لا تزال طريق القدس تمر في لبنان. لا فرق إن مرت من جونية في زمن أبو عمار أو إن مرت في نفق كفركلا في زمن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله. وفي هذا السياق أيضا ألصقت تهمة العمالة في زمن منظمة التحرير بقوى “الجبهة اللبنانية”، وفي زمن “حزب الله” تلصق تهمة العمالة بـ”القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” مع امتداد جديد يصل إلى تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي.
لبنان والقضية الفلسطينية مسيرة معاناة مستمرة منذ العام 1948، ولم يكن الجنوب اللبناني فقط مسرحا لها بل شملت كل لبنان ودفعت الدولة اللبنانية وجميع اللبنانيين الثمن بطريقة أو بأخرى جراء قضية لا يحمل وزرها من العرب سوى لبنان، تلك الدولة الضعيفة والمستضعفة.
في زمن منظمة التحرير كان الحديث عن عدم شرعية السلاح الفلسطيني وتدخله في الشؤون اللبنانية ضرباً من ضروب الخيانة التي تستوجب الإعدام، فمنطق أصحاب هذه النظرية يقول إن كل سلاح موجه ضد العدو الإسرائيلي يحق له أن يفعل ما يشاء على خطوط المواجهة من جهة، وفي خلفية هذه الخطوط من جهة ثانية بحجة حماية ظهره من عملاء الداخل كما يسمون.
في زمن منظمة التحرير استخدم السلاح ضد اللبنانيين أكثر مما استخدم ضد العدو الإسرائيلي، وكان عامل تخويف استغلته فئات لبنانية ضد فئات أخرى، فلا فرق بين إطلاق النار والتهديد بإطلاق النار لاسيما إذا كان في وجه مجموعة لا تملك القدرة على الرد بالمثل.
اليوم لم تعد منظمة التحرير الفلسطينية تنادي لا من لبنان ولا من الداخل الفلسطيني ولا من أي مكان آخر بتحرير فلسطين بالقوة، ورفعت المفاوضات شعارا بدلا من البندقية. ولكن هذه المنظمة لم تعد اللاعب الوحيد على ساحة القضية الفلسطينية، فحركة حماس تتبنى من قطاع غزة مشروع المقاومة المسلحة لاستعادة فلسطين، وكذلك “حزب الله” اللبناني المدعوم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتبنى العمل المسلح من لبنان لاستعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة مهما طال الزمن أو قصر.
لبنان إذا لا يزال هو المقر والممر وسيبقى طالما بقي قرار تحرير فلسطين من لبنان خارج صلاحيات الدولة اللبنانية وإجماع اللبنانيين الذين لا خيار أمامهم سوى انتظار الساعة الصفر لإطلاق المعركة.