالتحاق فأعاد إليه الضابط 4 آلاف ولم يرد الباقي.
وقررت المحكمة استدعاء عدد من الشهود وإرجاء الجلسة الى 13 شباط المقبل للاستماع الى إفاداتهم وللمرافعة والحكم.