بعد فشل الجولة الأخيرة من محادثات “أستانة” في التوصل الى اتفاق على آليات للمضي قدمًا في مسألة اللجنة الدستورية السورية، تحرّكت “المجموعة المصغّرة” حول سوريا، والتي تضم كلا من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ومصر والسعودية والأردن. فعقدت منذ الاثنين الماضي، سلسلة اجتماعات في واشنطن، برئاسة المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري، وحضور ممثلين عن الدول الاعضاء، اضافة الى وفد من هيئة التفاوض السورية المعارضة.
هذه المفاوضات تأتي بعد ان دعت “المجموعة المصغّرة” في أيلول الماضي، المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إلى تنظيم أول اجتماع للجنة صياغة الدستور السوري، وقد حددت موعدًا أقصاه 31 تشرين الأول الماضي لتنظيم اجتماع “يثبت التقدم الذي حققه” في هذا الملف. الا ان اي خرق على هذا الصعيد لم يسجّل وسط عدم إبداء النظام السوري اي تجاوب مع مساعي المبعوث الاممي، عشية استقالته من منصبه وتسلّم النرويجي غير بيدرسون المهمّة بحلول العام 2019.
وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن المجموعة تبحث كيفية الوصول الى تشكيل اللجنة الدستورية المنشودة والضرورية للمرحلة الانتقالية في سوريا اي لاجراء انتخابات نيابية تليها رئاسية. الا انها عرضت ايضا للتطورات الميدانية وأبرزها في ادلب وفي شرق الفرات. وقد قال جيفري في السياق “في ما يتعلق بإدلب ما زلنا نعتبر وجود منطقة لخفض التصعيد هناك شيئا جيدا، ونعتقد أنه (خفض التصعيد) قائم. وكل مناقشاتنا مع الأتراك، بل ومع الروس أيضا، تشير إلى أن الأمر كذلك بالفعل”. وفي تعليقه على تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي وصف خطوات الولايات المتحدة شرقي الفرات، بـ”اللعبة الخطيرة”، نفى الدبلوماسي الأميركي ذلك. وبحسب جيفري، فإن بلاده لا تزال متمسكة بدحر تنظيم “داعش” في هذه المنطقة، وإن واشنطن التي تبذل جهودها لتحقيق هذا الهدف، تتعاون أيضا مع “أصدقائها وحلفائها”.
واذ تشير الى ان المجموعة بحثت ايضا في ملف النازحين السوريين، وموقفُها في هذا الخصوص معروف حيث تعتبر ان الظروف غير مؤاتية بعد للعودة، وهي تربط هذه المسألة بتعاون النظام مع الجهود الاممية والدولية للتهدئة ميدانيا واطلاق قطار التسوية السياسية، وايضا بتجاوب روسيا مع مطلب إخراج المقاتلين الايرانيين من سوريا، تتحدث المصادر عن قناعة بدأت تترسّخ لدى المجموعة المصغرة بأن النظام لا يريد عودة النازحين، ويناسبه بقاؤهم حيث هم، لاعتبارات سياسية – مذهبية – ديموغرافية. ففيما ثلث الشعب السوري بات من النازحين، معظم هؤلاء من الطائفة السنية ومن معارضي النظام. وبالتالي تفضّل دمشق ان يبقى الواقع على ما هو، والا يعود النازحون الى سوريا، فيتم تخفيض عدد السوريين وترتفع نسبة الاقليات فيه وهي في معظمها من المؤيدة لنظام الرئيس بشار الاسد. وبحسب المصادر، فإن كل الكلام “الجميل” الذي يقوله مسؤولو النظام في شأن العودة، لا يعكس حقيقة موقف دمشق خاصة وانه لا يقترن بأي خطوات عملية على الارض تدل الى رغبة فعلية بعودة النازحين.
وكان السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي قال اليوم إن “سوريا تحتاج عودة ابنائها وفيها امان أكثر من دول اللجوء التي هم فيها اليوم. واذ رأى ان “العودة المتزايدة للنازحين السوريين مرشحة لان تكون أكبر”، اكد ان “التعاون بين لبنان وسوريا تفرضه مصلحة البلدين”.